تحيي الحماية المدنية الجزائرية يومها العالمي هذه السنة في ظروف خاصة، أوجدها الزلزال العنيف الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا، وقد سجلت الحماية المدنية الجزائرية حضورا بارزا في عمليات الإنقاذ، حيث تحصلت فرقها المتواجدة بكل من سوريا وتركيا، على المرتبة الأولى من حيث عدد الأشخاص الذين تم العثور عليهم في جميع عمليات الإنقاذ.
بمجرد حدوث الزلزال، وإطلاق الرئيسين التركي والسوري نداء الاستغاثة، وكالعادة كانت الجزائر أول من لبى نداء الاستغاثة الذي أطلقه الرئيسان رجب طيب أردوغان وبشار الأسد، ولم يكتفِ الرئيس عبد المجيد تبون بعبارات المواساة والتضامن مع الشعبين الشقيقين، خلال حديثه مع نظيريه التركي والسوري، بل سارع لأن يكون أفراد الحماية المدنية الجزائرية، بمكان الكارثة لتخفيف الأضرار وإنقاذ من كتب لهم الله حياة جديدة.
176 عونا من مختلف الرتب في سوريا وتركيا
أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بإرسال فريق من الحماية المدنية لمساعدة الأشقاء في سوريا، وفرقة أخرى إلى تركيا، وبالفعل توجه فريق مكون من 86 عونا بمختلف الرتب، حيث وصل مدينة حلب في الساعة الحادية عشر و15 دقيقة، وقبله بساعات كانت فرقة مكونة من 89 عونا، قد وصلت تركيا، لمباشرة عملية الانقاذ، وبمجرد وصول أبطال الجزائر، اجتمعوا مع السلطات المحلية، من أجل رسم خريطة طريق للانطلاق في العمل، ليتوجهوا بعد ذلك مباشرة إلى المناطق المنكوبة، وتتكون فرقتا الحماية المدنية الجزائرية، من الفرق المعنية بالإنقاذ والبحث وعلى رأسها “السين وتقنية” المعززة بالكلاب المدربة، أطباء وأخصائيين نفسانيين وأعوان شبه طبيين وفرقة مختصة في المواد الكيماوية..
الحماية المدنية الجزائرية.. احترافية بالغة
رغم أن فريق الحماية المدنية المتواجد بسوريا، وجد كل التسهيلات من الأشقاء في سوريا، حيث قدموا لرجال الإنقاذ الجزائريين، كل المعلومات حول المنطقة المتضررة، إلا أن قائد الفريق الجزائري طلب من السلطات المحلية في سوريا، ألا تتحمل أي أعباء، مؤكدا أن الفريق الجزائري يتمتع باستقلالية في الأكل والشرب والمبيت وحتى الغاز والكهرباء، وله ما يكفيه لمدة 10 أيام كاملة، وهذا ما يؤكد احترافية أعوان الحماية المدنية الجزائرية، الذين لا يريدون أن يكونوا عالة على دولة منكوبة.
ورغم هول الكارثة إلا أنّ أبطال الجزائر واصلوا العمل بكل احترافية ومسؤولية، وهذا ما جعل محافظ مدينة حلب يقوم بزيارتهم وشكرهم على المجهودات الكبيرة التي قاموا بها، خاصة أنّ فريق الحماية المدنية الجزائرية يعتمد على تقنيات ووسائل وفق المعايير الدولية التي تشترطها المجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ، ويملك شارة دولية من منظمة الأمم المتحدة.
إشادة كبيرة عالمية بجهود الإغاثة الجزائرية
تهاطلت طيلة الأيام الماضية التعليقات على صفحة المديرية العامة للحماية المدنية، التي وفور إنزالها أي منشور حول الموضوع، إلا وتطرح أسئلة بخصوص سوريا الجريحة، خاصة وأن أولى مساعدات الإنقاذ كانت باتجاه تركيا، وهو ما يدل على أن المعلقين ظلوا يعبرون عن إصرارهم للوقوف مع إخوانهم في محنتهم هذه، والأجمل في التعليقات هي ردود مصالح الحماية المدنية عن كل استفسارات المواطنين.
