الخاطرة.. النوع الأدبي الذي لن يزول

 تشترك الخاطرة في كونها واحدة من الأنواع الأدبية القريبة إلى القلوب، خاصة إلى قلوب الشباب، على اعتبار أنها وسيلة يعبرون من خلالها عن كل ما يجول بخاطرهم، وما يكتنفهم  من مشاعر قوية  عصفت بهم في ظروف أقل ما يقال عنها، إنها ظروف استثنائية …

 

الخاطرة، مؤنث الخاطر، وهي تعني النفس أو القلب، وسميت بالخاطرة لاضطراب خاطر الإنسان حين سماعه لبعض الأخبار  أو لرؤيته لمواقف أحدثت في نفسه وقعا مفرحا أو أليما، ليسارع من يحسن التعبير إلى حمل الورقة والقلم ليدون به وعليها كل تلك المشاعر التي أحس بها قوية على شاكلة نثر أدبي، تصاغ كلماته ببلاغة مزين بمحسنات بديعية تزيد الخاطرة جمالا ورونقا يستلذ به القارئ.

رغم التطور التكنولوجي ..الخاطرة تحتفظ بمكانها

يستعمل الشباب عامة بما فيهم الشباب الجزائري، الخاطرة كأداة لترجمة ما يختلج الفكر والوجدان معا من مشاعر كثيرة وإن اختلفت، هذه  الأحاسيس التي  يريد لها هؤلاء الشباب  أن ترى النور، وما من طريقة هناك أنجع إلا أن يدونوها على ورقة بخط أيديهم وبجرح القلب أو تألمه.

وبما أن المشاعر والأحاسيس تختلف من شخص لآخر، فقد استدعى الأمر  ضرورة أن تكون للخاطرة أنواع وأشكال حتى يسهل على الكاتب أن يجد ضالته في تفريغ حمله.

فمن أنواع الخاطرة نجد: الخاطرة الرومانسية والتي تعنى بما يمر به الإنسان في مواقف الحب، الخاطرة الإنسانية وهي التي تحمل كل قيم الإنسانية الجميلة، الخاطرة الوجدانية وهي التي تقوم بوصف الحالة الداخلية للكاتب أو نظرته لشيء ما، وأخيرا، الخاطرة الإجتماعية ذات العلاقة بنقل كل ما يمر من مواقف في محيط الكاتب في جميع ميادين الحياة…و بالرغم من أن الخاطرة تختلف في أنواعها إلا أنها تشترك في كونها ملاذا لكل من يبحث عن راحته.

الورقة والقلم  عوض البوح بالأسرار والمشاعر

لمعرفة  حال الخاطرة اليوم خاصة بين الشباب الجزائري، نزلت “الموعد اليومي” إلى بعض من جامعات العاصمة، حيث التقت بعضا من الطلبة الذي كانت لهم أراؤهم الخاصة بهم، حول الخاطرة، فكانت البداية مع خديجة 21 سنة طالبة بقسم الصيدلة.

تقول خديجة عن الخاطرة، إنها وسيلة للتعبير عن كل ما ينتابها من مشاعر؛ الحزينة أو المفرحة، لتضيف بأنها تستحي من نقل مشاعرها إلى صديقاتها، لذا لا تجد أمامها غير الورقة والقلم لتدوين ما انتاباها من مواقف عجزت عن البوح بها باللسان.

خالد، طالب بكلية العلوم السياسية والإعلام، قسم إعلام واتصال، قال عن الخواطر بأنها بالنسبة إليه ملاذ ليس له حدود، حيث، يحب خالد ليس فقط كتابة الخاطرة، ولكن أيضا قراءتها على اعتبار أنه يجد نفسه فيها خاصة الخاطرة الأدبية التي تعد من أقرب أنواع الخاطرة إلى قلبه.

أما نسيمة، سنة رابعة فلسفة بجامعة الجزائر 2، تقول إنها لم تكتب يوما خاطرة أو أي نوع أدبي من الأنواع المعروفة، غير أنها تقرأ وتستمتع بكل ما تكتبه صديقاتها وزملاؤها في الجامعة، مشيرة بأن هناك من ينظر إلى الخاطرة على أنها سخرية لمشاعر سخيفة لأشخاص يصفونهم بالبهلوان، ونوهت نسيمة إلى أن مثل هذه الكتابات قليل من يفهمها ومن يجيدها حتى، فيكفي أنها تنقل لقارئها مشاعر جميلة خرجت من قلب حساس.

رغم ما يقال…ستبقى هي

رغم  كون الخاطرة نوعا أدبيا لا يعطى ملكوتها لجميع الناس، على اعتبار أنها موهبة ربانية يعمل الشخص الموهوب على تطويرها بالمطالعة تارة وبإشعال  خياله تارة أخرى، حتى تخرج في نهايتها على شكلها الذي يأخذ بعقل كل محب لقراءتها إلى عالم المدون ذاته، إلا أن هذا لا يمنع عنها ولم يشفع لها حتى تلك الأوصاف التي ينعتها بها أناس يجهلون قيمتها في الوجدان وفي الحضور الأدبي، إلا أن هذا لن يقف حاجزا أو عائقا أمامها في مواصلة تحقيق ذاتها، خاصة وأن مجتمعاتنا اليوم أكثر ما تحتاجه قلم صادق من أجل إيصال رسائل هادفة  وصادقة حتى تعمل على إيقاظ أحاسيس القلب والمشاعر والوجدان في عالم أكثر ما يعترف به “الماديات”.