الرئيس تبون يؤكد في حوار لجريدة “لوبينيون” الفرنسية: همنا الوحيد هو إقامة دولة فلسطينية.. دعم فرنسا للخطة المغربية خطأ فادح

الرئيس تبون يؤكد في حوار لجريدة “لوبينيون” الفرنسية: همنا الوحيد هو إقامة دولة فلسطينية.. دعم فرنسا للخطة المغربية خطأ فادح
  • الجزائر تمكنت من جعل 143 دولة من الأمم المتحدة تعترف بفلسطين كعضو كامل العضوية

  • التعويضات عن التفجيرات النووية من طرف فرنسا مسألة ضرورية لاستئناف التعاون الثنائي

  • التصريحات العدائية للساسة الفرنسيين خلقت جوا مسموما أدى إلى تدهور العلاقات


 

أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن دعم فرنسا لما يسمى “خطة الحكم الذاتي” المغربية في الصحراء الغربية يعد خطأ فادحا، مذكرا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتزامات بلاده، باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن مبرزا أن التعويضات المتعلقة بالتفجيرات النووية من طرف فرنسا في جنوب الجزائر مسألة ضرورية لاستئناف التعاون الثنائي، كما جدد التأكيد أنه لا ينوي البقاء في السلطة بعد انتهاء عهدته الثانية وأنه سيحترم الدستور، ملتزما بترك بنية تحتية جديدة وورشات كبرى وإصلاح للنظام السياسي.

وقال رئيس الجمهورية في حديثه لجريدة “لوبينيون” الفرنسية: “تحدثنا مع الرئيس ماكرون لأكثر من ساعتين ونصف على هامش قمة مجموعة السبع في باري، في 13 يونيو الماضي. لقد أعلمني حينها بأنه سيقوم بخطوة للاعتراف بمغربية الصحراء الغربية، وهو ما كنا نعلمه مسبقا. فحذرته قائلا: إنكم ترتكبون خطأ فادحا لن تجنوا شيئا من ذلك، بل ستخسروننا، مضيفا “أنتم تنسون أنكم عضو دائم في مجلس الأمن، أي عضو يحمي الشرعية الدولية”. وأكد رئيس الجمهورية، أن النزاع في الصحراء الغربية هو مسألة تصفية استعمار بالنسبة للأمم المتحدة لم يتم حلها بعد، مذكرا بأن استقلال الجزائر تحقق بعد مئة وثلاثين عاما من الكفاح. وأوضح، في هذا السياق، أن محكمة العدل الدولية أكدت في رأي استشاري صادر عام 1975 أنه لا يوجد أي رابط وصاية بين الصحراء الغربية والمغرب، عدا علاقات اقتصادية وأن القضاء الأوروبي بدوره يعترف تدريجيا بحقوق الصحراويين، كما أكد رئيس الجمهورية أن الجزائر في موقع رد الفعل تجاه المغرب وكأن الأمر يتعلق بلعبة شطرنج، حيث نضطر للرد على أعمال نعتبرها عدائية وذكر بأن المغرب كان أول من حاول المساس بالوحدة الترابية للجزائر من خلال الاعتداء الذي قام به عام 1963 تسعة أشهر بعد الاستقلال، وهو الاعتداء الذي خلف سقوط 850 شهيدا. وفي ذات السياق، أعرب رئيس الجمهورية عن أسفه حيال المساعي التوسعية التي لطالما راودت المغرب، مستدلا على ذلك باعترافه المتأخر بموريتانيا، وأضاف لم يعترف المغرب بموريتانيا إلا سنة 1972، أي بعد اثني عشر عاما من استقلالها، كما أشار إلى أن السلطات المغربية هي من فرضت التأشيرة على الرعايا الجزائريين سنة 1994 بعد اعتداءات مراكش وأردف قائلا: “لقد منعناهم مؤخرا من التحليق في مجالنا الجوي لأنهم يجرون عمليات عسكرية مشتركة مع الجيش الإسرائيلي على حدودنا، وهو ما يتنافى مع سياسة حسن الجوار التي حاولنا دائما الحفاظ عليها مضيفا ان الشعب المغربي شعب شقيق، ولا نتمنى له سوى الأفضل.

