تستفزني بؤرة التوه، فأفتح شرارة فكرتي عليها.. تصيبني بعض الانقباضات، أخاف على المارين على رصيف القلب من حرفٍ طائش بائس أو معنى فالت من عِقاله يُمسس بالجنون يخذلني ظلام رأسي أحيانا، أسقط أسيرَ غوايات الكلام ومفردات الأحلام الشائكة الشائعة في عيوني وهي كل أحلامي الجميلة …
أغوص، إني أغوص لأعماق بحرٍ منفرد شارد الموج وطائش الملوحة، أبحث عن غابة الأماني وذاك صديقها الوحيد الشلال السائح في دمع رواج طيف الحروف.. أرحل بعيدا في بحر يديك تطفئ أمواجك خدشات الروح المنهكة النبض… فينزل وحي دون وحي على وحيٍ متتالي الكلمات تصب جميعها في قالب القصة، ذو العنان ذاك البلبل يحاول التحليق وأجنحته المبللة تثقله وتثبته الى باطن جناح فراشة ملتوي حول نفسه يتشرنق، يعود إلى ما كان عليه إلى ما قبل التحليق إلى العتمة وتلك النقطة التي تقطع الأنفس و عليها يتوقف الكلام ويرجع القلم إلى أول السطر .
وماذا بعد، ها هنا ولادة حرف جديد في شوارع الليل الخاطفة، كان البرد مشتعلا و الظلام يفترس الأنفس.. ذاك الحرف مشرد دون جملة مفيدة، يتيم الكلمة يحن الى أحضان سطرٍ يحتويه ينثره على عبق الحب أو على لون وردة أو على عطر مسك يسلبه البؤس وينثره على همس قبلة أو كلمة طيبة.. يجلس وحيدا في آخر ركن الشارع الأيسر والجليد يتساقط من ثغر الشتاء يسلبه دفئ الأحلام، فيتخيل كل حركة على هيئة رعب وجزع طائش يفقس عين الأمل … هي هكذا الكلمات المكسورة تجر كل شيء بعدها إلى قواعد اللغة الأدبية الفنية تمارس طقوس المسرح ويتقمص الليل هيئة السؤال ويجيب المخرج ويدوّن، ويحفظ الممثلون الكلمات والمسرح مشهد لجميع التفاصيل وفي الاخير كلها نفس النهاية جميعها تنتهي بإسدال الستار وبعدها تعلو التصفيقات و الأصوات والهتافات وحتى الذي غاص في نوم عميق ولم ينهِ أحداث القصة يفيق ويديه تصفقان لنهاية لم يجتمع بها ويبتسم، بكل ثقة يقف ويقول الله ما أجمل هذه المسرحية هنيئا لنا بك سيدي المخرج الكاتب أنت حقا أسطورة لا تعاد … أنت الأفضل وأنت الأجدر بكتابة مسلسل الحياة …
بقلم: محمد الشريف/ قسنطينة