الشيخ عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية.. أهمية العلم عند ابن باديس

الشيخ عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية.. أهمية العلم عند ابن باديس

إن شرف العلم وفضله لا يخفيان على عامة الناس، فضلا عن العلماء، إذ هـو الذي خص الله به الإنسانية دون سواها من الحيوانات، وبه أظهر الله تعالى فضل آدم عليه السلام على الملائكة، وأمرهم بالسجود له. وإنما شرف العلم لكونه وسيلة إلى التقوى، التي يستأهل بها المرء الكرامة عند الله والسعادة الدائمة، ذلك لأن العلم مع الإيمان، رفعة في الحياة الدنيا وفي الآخرة. يقول الله تعالى: ” يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” المجادلة:11 .. ويقـول تعـالى: ” إنما يخشى الله من عباده العلماء ” فاطر:. 28. ويرى ابن باديس أن البشرية بدون علم، تعود إلى حيوانيتها، ذلك لأن “الإنسان خاصيته التفكير في أفق العلم الواسع الرحيب، فمن حرم إنسانا -فردا أو جماعة- من العلم، فقد حرمه من خصوصيته الإنسانية، وحوله إلى عيشة العجماوات، وذلك نوع من المسخ”. ويذهب ابن باديس إلى أن العلم هـو حياة القلوب وإمام العمل، وإنما العمل تابع له، فهو وحده الإمام المتبع في الأقوال والأفعال والاعتقادات، فمن دخل في العمل بغير علم، لا يأمن على نفسه من الضلال، ولا على عبادته من الفساد والاختلال . فسلوك الإنسان في حياته، مرتبط بتفكيره ارتباطا وثيقا، يستقيم باستقامته، ويعوج باعوجاجه، ويثمر بإثماره، ويعقم بعقمه، لأن أفعاله ناشئة عن اعتقاداته، وأقواله إعراب عن تلك الاعتقادات، واعتقاداته ثمرة إدراكه الحاصل من تفكيره ونظره. ويكفي العلم شرفا أن العلماء ورثة الأنبياء، وفي هـذا يقول ابن باديس: “لا حياة إلا بالعلم، وإنما العلم بالتعلم، فلن يكون عالما إلا من كان متعلما، كما لن يصلح معلما إلا من قد كان متعلما، ومحمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله معلما، كان أيضا متعلما، علمه الله بلسان جبريل ، فكان متعلما عن جبريل عن رب العالمين، ثم كان معلما للناس أجمعين. ويرشد ابن باديس المتعلم، أن ينوي بطلب العلم مرضاة الله تعالى والدار الآخرة، وإزالة الجهل عن نفسه وعن غيره، وخدمة الدين، متجاوزا بذلك الأغراض الزائلة، فلا يرتبط هـذا الجهد برتب أو مغانم قريبة. ويرى أن من أسباب نجاح طلبة العلـم في تحصيلهـم وتفقههـم أن “لا يقصـدوا إلا أن يتعلموا فيعلموا، ويتفقهوا فيفقهوا، ولا يرجوا من ذلك إلا رضا الله ونفع عباده”.

الكاتب محمد حميداتو