* جزائريات يتحججن بالعمل والسعي نحو الرشاقة
أكدت الدكتورة فيروز لعقون زيباك، أن الرضاعة لها دور كبير في الوقاية من سرطان الثدي والاكتئاب والتوتر الذي يعد السبب الرئيسي في الإصابة بمختلف السرطانات، على هامش الحملة التحسيسية التي نظمت مؤخرا بتيارت، حيث تم التأكيد على الدور الذي تلعبه الرضاعة في الوقاية من الإصابة بسرطان الثدي. وأفادت الأخصائية في أمراض النساء والتوليد بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة، زهرة عوراي، أن الرضاعة تساهم في إنتاج هرمون يجعل المرأة بمنأى عن أمراض متعددة، خاصة الاكتئاب والتوتر الذي يصيب المرأة بعد الوضع خصوصا.
وأشارت المختصة إلى أن هناك تناقصا في الرضاعة الطبيعية حسب ما تتم معاينته في الميدان، لأسباب اجتماعية ومهنية وغيرها، وهو ما لا يخدم صحة الأم والطفل معا.
وذكر الطاقم الطبي وشبه الطبي المشارك في هذه الحملة التحسيسية التي تم تنظيمها بدار البيئة في تيارت، بالتنسيق بين مديرية الصحة والسكان ومؤسسة «اتصالات الجزائر» بتيارت، بحضور أكثر من 35 امرأة من عاملات «اتصالات الجزائر» أن الفحص بالأشعة الخاصة بالكشف عن السرطان يتم بعد عمر الـ 50 سنة، ومرة في كل سنتين، كما أن التشخيص الذاتي يمكن أن تقوم به كل امرأة من 20 إلى 40 سنة.
وأضاف المختصون أن المرأة التي تخضع لاستئصال الثدي يمكنها أن تعيش حياة عادية، وعند قرار الإنجاب عليها أخذ إذن طبيبها، لأن الأشعة والعلاج الكيماوي يمكن أن يشوها الجنين.
هذا، وتستمر الرضاعة الطبيعية من الولادة إلى غاية الفطام، من خلالها تتم تغذية المولود بحليب الأم، لكن ورغم فوائده للأطفال حديثي الولادة، إلا أن عديد الأمهات يفضلن التخلي عن هذه العملية بعد شهور قليلة من الولادة.
قامت “الموعد اليومي” بخرجة ميدانية لمختلف الشوارع الكبرى بالعاصمة في وقت سابق، لاستطلاع آراء المواطنات حول تخلي الكثير من الأمهات عن إرضاع مواليدهن، بسبب انشغالهن بمتطلبات الحياة العصرية أو لأسباب جمالية متعلقة بالرشاقة، رغم ما في الرضاعة من فوائد جمة، إذ بوسعها أن تكسب الطفل مناعة طيلة حياته، رغم ذلك نجد عديد الأمهات تخلين عن إرضاع أبنائهن مدة عامين كاملين، كما تنص على ذلك الآيات الكريمة وكل الدراسات العلمية والطبيعية.
العمل اضطرني للتخلي عن الرضاعة الطبيعية
أكدت لنا السيدة «ابتسام»، موظفة في مؤسسة خاصة، أن عملها هو الدافع الوحيد الذي اضطرها للجوء إلى الرضاعة الصناعية، رغم معرفتها بفوائد الرضاعة الطبيعية المتعددة، وتقول: “رغم علمي بفوائد الرضاعة الطبيعية وأنها تمنح الطفل الشعور بالأمان أثناء حمله من طرف الأم وإرضاعها إياه، وأعلم أن هذا الترابط العاطفي بين الرضيع وأمه يزداد يوما بعد آخر وهو يساعد في تكوين الطفل، لكن باعتباري امرأة عاملة ولا يمكنني أن أغيب عن عملي لأكثر من ثلاثة أشهر، وهو ما اضطرني للتوقف عن إرضاع ابنتي”.
عدم كفاية الحليب والرشاقة يدفعان للرضاعة الاصطناعية
من جهتها، أشارت السيدة “ليلى” إلى أن عدم كفاية حليبها في إشباع ابنتها اضطرها إلى الرضاعة الاصطناعية، وهناك من تخلت عن الرضاعة الطبيعية، فقط من أجل الحفاظ على رشاقة جسمها وتجنب ترهل الصدر.
