* مساعٍٍٍِ جادة للنهوض بالقطاع
يعتبر ملف العمل من بين الملفات الحساسة والمهمة في الجزائر لما له من أهمية كبيرة، ولعل أكبر تحدي يواجهه قطاع العمل منذ عقود هو توفير مناصب العمل خاصة في القطاع العام، ما جعل الكثير من الشباب يتوجهون للقطاع الخاص رغم ما يتعرضون له هناك من هضم للحقوق في الكثير من الأحيان.
أولى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون منذ توليه قيادة البلد أهمية كبرى لتحسين المستوى المعيشي للمواطن، من خلال رفع الحد الأدنى للأجور، وكذا توفير مناصب الشغل للشباب في عدة مجالات، حيث عرفت الجزائر حركية كبيرة في مجال المال والأعمال.
مكاسب هامة تؤكد مساعي الدولة
حققت الجزائر مكاسب هامة في قطاع العمل والتشغيل، مما أدى لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين القدرة الشرائية للمواطن، وفي هذا السياق قال عمار قمري المفتش العام بوزارة العمل والضمان الاجتماعي، إن الدولة الجزائرية حريصة على النهوض بقطاع العمل وتحسين ظروف العمال، حيث استفاد العامل الجزائري من عدة مزايا وحقوق في إطار تحسين ظروف العمل، وأبرز دليل على هذا أن الجزائر أبدت صلابة في التصدي لجائحة كورونا رغم الأثار السلبية والركود الاقتصادي المنعكس عن هذه الجائحة، إلا أن الدولة الجزائرية بذلت الكثير من الجهود من أجل تحسين ظروف العمل، حيث عرف قطاع الوظيف العمومي زيادات معتبرة في الأجور، وصلت إلى نسبة 47 بالمائة في أجور الموظفين، علما أن هذه الزيادات ليست ظرفية بل هي في منحى تصاعدي.
وفي ذات السياق، كشف المتحدث أنه تم إعادة النظر في القوانين الأساسية للقطاعات، وهو ما من شأنه جلب امتيازات جديدة، علاوة على رفع معاشات المتقاعدين، ومرافقة الدولة للمؤسسات من خلال التشجيعات الضريبية وشبه الضريبية.
القطاع الخاص تجاوزات بالجملة والضحية هو العامل
يعتبر القطاع الخاص من بين أحد الركائز التي يعتمد عليها الاقتصاد الجزائري، كما يمثل جزءا مهما في مجال توظيف العمال، غير أن التجاوزات الحاصلة في هذه القطاعات جعلت العامل يعيش في جحيم مستمر في ظل غياب البديل، حيث لم تفلح محاولات أغلب التنظيمات النقابية في زعزعة هذا القطاع ورفع الستار عن تجاوزاته ومخالفة أرباب العمل للضوابط القانونية التي تفرض هيكلة العمال في فروع نقابية تضمن الدفاع عن حقوقهم المهنية والاجتماعية، رغم الوزن السياسي للمركزية النقابية كشريك اجتماعي وحيد يحظى باعتراف السلطات العمومية، رغم أن المسؤولين يؤكدون على أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين حقق خطوات كبيرة في هذا السياق، بفرض وجوده داخل المؤسسات الخاصة مع اعترافهم في نفس الوقت بصعوبة المهمة أمام مقاومة أرباب العمل لهيكلة العمال في تنظيمات نقابية.
من جهة أخرى، بلغ عدد العمال غير المصرح بهم لدى مصالح الضمان الاجتماعي في الجزائر 35 بالمئة، يشتغلون في القطاع غير الزراعي، فضلاً عن 15 بالمئة من عمال القطاع الرسمي، وهي نسبة مرتفعة جداً حتى بالنسبة للقطاعات الرسمية.
وبينت دراسة أن 34 بالمئة من عمال القطاع الموازي يشتغلون في مجال البناء، و20 بالمئة في مختلف النشاطات المرتبطة بقطاع التجارة، و6 بالمئة في قطاع النقل، مقابل 17 بالمئة في المهن المرتبطة بقطاعات النسيج والميكانيك والحلاقة والسياحة والخبازين والجزارين، وتؤكد الأرقام نفسها أن عدداً كبيراً من العمال المؤقتين، 49 بالمئة منهم غير مصرح بهم لدى الضمان الاجتماعي، أي أنهم مجرد عمال فقراء، بسبب هشاشة الوظائف التي يشغلونها، وعدم ديمومتها وتواضع عائدها المادي الذي لا يتعدى في أحسن الحالات 150 دولاراً شهرياً، وهو ما يجعلهم يترددون في الانخراط في تنظيمات نقابية خوفا من فقدان وظائفهم، وتقول أرقام أخرى إن قرابة 50 بالمائة من العمال غير مصرح بهم لدى صناديق الضمان الاجتماعي بالقطاع الخاص، وهو ما يؤثر مباشرة على منظومة الضمان الاجتماعي بما فيها الصندوق الوطني للتقاعد، وبالإضافة إلى حرمان عمال القطاع الخاص من التأمين الصحي، حيث يستغل أرباب العمل هذه الوضعية لسلب حقوقهم الاجتماعية الأخرى، ويبقى العامل في المؤسسة الخاصة معرضا للطرد في أي لحظة، ما يجعل مصدر قوته غير مستقر، وبالتالي قد يصنف هؤلاء العمال ضمن فئة العمال الأكثر هشاشة، والمعرضين لفقدان مناصب عملهم في أي وقت.