 

التصريحات العدائية لسياسيين فرنسيين خلقت مناخا ساما أدى إلى تدهور العلاقات

كما أبرز الرئيس تبون، أن التصريحات التي أدلى بها الساسة الفرنسيون ضد الجزائر قد خلقت مناخا ساما أدى إلى تدهور العلاقات الجزائرية-الفرنسية ونحن نضيع الوقت مع الرئيس ماكرون وقد كانت لنا آمال كبيرة في تجاوز الخلافات المتعلقة بالذاكرة ولهذا السبب أنشأنا، بمبادرة مني، لجنة مشتركة لكتابة هذا التاريخ الذي لا يزال يشكل مصدر ألم لنا، وأضاف قائلا: “قصد جعل هذا الملف غير مسيس، استقبلت مرتين المؤرخ بنجامين ستورا، الذي أكن له خالص التقدير ويقوم بعمل جاد رفقة زملائه الفرنسيين والجزائريين استنادا إلى مختلف الأرشيفات رغم أنني أأسف لعدم التعمق بما فيه الكفاية في الأمور. كما ذكر رئيس الجمهورية، أنه وضع خريطة طريق طموحة بعد زيارة الرئيس ماكرون في أوت 2022، التي تلتها زيارة إليزابيث بورن، الوزيرة الأولى آنذاك، التي وصفها بالمرأة الكفؤة التي تتحكم في ملفاتها، مضيفا: “لكن لم يتم إحراز أي تقدم باستثناء العلاقات التجارية”. وفي هذا الصدد، أكد أن الحوار السياسي شبه منقطع، مشيرا إلى التصريحات العدائية التي يدلي بها سياسيون فرنسيون يوميا، مبرزا أن هؤلاء الأشخاص يطمحون يوما ما إلى حكم فرنسا شخصيا، أميز بين غالبية الفرنسيين وأقلية من قواها الرجعية، ولن أسيء أبدا إلى بلدكم. في نفس السياق، تساءل رئيس الجمهورية عن الطريقة التي ستتصرف بها السيدة لوبان إذا وصلت إلى السلطة هل ترغب في تنفيذ عملية شبيهة بحملة “فيل ديف” هل تنوي تجميع جميع الجزائريين قبل ترحيلهم؟ وعند سؤاله عن استعداده لاستئناف الحوار بشرط وجود تصريحات سياسية قوية، أجاب رئيس الجمهورية: “بالطبع، لست من ينبغي عليه الإدلاء بها. بالنسبة لي، الجمهورية الفرنسية أولا وقبل كل شيء هي رئيسها، كما أفصح رئيس الجمهورية قائلا: “هناك مثقفون وسياسيون نحترمهم في فرنسا أمثال جان بيير شوفنمان، جان بيير رافاران وسيغولين رويال ودومينيك دو فيلبان، الذي يحظى بسمعة طيبة في جميع أنحاء العالم العربي، لأنه يعكس نوعا ما صورة فرنسا التي كان لها وزنها، مضيفا أنه يجب أيضا أن ي سمح لهم بالتعبير عن آرائهم. ولا ينبغي السماح لأولئك الذين يزعمون أنهم صحفيون بمقاطعتهم وإهانتهم، خصوصا في وسائل الإعلام التابعة لفانسان بولوريه، التي يبدو أن مهمتها اليومية تتمثل في تشويه صورة الجزائر. من جهة أخرى، وردا على سؤال حول انتقاد عدة شخصيات سياسية فرنسية لاتفاقيات 1968، اعتبر رئيس الجمهورية أن الأمر يتعلق بقضية مبدأ وتساءل في هذا الصدد: “لا يمكنني أن أساير كل النزوات. لماذا نلغي هذا النص الذي تمت مراجعته في 1985 و1994 و2001”. وأوضح في هذا السياق، أن بعض السياسيين يتخذون من التشكيك في هذه الاتفاقيات ذريعة للتهجم على اتفاقيات إيفيان التي نظمت علاقاتنا في نهاية الحرب. فاتفاقيات 1968 ليست سوى قوقعة فارغة لحشد المتطرفين، كما كان الحال في زمن بيير بوجاد. وبشأن “تأثير الجزائر على مستوى مسجد باريس الكبير، أشار رئيس الجمهورية إلى أن “الدولة الجزائرية لم ترغب في ترك جمعيات مشبوهة تتغلغل في المسجد الكبير، وكانت دائما تتكفل بصيانته، كما ذكر أنه عندما كان وزيرا للاتصال والثقافة، كان قد أقر هذه المساعدات التي تستخدم خصوصا في ترميم المباني، موضحا أن فرنسا الرسمية لم تبد أي اعتراض وكانت تلبي الدعوات التي يوجهها عميد المسجد بانتظام. كما أكد رئيس الجمهورية، أن التعويضات المتعلقة بالتفجيرات النووية وباستخدام الأسلحة الكيميائية من طرف فرنسا في جنوب الجزائر مسألة ضرورية لاستئناف التعاون الثنائي، داعيا إلى تسوية نهائية لهذه الخلافات، مذكرا أنه كان  بإمكاننا القيام بذلك مع الأمريكيين أو الروسيين أو الإندونيسيين أو الصينيين، لكن نرى أن الجزائر يجب أن تقوم بذلك مع فرنسا التي يجب أن تخبرنا بدقة عن المناطق التي أجرت فيها هذه التجارب وأين دفنت المواد. وبعدما ذكر بأنه بدأ مسيرته المهنية في ولاية بشار، أشار رئيس الجمهورية إلى أنه في بداية السبعينات، كنا نتلقى تقريبا كل أسبوع شكاوى من مربي المواشي حول نفوق ماشيتهم، مشددا على ضرورة عدم تجاهل الملف وتسوية هذه الخلافات بشكل نهائي.