أطباء يدعون الأمهات للتمسك بالرضاعة الطبيعية
دعا العديد من الأطباء الأمهات إلى ضرورة التمسك بالرضاعة الطبيعية لأطول مدة ممكنة، لما لها من فوائد تعود على الأم والطفل معا على حد سواء، إذ أن الرضاعة الطبيعية هي عملية يشعر فيها كلاهما بالقرب من الآخر، والأهم أن حليب الأم يمنح المولود كل ما يحتاجه لينمو ويترعرع خلال الستة أشهر الأولى من حياته، فهي تساعده على مكافحة العدوى في الأشهر القليلة الأولى، لأن حليب الأم يحتوي على أجسام مضادة تساعد على حماية الطفل من الأمراض مثل التهاب المعدة والأمعاء، أي الالتهاب المعوي ونزلات البرد والالتهابات البولية والتهابات الأذن. كما أن للرضاعة الطبيعية فوائد على الأم أيضا، إذ أكد العديد من العلماء والمختصين، أنه بإمكان الأمهات أن يتجنبن مضاعفات ومشاكل سرطان الثدي، إن هنّ حرصن على إطالة أمد إرضاع أطفالهن، بدل تقصيرها أو تحديدها، كما هو شائع حاليا. كما كشفت البحوث التي ناقشت هذا الموضوع، أن كل سنة إرضاع تمر بها الأم تقلص من نسب تعرضها لسرطان الثدي بنحو 4,3 من المئة وهذه النسبة تضاف إلى معدل تراجع تعرضها للمرض بنسبة 7 من المئة لكل طفل تنجبه، والمعروف بين الأوساط العلمية ومنذ زمن طويل، أن سرطان الثدي شائع في الحالات التي تنجب فيها المرأة عدداً أقل من الأطفال وترضعهن لفترات قصيرة.
تراجع ملحوظ للرضاعة الطبيعية في الجزائر
لا تمثل نسبة الرضاعة الطبيعية التي تعتبر اللقاح الطبيعي للأطفال سوى 27 بالمائة بولايات غرب البلد، حسب ما أفاد به رئيس مصلحة الوقاية بمديرية الصحة والسكان، وتعد هذه النسب منخفضة مقارنة مع وسط وشرق البلد.
ومن جهته، ذكر الدكتور تركي حساين رفيق من المؤسسة الاستشفائية المتخصصة في طب الأطفال أن كثيرا من النساء يجهلن فوائد الرضاعة الطبيعية ولا يعرفن أيضا طرق استعمال الرضاعة الاصطناعية، مشيرا إلى أن الرضاعة الطبيعية هي مشكلة مجتمع ومسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة مما يوجب العودة بقوة إلى هذا النمط الغذائي الطبيعي للأطفال.
لقاح طبيعي غير مستغل
أكدت المكلفة بالبرنامج الوطني للتغذية بوزارة الصحة والسكان واصلاح المستشفيات الدكتورة زكية فوضيل الشريف، أن الرضاعة الطبيعية التي هي بمثابة اللقاح الطبيعي للطفل “لازالت غير مستغلة بشكل كاف بالجزائر”.
وأوضحت هذه المسؤولة أن نسبة الرضاعة الطبيعية القصرية لمدة ستة أشهر “لا تمثل إلا 7 بالمائة”، مشيرة إلى أن الدول المجاورة تتراوح بها هذه النسبة بين 30 و47 بالمائة. وذكّرت بالنسبة التي بلغتها الرضاعة الطبيعية بالدول الاسكندنافية (90-95 بالمائة) بفضل التحسيس والاتصال الاجتماعي متأسفة اهمالها وتراجعها بالجزائر رغم أن نسبة 95 بالمائة من الولادات تتم بالوسط الاستشفائي.
وتركز وزارة الصحة والسكان هذه السنة خلال هذه الفترة للتحسيس حول الرضاعة على تكوين القابلات والاطباء العامين الذين باعتبارهم أول من يستقبل الأمهات الحوامل من أجل ترقية الرضاعة الطبيعية بالمجتمع.
ودعت الدكتورة زكية فوضيل الشريف إلى تضافر الجهود من أجل إعادة الاعتبار للرضاعة الطبيعية لتحتل المكانة التي كانت تحتلها فيما سبق، مشيرة إلى فوائدها بالنسبة للطفل، حيث تساهم في تخفيض نسبة الوفيات خلال الأشهر الأولى من حياة الرضيع على المدى المتوسط ووقايته من الأمراض غير المتنقلة مثل داء السكري وارتفاع ضغط الدم الشرياني والقلب على المدى الطويل، بالإضافة إلى حماية الأم من النزيف بعد الوضع وتخفيض اصابتها بسرطان الثدي وعنق الرحم لديها مستقبلا. وحسب منظمة اليونيسف، فإنه رغم فوائد ومنافع الرضاعة الطبيعية على صحة الطفل على المدى الطويل، حيث تساهم في نموه ومناعته والمحافظة على إنمائه الإدراكي، تبقى المعرفة بهذه المنافع غير كافية منذ ولادة الطفل حتى بلوغه سن 6 أشهر.
لمياء. ب