تغريدات عديدة لكتاب وإعلاميين، تشيد بتدخلات الجزائر، معتبرين أن أول فريق إنقاذ وصل إلى سوريا بعد الزلزال ومحملا بالمساعدات كان قادما من الجزائر شأن الفلسطيني عبد الباري عطوان الذي شكر الجزائر حكومة وشعبا قائلا: “قوم يفعل دون أن يقول.. شكرا للجزائر”، تناقلتها العديد من الشخصيات والصفحات.
من جهتها نشرت، صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، مقالا تشيد فيه بجهود الحماية المدنية الجزائرية التي تشارك في عمليات الإنقاذ، فقد وصف مراسلها من منطقة آديامان التركية أفراد الحماية المدنية بالأبطال “في هذه المدينة بعدما نجحوا في إخراج طفلين من تحت حطام مبنى يقع في شارع تحول إلى أطلال”.
وأضافت الصحيفة أن إنجاز فريق الإنقاذ الجزائري كان مميزا في الوقت الذي بدأ فيه اليأس يتسلل إلى النفوس من سماع أخبار جيدة تتعلق بناجين على قيد الحياة.
وأضاف مراسل “واشنطن بوست” أن عملية الإنقاذ تعلقت بطفلة تبلغ من العمر حوالي 7 سنوات وطفل أصغر منها تم تحويلهما إلى المستشفى.
وأرفق التقرير المطول بصور لعملية الإنقاذ التي نفذها فريق الحماية المدنية الجزائري، بالإضافة إلى صورة أخرى لمركز قيادة الفريق ذاته وهم في سباق مع الوقت لتنفيذ عمليات إنقاذ أخرى.
العون علي فارس.. البطل الذي أبهر العالم بإنسانيته
“يا نعيش معاه يا نموت معاه”، هكذا كان قرار علي فارس، عون الحماية المدنية الجزائرية، بعد شروعه في عملية إنقاذ الطفل التركي الذي كان تحت الركام.
وعاد فارس إلى أرض الوطن رفقة زملائه بعد انتهاء مهمتهم الإنسانية في إنقاذ ضحايا زلزال تركيا، بعد نجاحهم في مهامهم واحتلالهم ريادة فرق الإنقاذ العالمية.
وكشف بطل الحماية الجزائرية في فيديو نشرته الحماية المدنية الجزائرية عبر صفحتها الرسمية على موقع فايسبوك، تفاصيل إنقاذه للطفل التركي، رغم المخاطر التي كانت تحيط به.
وقال فارس: “إن عملية إنقاذ الطفل التركي كانت صعبة وخطيرة، خاصة أن المكان كان عبارة عن مغارة، وكان جسمي يسمح لي أن أدخلها، وإصراري على إنقاذ الطفل دفعني لتجاهل الصعوبات”.
وتابع “الفارس الجزائري” رواية قصة إنقاذه الطفل التركي ”المهمة كانت صعبة للغاية في ظل الظروف التي أحدثها الزلزال، والمناظر التي عشناها صعبة جدا وسط أمهات يبكين ويطلبن يد العون، لإيجاد أهاليهن المفقودين. كنا فعلا تحت ضغط كبير”.
وأوضح المنقذ الذي صنع الحدث على مواقع التواصل الاجتماعي: “رغم صعوبة المهمة، لكن الحمد لله قيادتنا متساهلة معنا وقدمت لنا يد العون، ودفعتنا للمثابرة وإتمام المهمة”.
وأضاف فارس والدموع تنهمر من عينيه، “الطفل كان متمسكا بعنقي ويبكي بشدة، فأعطيته “السيروم” ليشربه بلهفة، بسبب ظمأه الشديد”.
وختم أن منظر الطفل كان يدمي القلب لأنه كان متمسكا بوالدته المتوفية، احتضنته وقلت له: ”وليدي ما تخافش راني معاك”. وبمجرد إنقاذ الطفل عبر عن إحساسه كأنه وُلد من جديد.
لمياء. ب