الغطرسة الإسرائيلية التي أنتجت 7 أكتوبر

الغطرسة الإسرائيلية التي أنتجت 7 أكتوبر

من الأهداف الكبرى التي حقّقها الفلسطينيون في هذه الحرب، إعادة إحياء القضية الفلسطينية، وإظهار أن الردع الذي تفاخرت به إسرائيل كضمان لأمنها ولمواصلة احتلالها الاستيطاني ولتقويض حُلم الفلسطينيين بالتحرر الوطني، عُرضة للتصدّع ما دام النضال الفلسطيني قائمًا. وبمعزل عن الأسباب الموضوعية الكثيرة التي أدّت لانفجار حرب السابع من أكتوبر، فإن جميعها تلتقي على سبب جوهري واحد، هو الغطرسة الإسرائيلية. حصيلة ثمانية عقود من الصراع تُظهر كيف أنّ هذه الغطرسة، التي صُممت لمعاقبة الفلسطينيين على تبنّي خيار النضال في مواجهة الاحتلال، هي في الواقع إحدى أكبر نقاط ضعف إسرائيل. لقد تسبّبت هذه الغطرسة بأثمان كبيرة للفلسطينيين، لكنها فشلت في إخضاعهم وإجبارهم على التخلي عن خيار النضال الوطني. في المقابل، كان شعور القوة، الذي منحته لمشروع الاحتلال، مُخادعًا في كثير من الأحيان. فهي من جانب لم تستطع كيّ الوعي الفلسطيني أبدًا. ومن جانب آخر، أوهمت إسرائيل بقدرتها على أن تُصبح دولة طبيعية دون الحاجة إلى الانخراط في سلام مع الفلسطينيين. وفي نظرة على سياق نزعة الغطرسة الإسرائيلية، فإنها لم تترك خيارًا للفلسطينيين للتعبير عن قضيتهم بشكل طبيعي سوى اللجوء إلى الوسائل باهظة التكاليف عليهم. في المنعطفات التاريخية الكبيرة التي مرّت بها القضية الفلسطينية، اعتاد الفلسطينيون دفْع مثل هذه التكاليف. السبب ببساطة أنهم لم يحصدوا سوى الخيبات من الوسائل الأخرى الأقلّ تكلفة عليهم من حيث الدماء والمعاناة مثل خيار السلام. لقد عززت حرب 7 أكتوبر ثلاث حقائق كبيرة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

الأولى: أن الغطرسة الإسرائيلية لم تؤدِ سوى إلى إطالة أمد هذا الصراع وانسداد أفق السلام.
الثانية: تعزيز إيمان شريحة واسعة من الفلسطينيين بأن المقاومة حاجة وليست خيارًا إذا ما أرادوا الحفاظ على قضيتهم حيّة.

الثالثة: أن إسرائيل لا يمكن أن تصبح يومًا دولة طبيعية تنعم بالأمن ومُندمجة في محيطها إذا لم يحصل الفلسطينيون على حقوقهم. وإذا لم يتعامل العالم مع هذه الحقائق كما ينبغي بعد حقبة السابع من أكتوبر، فإن هذه الحرب لن تكون حتمًا الأخيرة في مسار هذا الصراع. كما أن الآثار المستقبلية للصراع على الأمن الإقليمي والعالمي ستكون أشدّ خطورة من الآثار الحالية لهذه الحرب. وفكرة أن إسرائيل قادرة بعد هذه الحرب على إعادة إدارة صراعها مع الفلسطينيين بالطريقة التي فعلتها في الماضي، أصبحت منفصلة عن الواقع الجديد الذي أفرزه 7 أكتوبر.

من موقع شبكة الألوكة الإسلامي