 

همنا الوحيد هو إقامة دولة فلسطينية

من جهة أخرى، أوضح رئيس الجمهورية، أن هم الجزائر الوحيد هو إقامة دولة فلسطينية، مشددا على أن الجزائر ستقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في اليوم الذي يتم فيه إنشاء دولة فلسطينية، مشددا على أن همنا الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية. وأشار في السياق ذاته، إلى أن الجزائر تمكنت من جعل 143 دولة من الأمم المتحدة تعترف بفلسطين كعضو كامل العضوية.

 

أوكرانيا لم تستجيب لوساطة الجزائر لحل النزاع مع روسيا

وفيما يتعلق بسوريا، ذكر رئيس الجمهورية أنه سعى، خلال قمة جامعة الدول العربية في الجزائر عام 2022، إلى إعادة سوريا إلى المنظمة. واستطرد يقول إن دولتين فقط عارضتا ذلك، بينما تمت دعوة الرئيس بشار الأسد إلى القمة الموالية في الرياض، ليس هناك دائما تضامن في العالم الشرقي أما نحن، فقد كنا نتحدث مع الرئيس السوري السابق، لكننا كنا حازمين معه، فلم نقبل أبدا المجازر المرتكبة ضد شعبه. وفي رده على سؤال بخصوص موقف الجزائر من النزاع بين روسيا وأوكرانيا، أشار رئيس الجمهورية إلى ازدواجية المعايير التي تتبعها بعض الدول. وأشار إلى أن “الجزائر واضحة، ومن الصعب عليها فهم ازدواجية المعايير”، متسائلا باستغراب: “يتم إدانة التدخل في أوكرانيا، بينما ينبغي الصمت في ضم الجولان والصحراء الغربية”. وكشف السيد تبون قائلا: عندما زرت فلاديمير بوتين في روسيا في جوان 2023، طلب مني إيمانويل ماكرون أن أرى إذا كان بوسعي القيام بشيء ما من أجل السلام. وقد أعطاني الرئيس الروسي أيضا الضوء الأخضر، حيث كان مستعدا للحوار، لكن فولوديمير زيلينسكي لم يستجب. وفيما يتعلق بالأوضاع في منطقة الساحل، أعرب رئيس الجمهورية عن أسفه كون دول الساحل، على غرار العديد من البلدان الإفريقية الأخرى، لم تتمكن من بناء مؤسسات قوية وأكثر صمودا. أما بشأن مالي، فقد أشار إلى أن الجزائر كانت بصدد وضع مخطط للتنمية في شمال البلاد وكانت على استعداد لتمويله بقيمة تصل إلى مئات ملايين الدولارات كما أضاف أنها كانت مستعدة لجمع الموقعين على اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر، الذي قامت باماكو بوقف العمل به العام الماضي، مؤكدا أن الجزائر لا تسعى إلى وضع مالي تحت إدارتها إذ نعتبره بلدا شقيقا، وسنمد له يد العون دائما. من جهة أخرى، عبر رئيس الجمهورية عن دعمه لنظيره التونسي قيس سعيد الذي أعاد الأمور إلى زمامها من خلال استعادة النظام الرئاسي الذي شهدته تونس منذ استقلالها وأردف بالقول: “تونس ليس لديها مشاكل كبيرة ما عدا الديون والنمو الضعيف ونحن نساعدها بقدر ما نستطيع لأنها نعم الجارة وكابدت ويلات قصف الطيران الاستعماري لأنها ساندت حرب التحرير الجزائرية، مؤكدا أنه بلد يستحق الدعم حتى يتمكن من تجاوز هذا الظرف الصعب”. ولدى تطرقه للعلاقات مع الصين، أكد رئيس الجمهورية قائلا: “تجمعنا صداقة ضاربة في عمق التاريخ”. وبخصوص العلاقات الجزائرية-الإيطالية، أوضح رئيس الجمهورية أنه بخلاف اليمين المتطرف الفرنسي، لدينا علاقات ممتازة مع اليمين المتطرف الإيطالي، خاصة وأننا ليس لدينا أي خلاف، سواء تعلق بالذاكرة أو غير ذلك، إذ كانت إيطاليا على الدوام شريكا موثوقا للغاية. وفيما يخص العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، اعتبر رئيس الجمهورية أنها ظلت جيدة مع جميع الرؤساء الأمريكيين، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين، مذكرا عندما تم انتخابي في 2019، أرسل لي دونالد ترامب برقية لتهنئتي بعد ساعات من إعلان النتائج، في حين أن الرئيس ماكرون استغرق أربعة أيام ليقول إنه سجل انتخابي ونحن لن ننسى أبدا أن الولايات المتحدة هي التي عرضت المسألة الجزائرية على الأمم المتحدة.