تقرير سنوي يكشف أجور الجزائريين
يجري الديوان الوطني للإحصاء مسحاً سنوياً حول الأجور في المؤسسات عن طريق البريد، وحسب اخر تقرير صدر منه فقد أسفرت النتائج المحددة في ماي 2022 وهي مستمدة من تحليل بيانات، عن 684 مؤسسة استجابت للاستبيان، وتمثل جميع الأنشطة (جميع القطاعات باستثناء الزراعة والإدارة)، منها 457 مؤسسة عمومية وطنية و227 مؤسسة خاصة وطنية تضم 20 عاملاً فأكثر.
وكشف التقرير الصادر عن الديوان الوطني للإحصائيات حول الأجور لسنة 2022 عن معدلات ومتوسط الأجور بين القطاعات الاقتصادية والفئات الوظيفية والقطاعين العام والخاص. وشملت الدراسة 684 مؤسسة (457 عمومية و227 خاصة)، باستثناء قطاعي الزراعة والإدارة، وأبان التقرير أن متوسط الأجر الصافي الشهري على المستوى الوطني بلغ 43,500 دينار جزائري في 2022 منها متوسط الأجر في القطاع العام بـ61,300 دج ويفوق بـ74% نظيره في القطاع الخاص المقدر معدله بـ35,200 دج.
ويهدف هذا المسح إلى تقييم مستوى الأجور الصافية الشهرية المدفوعة للعاملين الدائمين وغير الدائمين، وكذلك هيكلة وبنية الأجر الإجمالي (الأجر الأساسي والعلاوات والتعويضات) حسب قطاع النشاط ووفقاً لمستويات التأهيل الثلاثة للعاملين (الإطارات – عمال الإشراف -عمال التنفيذ) في القطاعات القانونية التالية: القطاع العام الوطني والقطاع الخاص الوطني.
وحسب قطاع النشاط، كانت الأجور الصافية الشهرية المتوسطة أعلى في الصناعات الاستخراجية (إنتاج وخدمات المحروقات، المناجم والمحاجر) والأنشطة المالية (البنوك والتأمينات)، حيث بلغت 114.100 دينار جزائري و64.300 دينار جزائري على التوالي، أي ما يعادل 2.6 و1.5 ضعف متوسط الأجر الصافي العام. ويفسر ذلك بحقيقة أن المؤسسات العاملة في هذه القطاعات توظف عدداً كبيراً من حاملي الشهادات ولديها قدرة أكبر مقارنة بغيرها على دفع أجور موظفيها (نظام أجور خاص).
ووفقا لتقديرات الديوان، فإن أعلى الأجور سُجلت في الصناعات الاستخراجية (النفط والغاز والمحاجر)، أي الطاقة والمناجم بنحو 114,100 دج (2.6 ضعف المتوسط الوطني) والأنشطة المالية (بنوك وتأمينات) بمعدل 64,300 دج (1.5 ضعف المتوسط).
بالمقابل، فإن أدنى الأجور كانت في قطاع البناء بنحو 32,900 دج (76% من المتوسط)، والعقارات والخدمات للمؤسسات بنحو 36,400 دج (84% من المتوسط).
وحسب المستوى الوظيفي، يُسجل متوسط الأجر الصافي العام بالنسبة للإطارات 83,800 دينار جزائري، ولعمال الإشراف بـ51,200 دينار جزائري مقابل 31,200 دينار جزائري للعمّال التنفيذيين.
ووفقا للتحليل المقارن -حسب تقرير الديوان- يتقاضى الإطار في المتوسط ضعف الأجر الصافي العام تقريباً (1.93 ضعفاً)، بينما يحصل العامل التنفيذي على 72% من المتوسط العام للأجور.
وتختلف التفاوتات في الأجور بين فئات الموظفين حسب القطاعات، ففي قطاعات “الصحة” و”العقارات وخدمات المؤسسات” و”البناء”، يتجاوز متوسط الأجر الصافي للإطارات ضعف المتوسط العام لأجور قطاعاتهم على التوالي. في المقابل، لا يتجاوز متوسط أجر العمال التنفيذيين في هذه القطاعات سوى 53%، 85% و84% من متوسط أجور قطاعاتهم.
