الجمارك الجزائرية, بعد التفتح على التجارة العالمية…. واجهة تعكس مدى إمكانية مواكبة الرهانات والتحولات

الجمارك الجزائرية, بعد التفتح على التجارة العالمية…. واجهة تعكس مدى إمكانية مواكبة الرهانات والتحولات

شهدت الجزائر، منذ مطلع العشرية الجارية، تغييرا جذريا بالتوجه نحو الانفتاح على اقتصاد السوق وتحرير التجارة الخارجية، الأمر الذي جعلها تعيد النظر في تقنياتها وأساليب عملها ودرجة فعاليتها، فيما تمثل الحقوق والرسوم الجمركية مصدرا ماليا هاما لخزينة الدولة العمومية، إضافة إلى رقمنتها كي تواكب التطور الحاصل على المستوى العالمي.

 

قانون الجمارك الجديد

نحو رقمنة الإجراءات الجمركية

تم تحديد عدة آليات تتعلق بترقية رقمنة الإجراءات الجمركية ضمن قانون الجمارك الجديد الذي تم المصادقة عليه من قبل مجلس الحكومة، وسيترجم تطوير الرقمنة من خلال استحداث التصريح الإلكتروني والشباك الوحيد للمتعاملين الإقتصاديين، وهو ما يسمح بتسهيل الإجراءات والتقليص من أجال الجمركة، كما تم إعداد مخطط استراتيجي جديد للسنوات المقبلة، سيتم الكشف عن خطوطه العريضة من قبل المدير العام للجمارك اليوم بمناسبة اليوم العالمي للجمارك.

 

الرسوم الجمركية… مصدر هام للإيرادات الجزائرية

وتعتبر الجمارك مؤسسة من مؤسسات الدولة التي تسهر على تطبيق القوانين والتنظيمات، ومن أبرز مهامها، تحصيل الحقوق والرسوم الجمركية التي كانت ولا تزال تمثل نسبة معتبرة من إيرادات الدولة الجزائرية، وتمول هذه المبالغ كثيرا من المشاريع التنموية، وتساهم في ترقية المستوى المعيشي للمجتمع لتوفير متطلبات الحياة، خاصة في مجال توفير مناصب الشغل، ولذلك يتوجب على المواطنين المساهمة بقدر معين لتحقيق طموحات الدولة في التنمية عن طريق دفع هذه الحقوق والرسوم وتسهيل عمليات تحصيلها.

 

التهريب الجمركي…منازعات غامضة تكسوها السرية والكتمان

ومن الواضح أن عملا كعمل إدارة الجمارك، وعلى مستوى من الأهمية والحساسية، تتولد عنه لا محالة، نزاعات بين إدارة الجمارك والأشخاص وغالبا ما تكون هذه النزاعات معقدة، ما يستدعي في الكثير من الأحوال اللجوء إلى القضاء للبت فيها، وتشكل مختلف القواعد التي تحكم نشأة هذه النزاعات ومعالجتها، ما يسمى بالمنازعات الجمركية، التي يعد منطلقها مخالفة التشريع الجمركي وتأخذ هذه المخالفة صورا متنوعة نذكر منها التهريب الجمركي، الذي يمثل أشهرها، وإن كان لا يحتل أكثريتها العددية، ولذا فإن تناول موضوع المنازعات الجمركية بالدراسة، يقتضي بالضرورة الإشارة إلى ما تكتسيه هذه الجرائم من أهمية، فهي لا تزال من أبرز الجرائم غموضا لدى العامة والخاصة، بل وحتى الفقهاء بالقانون، إذ لم تحظ بالدراسة والبحث اللازمين، سواء على المستوى الوطني أو على المستوى العربي والعالمي.

 

أعوان الجمارك… رجال واقفون لضمان استقرار الاقتصاد الوطني

ولعل العمود الفقري في مؤسسة الجمارك، هم أولئك الرجال و النساء، الساهرون على تطبيق قوانين الدولة، من أجل اقتصاد نزيه و ضمان استقرار المعاملات التجارية في إطار منافسات شريفة وشرعية ،هذه الاعتبارات بكل أبعادها المتوخاة، تلقى على عاتق أعوان الدولة ممثلين في أعوان الجمارك، المضطلعين بهذه المهام، وفق إستراتيجية واضحة ومتكاملة المراحل، وذلك بالتنسيق بين أجهزة الدولة، ومن بين هؤلاء الذين أفنوا عمرهم في السهر على السير الحسن و المشرف للمعاملات التجارية الجزائرية،

وحماية الاقتصاد الوطني، (السيد حسين 56 سنة)، أخبرنا بأنه التحق بسلك الجمارك في سن جد مبكرة، وبعد اجتيازه للتربص الإجباري على مستوى مديرية الجمارك بالعاصمة، عام 1970، باشر عمله بهذا القطاع، معتبرا أنه شرف له أن يكون، واحدا من الساهرين على تحقيق الرقي و الازدهار للاقتصاد الوطني في ظل الاعتبارات القانونية، و النصوص التشريعية. إلى جانب السيد “حسين”، هناك الآلاف من الشباب، الراغبين في الانخراط ضمن هذا السلك الحساس في كيان الدولة، حيث تسجل المسابقة الأولية، التي تخصصها إدارة الجمارك سنويا، لاستقبال أعوان جدد، إقبالا كبيرا من طرف الشباب، من الذكور و الإناث، بغية المشاركة في بناء اقتصاد البلاد والانخراط فيها.

 

الجزائر… عضو في منظمة الجمارك العالمية منذ 1994

انضمت الجزائر إلى منظمة الجمارك العالمية في عام 1994، وتهدف هذه الأخيرة إلى تطوير شبكة تعاون جمركي عالمي، من خلال تعزيز التعاون بين الإدارات الجمركية في تسهيل التجارة المشروعة، وكذا زيادة مساهمة التجارة الدولية في النمو الاقتصادي وتحسين الثقة والقدرة على التنبؤ في ما يتعلق بحركة البضائع والناس وتعزيز التعاون مع القطاع التجاري والدوائر الحكومية عن طريق استحداث شراكات مفيدة.

 

افتقاد للإمكانات المادية والبشرية لمكافحة الجريمة الجمركية

لكن ما نلمسه واقعيا في الجزائر، هو النقص الكبير في الوسائل المادية والبشرية المخولة لمكافحة الإجرام الجمركي، خاصة في المناطق المعينة كنطاق جمركي، و هي المناطق البرية و البحرية، التي خصها المشرع الجزائري، بتنظيمات أكثر شدة نظرا لما تتسم به من خصوصيات جغرافية تجعلها مستهدفة من طرف محترفي النشاط الإجرامي، ويتحدد تطبيق هذه التشريعات والتنظيمات وفقا لأطر تم رسمها وتحديدها قانونا وبإشراك وسائل مادية وبشرية يتوخى فيها ملاءمة الأهداف المسطرة لذلك، وتحقيق النتائج المبتغاة عن طريق العمل المنسق والمتكامل مع مختلف الأجهزة والإدارات على المستوى المحلي أو الدولي.

لكننا كثيرا ما نسجل وجود أجهزة تفتقد إلى التكنولوجيات، ما يجعل منها لا تتناسب وحجم النشاط الإجرامي، الذي تعرفه منطقة ما، خاصة بالنسبة للمناطق الحدودية، التي تتميز بطول شريطها الحدودي.