 

الجزائر ستصبح بلدا ناشئا ولا تحتاج للمساعدات الفرنسية

كما أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن الجزائر ستصبح بلدا ناشئا بمستوى دول جنوب أوروبا، على الأرجح خلال عامين، مشددا على أن البلاد ليست بحاجة إلى المساعدات الفرنسية الخاصة بالتنمية والتي لا تخدم سوى مصالح فرنسا فهدفنا يتمثل في تصنيع أكبر عدد ممكن من المنتجات محليا وسنصبح من بين أكبر الدول المصدرة للفوسفات ومشتقاته كما سنعمل على تطوير الطاقة الشمسية وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو مورد جديد سيعزز جاذبية الجزائر الصناعية. وأوضح رئيس الجمهورية، أن هذه الاستراتيجية ستمكننا أيضا من زيادة قدرتنا على تزويد أوروبا بالطاقة، مشيرا إلى أن الجزائر تعمل كذلك على تعزيز أمنها الغذائي وتعبئة المزيد من الموارد المائي. وردا على سؤال بخصوص المساعدات الفرنسية للتنمية المقدمة للجزائر وإمكانية إلغائها، اعتبر رئيس الجمهورية أن أي دعوة لإلغاء هذه المساعدات تعكس ببساطة جهلا عميقا بالجزائر. وقال في هذا الصدد، إنها “تتراوح بين 20 و30 مليون دولار سنويا، بينما تبلغ ميزانية الدولة الجزائرية 130 مليار دولار، وليس لدينا ديون خارجية، كما ذكر بأن الجزائر تمول سنويا 6 آلاف منحة دراسية لفائدة الطلبة الأفارقة، علاوة على طريق يربط الجزائر بموريتانيا بتكلفة تفوق مليار دولار، كما قامت مؤخرا بإلغاء ديون قيمتها 1.4 مليار دولار لصالح 12 دولة إفريقية، وأكد بوضوح أن الجزائر ليست بحاجة إلى هذه المساعدات، التي لا تخدم في الحقيقة سوى المصالح الفرنسية.

 

مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي بسبب السماح لمنتجاتنا من ولوج أسواق أوروبا بشروط تفضيلية

وردا عن سؤال حول الأسباب التي دفعت الجزائر إلى طلب مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، أوضح رئيس الجمهورية أن هذا الطلب يمليه حرص البلاد، التي تزخر بإنتاج صناعي متنوع، على رؤية صادراتها تلج السوق الأوروبية بشروط تفضيلية، وأضاف أن طموحنا في مجال التصدير يتعزز في سنة 2025، لم يكن لدينا إنتاج يذكر عدا المحروقات. اليوم، لدينا إنتاج صناعي وطني. وأوضح رئيس الجمهورية في هذا الصدد، أن “جميع الأجهزة الكهرو-منزلية جزائرية. وتدر زراعتنا، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، 37 مليار دولار سنويا. ونحن نصدر المنتجات البقولية إلى تونس وموريتانيا والشرق الأوسط، ملحا على ضرورة مراجعة الاتفاقية لكي تتمكن منتجاتنا الفلاحية وفولاذنا من ولوج السوق الأوروبية بشروط تفضيلية.

دريس. م