ومع ذلك، من حيث القيمة المطلقة، يحصل الإطارات على أعلى الأجور في قطاعي “الصناعات الاستخراجية” و”الصحة”، حيث يبلغ متوسط رواتبهم 137,100 دينار جزائري و100,900 دينار جزائري على التوالي.
كما يُلاحَظ أن متوسط أجر العمال التنفيذيين في “الصناعات الاستخراجية” يفوق بـ2.5 مرة متوسط أجر العمال التنفيذيين على المستوى الوطني ويفوق بـ1.8 مرة المتوسط العام للأجور. وتقدم مؤسسات القطاع العام متوسط أجور أعلى مقارنة بنظيراتها في القطاع الخاص الوطني، حيث يبلغ متوسط الأجر الصافي الشهري في القطاع العام 61,300 دينار جزائري، مقابل 35,200 دينار جزائري في القطاع الخاص الوطني، أي بفارق قدره 26,100 دينار جزائري.
ويعزى هذا المستوى المرتفع للأجور في القطاع العام إلى وجود مؤسسات عامة كبيرة تضم أعداداً كبيرة من الموظفين وتطبق أنظمة أجور متميزة. وينطبق هذا بشكل خاص على مؤسسات “الصناعات الاستخراجية” (قطاع المحروقات والخدمات البترولية) و”النقل والاتصالات” وكذلك “الأنشطة المالية”.
وحسب القطاعات، يسجل أعلى متوسط للأجر الصافي في “الصناعات الاستخراجية”، حيث يصل إلى 115,000 دينار جزائري، بينما يكون منخفضاً نسبياً في قطاعي “البناء” و”الفنادق والمطاعم”، حيث يبلغ على التوالي 37,600 دينار جزائري و39,800 دينار جزائري.
بالمقابل، يبلغ متوسط الأجر الصافي الشهري لجميع العاملين في القطاع الخاص حوالي 35,200 دينار جزائري. أما القطاعات الأكثر ربحية في القطاع الخاص فهي “القطاع المالي”، حيث يصل متوسط الأجر الصافي الشهري إلى 76,400 دينار جزائري (ضعف المتوسط العام للقطاع الخاص)، و”قطاع الصحة” بمتوسط أجر صافي شهري 47,700 دينار جزائري (أعلى بـ1.4 مرة من المتوسط).
في المقابل، تبلغ أجور العاملين في “الصناعات الاستخراجية (المناجم والمحاجر)” متوسط 27,200 دينار جزائري (77% من المتوسط)، و”العقارات وخدمات المؤسسات” متوسط 30,300 دينار جزائري (86% من المتوسط).
وبالنسبة للأجور حسب المستوى الوظيفي في القطاع الخاص، فإن الإطارات يحصلون على متوسط أجر قدره 75,500 دج (ما يعادل ضعف المتوسط العام للأجور في القطاع الخاص)، وبالنسبة لعمال الإشراف يبلغ متوسط أجرهم 39,400 دج (أعلى بنسبة 10% من المتوسط العام)، بينما بالنسبة لعمال التنفيذ يقدر متوسط أجرهم 27,800 دج (ما يمثل 79% من المتوسط العام).
وفي سياق متصل، أبان التقرير عن تطور للأجور حسب القطاع والمستوى الوظيفي (2021-2022) فعلى مستوى القطاعات سجل القطاع العام ارتفاعاً بنسبة +2% في الأجور، بينما حقق القطاع الخاص نمواً بنسبة +1.01%، وحسب المستويات الوظيفية اتبعت الأجور في كلا القطاعين (العام والخاص) نفس اتجاه النمو المسجل على المستوى العام، ففي قطاع “إنتاج وتوزيع الكهرباء والغاز” (العام) حقق العمال التنفيذيون زيادة بـ+4.5%، بينما حصل عمال الإشراف على زيادة بـ+2.21%، بينما بلغت زيادة الإطارات +0.52%.
وفي قطاع “الفنادق والمطاعم” سجل الإطارات نمواً ملحوظاً بـ+4.6%، أما في القطاع الخاص، فقد تميزت القطاعات بأعلى معدلات النمو في الصناعة التحويلية +1.7%، والصحة +1.6% والفنادق والمطاعم +1.5%، وفي قطاع “البناء” بالقطاع الخاص حقق عمال الإشراف زيادة بـ +2.45%.
وما انه في عام 2022، ارتفع متوسط الأجر الصافي الشهري بنسبة 1.4% مقارنة بعام 2021، وذلك لجميع القطاعات مجتمعة، ومن حيث المستوى الوظيفي سجل الإطارات زيادة بنسبة 1%، وحقق عمال الإشراف ارتفاعاً بنسبة 1.8%، بينما شهد العمال التنفيذيون نمواً بنسبة 1.5%.
ق.م