كشفت دراسة أجرتها إحدى المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، أن الأنظمة التعليمية عموما تستبعد بعض التلاميذ بسبب الإعاقة، في حين يُرسل آخرون إلى مدارس خاصة لمعالجة إعاقة معينة، وعادة ما يكون ذلك في إطار نظام تعليمي خاص يفصلهم عن غيرهم من التلاميذ.
وهو ما دفع المختصين في المجال لإيجاد طريقة تسمح للطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بالتأقلم والاندماج مع المحيط، فظهر مفهوم الدمج في التعليم، الذي يُعَد من المفاهيم الحديثة والمهمة في العصر الحالي، ويسعى لتحقيق التعليم الشامل والمتكامل لجميع الأطفال دون استثناء.
ما هو الدمج؟
مصطلح الدمج في الميدان التعليمي يعني إدخال التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة في الأقسام التربوية مع التلاميذ العاديين، على أن يوفر لهم الدعم والخدمات اللازمة لتمكينهم من تحقيق التعليم مثل بقية الأطفال العاديين حسب “يونيسيف”.
كما يهدف “الدمج” إلى المحافظة على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص لمنح الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة التعليم المناسب في المدارس العادية وضمن بيئة مدرسية آمنة وفاعلة وإيجابية تحقق لهم تطوير المعرفة والقدرة على التعامل مع المواد الدراسية بطريقة تناسب قدراتهم واحتياجاتهم، والوصول بالتالي إلى مستوى من التكيف النفسي والاجتماعي المناسب لضمان استمراريتهم في المدارس العادية.
أهم عوامل المساعدة في الدمج
يقول المختصون إن التشخيص المبكر لمعظم حالات الأطفال، الذين لديهم صعوبات في التعلم، حيث يمكن التعرف عليهم وتحديد السمات والخصائص السلوكية والتربوية لهم في أعمار مبكرة، خاصة في مرحلة الروضة والمراحل الأساسية الابتدائية، وهو ما جعل العديد من المؤسسات والمنظمات الحقوقية والتعليمية تعمل على تطوير المفاهيم المتعلقة بدمج هؤلاء الطلبة، والسعي لتحقيق مفهوم المدرسة الشاملة التي لديها القدرة الفعلية على استيعاب الفروق الفردية بين الطلبة، وتلبية احتياجاتهم ضمن بيئة مدرسية محفزة ومشجعة تعمل على تطوير مهاراتهم، وتقدم لهم كافة التسهيلات التي يحتاجونها لاستكمال مراحل الدراسة في المدارس العادية وضمن قدراتهم المتفاوتة.
“الدمج” المبكر يساعد على التقبل
ويساعد اندماج الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة في مراحل مبكرة ابتداءً من مرحلة ما قبل التمدرس، بشكل كبير على تقبل أقرانهم لهم ضمن الصفوف العادية، كما أن تلبية احتياجاتهم وتنمية قدراتهم ومنحهم الفرص الكافية للتفاعل والتواصل والتعلّم عوامل تزيد فرص التقبل لدى أقرانهم، ويصبح زملاؤهم بمثابة الأصدقاء الداعمين أو المساندين لهؤلاء الطلبة.
معرفة مظاهر الاختلاف والتعايش معها
يرى المختصون النفسيون أنه من المهم تعليم الطلاب مهارات التواصل الاجتماعي والاندماج في المجتمع ومعرفة مظاهر الاختلاف والتعايش معها، وتدريبهم على طرق التخلص من ظاهرة التنمر وبناء الثقة والاحترام وتقبل الآخر مهما كان اختلافه.
هذا، ويشدد المختصون على ضرورة أن يحث المرشد التربوي وولي الأمر الطالب العادي على تقبل زميله من ذوي الإعاقة في صفه، وعدم تغذية الإحساس بالنقص لديه عن الطلاب العاديين، حتى يشعر بأهميته.
هذا، ويولي أولياء أمور الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، أهمية كبيرة لدمج أطفالهم مع أقرانهم في المدارس العادية، نظرا لأهمية التواجد بالمدرسة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، كباقي الأطفال العاديين.
من جهتهم، يرى المختصون الاجتماعيون أن الدمج وتقبل الآخر يرتبطان أيضًا بطبيعة تنشئة وتربية الطفل، بغض النظر عن المجال التعليمي لأن مجالات الحياة أوسع من أن تنحصر في المحيط المدرسي.
ق. م