الشيخ عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية.. اهتمامه باللغة العربية

الشيخ عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية.. اهتمامه باللغة العربية

ولعل القضية الأهم التي تمحور حولها نشاط ابن باديس التعليمي والإعلامي، واعتبرها من قسمات الشخصية الجزائرية، ومرتكزات الهوية الوطنية، وحصن الثقافة الذاتية، ومقومات إعادة بناء الأمة، وسبيل إدراكها لعقيدتها وشريعتها ودينها، هـي اللغة العربية، لأنها من الدين، ولغة الدين، على الرغم من أنه كان ينحدر من أصول بربرية، وأنه كان يحسن قراءة الفرنسية وفهمها، إلا أنه كان يترفع عن الكلام بها لغير ضرورة. واللغة عنده ليست وسيلة تعبير وأداة تفاهم فقط، كما يحلو لبعضهم أن يشيع، لتمرير وتسويغ التعليم والمحادثة بغير العربية، وبذلك تصبح اللغة إحدى معابر الغزو الفكري، وبدل أن نترجم تراثنا وعقيدتنا إلى لغة الآخرين، نترجم تراث الآخرين إلى لغتنا، ونقبل بالموقع الأدنى. وقد يكون من الأمور اللافتة للنظر حقا والدالة على أهمية اللغة في صياغة التفكير، والمساهمة في التشكيل الثقافي، والارتباط بالجذور، وتحقيق النقل الثقافي، وأهم من هـذا وذلك كونها لغة التنزيل، ومفتاح فهمه، وإدراك مقاصده، والصلة بين الأمة وأجيالها. كما آن الهجمة الاستعمارية المتركزة على عزل اللغة وتهميشها، وإشاعة اللهجات العامية والمحلية، وتقطيع أوصال الأمة، وبعث اللغات العرقية، الذي يؤدي إلى التفتيت والتبعثر وتمزيق النسيج المعرفي.. ومن هـنا ندرك دور العربية في الاحتفاظ بهوية الجزائر وعروبتها وإسلامها، وندرك إصرار الشيخ عبد الحميد ابن باديس رائد الإصلاح والتجديد، على إشاعة العربية والتكلم بها، وجعلها لغة التعليم والتعلم، والارتكاز حول حفظ وتلاوة القرآن، حفاظا على وحدة الأمة، ولغتها، وعاء تفكيرها، ومصنع أحاسيسها ومشاعرها.

الكاتب محمد حميداتو