ذو الجلال والكبرياء، ذلَّ له كل شيءٍ وأسلمَ طوعًا وكرهًا، استسلمَ له المؤمنُ بقلبِه وظاهره، والكافرُ مُستسلمٌ له كرهًا بالتسخير والقهر، قال عز وجل ” وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ” آل عمران: 83. دانَ الجميعُ لله، فمن في السماوات والأرض والطير كلُّها تُصلِّي لله وتعبُد بحسب حالِها اللائِق بها، قال عز وجل ” أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ” النور: 41. وتدخلُ الملائكةُ كل يومٍ البيتَ المعمور في السماء تُصلِّي فيه لله، قال عليه الصلاة والسلام “فرُفِع لي البيتُ المعمور، فسألتُ جبريلَ، فقال: هذا البيتُ المعمورُ يُصلِّي فيه كل يومٍ سبعون ألف ملَك إذا خرَجوا لم يعودوا إليه آخرَ ما عليهم” متفق عليه. وجميعُ الكائنات تسجُد خاضِعةً ذليلةً لله، قال عز وجل ” أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ” الحج: 18.
والدوابُّ والملائكةُ تسجُد خوفًا من الله، قال تعالى ” وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ” النحل: 49، 50. والشمسُ تذهبُ كل يومٍ تحت العرش وتسجُد لله، قال عليه الصلاة والسلام لأبي ذرٍّ حين غربَت الشمسُ: “أتدرِي أين تذهب؟”. قلتُ: الله ورسولُه أعلم. قال: “فإنها تذهبُ حتى تسجُد تحت العرش” متفق عليه. بل كلُّ ما له ظلٌّ في الكون يسجُد لله، قال سبحانه ” أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ” النحل: 48. ومع صلاة المخلوقات لله وسُجودهم له فإنهم يُسبِّحونه، قال تعالى ” تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ ” الإسراء: 44. والرعد يُسبِّح بحمده وجلاً منه، والنملُ يُقدِّسُ الله ويُنزِّهُه عن الشريك والمثيل، قال عليه الصلاة والسلام “قرصَت نملةٌ نبيًّا من الأنبياء، فأمرَ بقريةِ النمل فأُحرِقَت، فأوحَى الله إليه: أن قرصَتك نملةٌ أحرقتَ أمةً من الأمم تُسبِّح؟” متفق عليه.
من موقع رابطة العالم الإسلامي