الفقير الغني والغني الفقير

الفقير الغني والغني الفقير

الغني ليس هو صاحب المال، والفقير ليس هو فاقد المال؛ الغِنَى غِنَى النفْس، والراحة راحةُ القلب، والجمال جمالُ الطبع، والله عز وجل يبيِّنُ أنَّ المنزلة في الآخرة، والمكانة عند الله تعالى ليست بجمْع المالِ، ولا بإنجاب العيال، وإنما بصالحِ الأعمال؛ عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ” يا أبا ذر، أترى كثرةَ المال هو الغِنَى؟”، قلتُ: نعم يا رسول الله، قال: “فترى قِلَّة المال هو الفقر؟”، قلتُ: نعم يا رسول الله، قال: “إنَّما الغِنى غِنَى القلب، والفقر فقرُ القلب”، ثم سألني عن رجلٍ من قريش، قال: “هل تعرف فلانًا؟”، قلتُ: نعم يا رسولَ الله، قال: “فكيف تراه وتراه؟”، قلتُ: إذا سألَ أُعْطِي، وإذا حَضَرَ أُدْخِل، قال: ثم سألني عن رجلٍ مِن أهْل الصُّفَّة، فقال: “هل تعرف فلانًا؟”، قلتُ: لا، والله ما أعرفه يا رسول الله، فما زال يجليه وينعته، حتى عرفتُه، فقلتُ: قد عرَفْتُه يا رسول الله، قال: “فكيف تراه وتراه؟”، قلتُ: هو رجلٌ مسكين مِن أهْل الصُّفَّة، فقال: هو خيرٌ من طِلاع الأرض من الآخر، قلتُ: يا رسول الله، أفلا يُعْطَى من بعض ما يُعْطَى الآخر، فقال: إذا أُعْطِي خيرًا، فهو أهله، وإذا صُرِفَ عنه، فقد أُعْطي حسنة” رواه النسائي.

يقول الأستاذ محمد الغزالي رحمه الله في “كنوز السُّنَّة”:  ليس الثراء دليلَ قَبولٍ إلهي، أو شرف نفسي، وليس البؤْسُ دليلَ غضبٍ إلهي أو غباء عقلي. إنَّ الله يبتلي الناسَ بالخير والشر، بالبأْساء والضرَّاء، والمرءُ بعد ذلك هو صانعُ مستقبله بأسلوب تصرُّفه في معالجة ما أصابه. إنَّ الله لم يمنحنا المالَ لنُتْخَمَ أو نبخلَ، ولم يحرمْنا منه لنضرعَ ونستكين، ومسلك الإنسان نحو غيره هو الذي يحدِّدُ مصيرَه عند الله. قال تعالى فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ” الليل: 5 – 11. فتذكَّر قولَ رسولك صلى الله عليه وسلم: “ما نقصَ مالٌ من صَدَقَة” رواه مسلم. وتذكَّر أنَّ الأموال والكنوزَ والقصور مآلُها إلى الزوال والضياع؛ فالمالُ يَفْنى، والملك لا يَبقى، السلطان يزول والعِزُّ لا يدوم؛ ” وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ” الرحمن: 27.

 

موقع إسلام أون لاين