الرياضة البدنية في الشريعة الإسلامية

الرياضة البدنية في الشريعة الإسلامية

الرياضة ليست أمرًا مستحدثًا من جملة ما استحدثته الحضارةُ الغربية من أمور؛ فقد شرعها الإسلامُ وتسامى بها؛ حيث جعَل لها غاية سامية، وهدفًا نبيلًا، وهو حماية الدين ونشرُه بين الناس في مقاومة مَن يرفضون اعتناق الناس له وتعرُّفهم عليه؛ قال تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ” الأنفال: 60، إذًا فالعمل على تقوية البدن أي: “الرياضة البدنية”  شريعةٌ إسلامية ثابتة. فضلًا عن أن التكاليف الإسلامية نفسها رياضة؛ فالصلاةُ فيها قيام وركوع، وجلوس وسجود، ومشي للمساجد، وقيام بالليل، والحجُّ فيه سعيٌ وطواف ورميٌ، والصيام فيه ترويض على الصبر، وتحمُّل المشاق، وصلة الأرحام، وإغاثة اللهفان، وما إلى ذلك من السلوكيات التي تتَّسم بالحركة والنشاط، فضلًا عن الجهاد، والذي هو مقصدُ الرياضة وهدفُها، وما إلى ذلك من أنواع التشريعات الإسلامية التي تحمل في طياتِها الحركة والنَّشاط.

كما أن في تقوية البدن وممارسة الرياضة فوائدَ صحيةً عديدة؛ فهي تُزيل عن الجسم المخلفات الضارة، كما تعمل على تقوية العضلات وتنشيط الدَّورة الدموية، كما أن الحركةَ هي عمادُ الرياضة، وهي تخلِّص الجسمَ من رواسب وفضلات الطعام بشكل طبيعي، قال ابن القيم ” وتعوِّد البدنَ الخفة والنشاط، وتجعله قابلاً للغذاء، وتُصلِّبُ المفاصل، وتقوِّي الأوتارَ والرباطات، وتؤمن جميع الأمراض المادية وأكثرَ الأمراض المزاجية، إذا استُعمِل القدرُ المعتدل منها في وقته، وكان باقي التدبير صوابًا”، وقال: “كل عضو له رياضة خاصة يَقوى بها، وأما ركوب الخيل ورمي النشاب والصراع والمسابقة على الأقدام فرياضةٌ للبدن كله، وهي قالعة لأمراض مزمنة”؛زاد المعاد: 3/210، وما إلى ذلك من فوائدَ صحية يظهر أثرُها على ممارسها، فضلًا عن أنها ليست فقط تهذيبًا للبدن، بل هي أيضًا تهذيب للرُّوح؛ فالرياضي يفرِّغ الشِّحنات العصبية الزائدة باستمرار من خلال ممارسة الرياضة، وبالتالي فهو هادئ الطَّبع، مستقرُّ المزاج، طيب النفس، متزن انفعاليًّا؛ لذلك فممارسة الرياضة تُضفي على صاحبها هيبة ووقارًا، وقد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فحث عليها، وجعَل من يتصف بها ينال صفة الخيرية ومحبة الله التي هي أقوى دافع على ممارستها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المؤمن القويُّ خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرِصْ على ما ينفعُك، واستعنْ بالله ولا تعجِزْ، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَرُ الله، وما شاء فعل؛ فإنَّ “لو” تفتح عمل الشيطان” مسلم. ومن هنا ينبغي أن نحفِّزَ أبناءنا على ممارسة نوع من الرياضة؛ بحيث يتناسب مع قدراتهم ومهاراتهم، على أن تكون هذه الرياضة مضبوطة بالضوابط الشرعية، وأن نجعلهم يدركون مدى أهمية الرياضة، وأن نحفزهم على تحمل هذه الرياضة والصبر عليها؛ وأن ندفعَهم إلى أن هذه الرياضة إنما هي استجابة لأمر الله، من الأخذ بالقوة، وبالتالي فلا بد أن تكون خالصة لوجه الله، يبتغي بممارستها التقربَ إليه سبحانه وله الدين الخالص.

 

من موقع الالوكة الإسلامي