إن المعجزة الكبرى في ظاهرة الحياة بعد معجزة خلق الحياة من التراب هي معجزة خلق الزوجين الذكر والأنثى “ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون”. إن ظاهرة الزوجية في الكائنات الحية إنّما خلقها الله سبحانه وتعالى لحكمة عظيمة قل من يلتفت إليها وهو إحداث هذا التنوع الهائل في أشكال وألوان نفس النوع من الكائنات الحية فلولاها لكان أفراد البشر على صورة واحدة ولما أمكنهم التعرف على بعضهم البعض ولما عرفوا معنى الجمال في أشكال أجسامهم. إن هذا التنوع في أشكال الكائنات الحية لن يتحقق إلا من خلال طريقة التكاثر الجنسية والتي تتطلب وجود كائنين اثنين بدلا من كائن واحد وتتم عملية تصنيع الكائن الجديد بحيث ينتج كل منهما خلية تحمل برنامج تصنيع كامل بمواصفات الكائن الذي أنتجها ولكن لا يمكن لأي منهما تنفيذ برنامج التصنيع الذي في داخلها بمفرده. إن دور الإنسان وهو يقوم بعمليات التهجين لا يتعدى اختيار الأصناف الجيدة ويزاوجها مع بعض البعض وقد يتطلب العثور على صنف بالمواصفات المطلوبة عشرات السنين حيث أن تبادل الجينات بين الأشرطة الوراثية تتم بطريقة لا تقع تحت سيطرة البشر. وكذلك فإن الجينات الموجودة في مختلف الأصناف هي نفسها التي أودعها الله أول ذكر وأول أنثى خلقهما الله من كل نوع من أنواع الكائنات الحية ولو أن الإنس والجن قد اجتمعا لتصنيع جين جديد لما استطاعوا فعل ذلك. إن منتهى الإبداع في طريقة الخلق هذه أن برنامجي التصنيع يتم خلطهما عند كل عملية تزاوج بين الذكر والأنثى وتتبادل الجينات السائدة والمتنحية أماكنهما في البرنامجين ولكن تبقى البرامج تعمل بكل كفاءة وتنتج كائنات لا يصيب أعضائها أي خلل وتحافظ على المظهر العام للكائن رغم التغيير الحاصل في بعض صفاته وصدق الله العظيم القائل “وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” الرعد.
من موقع رابطة العالم الإسلامي