لا تتعجَّب إن قلتُ لك: إن الصدقة تجعل الجسدَ صحيحًا قويًّا، وتجعل السقيم صحيحًا قويًّا، وعليه فإن قوة الأمة تأتي من الصدقات، وانظروا بعين الحكمة في قوله صلى الله عليه وسلم “داووا مرضاكم بالصدقات” فقول الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأتي من فراغ، ولا يأتي من هوى، بل كل ما يقوله حق: ” وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ” النجم: 3، 4؛ ففي هذا الحديث فوائد جمة، إن تركها المسلم خاب وخسر، وإن تمسك بها فاز وانتصر، وهذا هو لب القصيد، فإن النصر لن يأتي إلا بالقوة، وعلى ذلك فإن الصدقةَ تصحِّح البدن، وتقوِّي القلب، وتبني جسدًا صحيحًا، يدخل المعارك ضد الأعداء بلا خوف أو ضعف، فالصدقة لها من الفوائد في الدنيا والآخرة؛ أي: النصر والعزة في الدنيا، ودخول الجنة في الآخرة. اجعلْ صدقتَك خالصةً لوجه الله تعالى فكلما كان العمل أكمل وأعظم إخلاصًا لله تعالى كان ثوابُه وثمرته أكمل وأعظم، وتذكَّر حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، والذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم: “ورجل تصدَّق بصدقة، فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله” متفق عليه، وفي هذا حثٌّ عظيم على الإخلاص في العمل….
ولكي تكونَ صدقتُك بليغة الأثر بإذن الله تعالى فحاولْ جاهدًا أن تتحرَّى لصدقتِك محتاجًا صالحًا تقيًّا؛ كما جاء في الحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تُصَاحِب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامَك إلا تقي” رواه الترمذي، وأبو داود، وهو حديث حسن، وكلما كان الفقير أشد فقرًا وحاجة للصدقة، كان أثرُ الصدقة أكبر وأعظم! مع العلم أن “في كل كَبِدٍ رَطبةٍ أجر” متفق عليه مرفوعًا، فلا يلزم أن تحصر صدقتَك على الإنسان فقط، وأن تظن أن الصدقة لن تنفع حتى تنفقَها على إنسان، بل إن أطعمت حيوانًا محتاجًا بنيَّة شفاء مريضك، فسوف يُشفَى إن شاء الله تعالى والله واسع عليم. ولَمَّا رأيتُ المرضى يصارعون الألم، وأصحاب الحاجات يكابدون الآهات، ويطرقون كل الأبواب، ويفعلون كل الأسباب، وقد تاهوا عن باب ربِّ الأرباب، وسبب القاهر الغلاَّب، كانت هذه الكلمات، أُهدِيها لكل مريض لأبدِّد بها أشجانه، وأزيل بها أحزانه، وأعالج بها أسقامه: أخي المريض مرضًا عضويًّا أو نفسيًّا، لا أريد أن أجدِّد جراحك، وإنما سأعطيك دواءً ناجحًا وسأُريحك بإذن الله تعالى من معاناة سنين، إنه موجود في قوله صلى الله عليه وسلم “داووا مرضاكم بالصدقة” حسَّنه الألباني، والأمراض التي يصاب بها المسلم أو يصاب بها مَن تحت يده، هي من أعظم ما يُفتن بها في الدنيا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره، يكفِّرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” متفق عليه. نعم يا أخي، إنها الصدقة بنيَّة الشفاء، ربما تكون تصدَّقت كثيرًا، ولكن لم تفعل ذلك بنيَّة أن يعافيك الله من مرضك أو يعافي مريضك، فافعل الآن، ولتكن واثقًا من أن الله سيشفيك، وسترى من ربك الكريم فوق ما يرضيك، أَشبِع فقيرًا، أو اكفلْ يتيمًا، أو تبرَّع لوقف خيري، أو صدقة جارية.
من موقع الالوكة الإسلامي