الشيخ عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية.. التعليم والتثقيف الجماهيري

الشيخ عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية.. التعليم والتثقيف الجماهيري

توجه الشيخ ابن باديس صوب التربية والتعليم لرفع المعاناة وتحرير الضمير، وإعادة بناء الرسالة القرآنية في نفوس الشعب، وإشاعة اللغة العربية في لسانه وحياته الثقافية، وإحداث التفاعل مع القرآن من جديد، بحيث تزال الحواجز اللفظية الجدلية والنفسية بين القرآن والإنسان، فكانت حلقاته ودروسه القرآنية والحديثية، في المساجد “مجالس التذكير” .فأحيا بهذه المجالس معاني القرآن، وبين أهمية المجاهدة به في إحياء النفوس بعد مواتها، واسترد رسالة المسجد في التعليم الجماهيري العام، أو الثقافة الجماهيرية من حيث أثره وانعكاساته على الواقع الاجتماعي والتربوي، ذلك أن الثقافة الجماهيرية والتشكيل الثقافي، يبقى محلها المسجد، إلى جانب التعليم المنهجي الذي مكانه المعاهد والمدارس والجامعات، حيث يتأكد دور المسجد في التعليم والتربية والتثقيف أكثر فأكثر، في ظروف الاستعمار وعهود ما بعد الاستعمار، وما يرافقها من محاولات الارتهان الثقافي والتربوي. ولم يقتصر على دور المسجد في عملية التعليم والتثقيف الجماهيري، وإنما أدرك أن هـناك شرائح من المجتمع لا بد أن تخاطب بوسائل إعلامية أخرى، فدخل ميدان الصحافة، وأنشأ صحافة عربية كانت منبرا رحبا، يعلن في عزم وثقة أن الحركة الإصلاحية الجزائرية، حركة شعبية أصيلة، تعمل لإحياء التراث الثقافي للأمة، وتنقيته من الشوائب التي علقت به، وتنشر الوعي الديني والاجتماعي والوطني، وهكذا أصدر جريدة “المنتقد” عام 1925م، ثم صحيفة “الشهاب الأسبوعي” ، التي حولها إلى مجلة الشهاب الشهرية، منذ فبراير 1939م، ومجلات أخرى منها “الشريعة” ، و “السنة” ، و “الصراط” ، و “البصائر” .. وقد قامت هـذه الصحافة بعمل إيجابي ضخم في مجال اليقظة الفكرية والوعي الوطني، والإصلاح الديني، وإحياء اللغة العربية، محبطا بذلك كله مخططات الاستعمار الرامية إلى تشويه الشخصية الجزائرية في كل ميدان  وعلى الرغم من عناية ابن باديس رحمه الله بالثقافة الجماهيرية، وإدراكه لأهميتها، إلا أنه ركز أيضا على بناء النخبة التي تمثل عقل الأمة ومرجعيتها وقيادتها، لذلك عمد إلى فتح المدارس والمعاهد، واهتم بوضع المناهج والأنظمة التربوية والتعليمية.

 

الكاتب محمد حميداتو