انتشرت هذه الأيام في الوسط الطلابي ظاهرة جديدة يطلق عليها اسم ”زواج فراند” أو ما يسمى بزواج المسيار حسب بعض علماء الدين، بالرغم من أن القانون الجزائري يمنع مثل هذا الزواج.
والغريب في هذا الموضوع أنه ينتشر في شهر فيفري باعتباره الشهر الذي يحتفي العشاق بيومهم، وهو ما أكدته إحدى الطالبات من جامعة دالي براهيم “إن هذا الزواج يعرف انتشارا كبيرا في شهر فيفري، لتزامنه
مع عيد الحب” ، حيث تنطلق عملية تزويج الطلبة والطالبات في مبادرة حسب الطالبة لاستحلال العلاقة بين الجنسين، وللتعبير عن علاقة الحب بينهما، أما “مريم” طالبة من جامعة باب الزوار فقالت إن لديها صديقة تزوجت عرفيا من صديقها الطالب معهم في نفس الجامعة، ولكنها رفضت أن تعرفنا عليها لأن هذا الزواج لابد أن يكون سريا، ووصلنا أن نفس الأمر يحدث في جامعة العلوم الإسلامية والعلوم الاقتصادية بالخروبة بالعاصمة، فبعد أن كنا نسمع أن الزواج العرفي يعرف رواجا بين طلبة الجامعات المصرية، وجدنا أن عدواه انتقلت إلى طلبة جامعاتنا، وهو ما أكده لنا العديد من الطلبة، حيث أوضحت إحدى طالبات الشريعة الإسلامية أن زواج المتعة أو ”زواج فراند” يعرف انتشارا لا مثيل له في كلية الخروبة، وخاصة في قسم العلوم الإسلامية والشريعة، ويفضّل الطلبة، حسب ما عبّر عنه ذات الطلبة، اللجوء إلى استحلال علاقة محرمة، أما أحد الطلبة بذات القسم، فقد أكد استفحال هذا الزواج بالكلية رغم جهود الإدارة لردع الذين يقومون بذلك سواء كانوا طلبة أو من يساهم في إتمام الزواج_ وفي ذات السياق يتحدث طالب من قسم العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية، أن الطلبة والطالبات يلجأون إلى هذا الزواج الذي بلغ أرقاماً قياسية، لتجاوز القيود المفروضة على العلاقة الجنسية خارج مؤسسة الزواج.
زواج لا يكلف الطرفين إلا ورقة
سمي هذا النوع بـ “الزواج المسيار” خلافا لما يعرفه الناس عن الزواج العادي، لأن الرجل في هذا الزواج يسير إلى الزوجة في أوقات متفرقة ولا يستقر عندها وهو مستوفي الشروط والأركان ما عدا أن الزوجة تتنازل عن بعض حقوقها الشرعية برضاها مثل النفقة وعدم الزام الزوج بواجباته نحوها كما أنه يكون في السر، وإن اختلفت التسميات من العرفي إلى المسيار أو زواج المتعة و زواج “فراند” عند الطلبة.
مصادر قضائية تؤكد استفحال الظاهرة
سجلت مصادر قضائية أكثر من 4500 قضية لهذا النوع من الزيجات غير الموثقة، وما خفي كان أعظم لأن السواد الأعظم من هذه الزيجات ينتهي دون مشاكل بعد انقضاء المصلحة المشتركة، والزيجات المعلن عنها هي فقط تلك التي طرقت أبواب المحاكم في قضايا إثبات النسب وغيرها.
عوامل متداخلة شجعت على الظاهرة
يتفاقم الزواج العرفي لأسباب أخرى غير تشديد قانون الارتباط بأكثر من زوجة، وأيضا عوامل اجتماعية وتغير معطيات الحياة الراهنة، وهي عوامل متداخلة دفعت المقبلين على الزواج إلى الارتباط عرفيا تبعا لما ينطوي عليه الأمر من “بساطة”، كما حذر من الاستعمال المشبوه من طرف البعض للزواج العرفي في قضاء أغراض غير شريفة، حيث أنّ بعض الشباب اهتدوا إلى هذه الطريقة من أجل إشباع نزواتهم، وفي كثير من الأحيان ينتج عن هذه العلاقات حالات حمل غير شرعي، وما ينجم عنها من وقوع النساء المعنيات ضحايا ضياع حقوقهنّ في قران لا تترتب عنه أي التزامات قانونية، وكانت معطيات رسمية سابقة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، قد كشفت أنّ المساجد تشهد آلاف حالات الزواج بالفاتحة سنوياً، شرط أن يتم توثيقها في سجل الحالة المدنية بالبلدية المعنية، ورغم هذا العدد الكبير من الزيجات سنويا، فقد عرف الزواج العرفي طريقه إلى الشباب الجزائري، خاصة وأنه يتم بموافقة المرأة، في حين أن العقد يبرمه شخص عادي يتميز بالأمانة والالتزام الديني ويحفظ القرآن الكريم، يحوز على ثقة الطرفين فتوكل إليه مهمة إبرام عقد الزواج الشرعي للأبناء رغم أنه ليس إماما.
المحامية ف. زهية:”تعديل قانون الأحوال الشخصية شجع الشباب على نشر الزواج العرفي”
وفي نفس السياق، ذكرت المحامية “ف. زهية” أن تعديل قانون الأحوال الشخصية شجع الشباب على نشر الزواج العرفي في الجزائر بطريقة غير مباشرة، وأيضا المتزوجين باعتبار أن اشتراط إذن الزوجة الأولى لإعادة الزواج جعل الكثير من الراغبين فيه يلجأون إلى الزواج العرفي للتملص من هذا الشرط، وفي حال الإنجاب يلجأ هؤلاء إلى رفع دعوى قضائية لتثبيت الزواج العرفي.
وأشارت إلى أن الزواج العرفي زواج صحيح لكنه لا يضمن الحقوق، حيث قالت “كثيرا ما ننصح بعدم اللجوء إلى هذا النوع من الزواج لفساد الذمم، فالمشكل هو ما نتج عن هذه العلاقة خصوصا أن المجتمع يعتبر المرأة الطرف المخطئ دائما”، مبينة أن هناك قضايا لا يمكن فيها للمرأة إثبات واقعة الزواج، وفي حال وجود أطفال تضطر إلى إثبات النسب عن طريق البصمة الوراثية، وأكدت أنه في هذه الحالة تضيع حقوق المرأة، إذ أن هذا الإجراء يتطلب الكثير من الوقت لأنه يشترط قرارا قضائيا نهائيا لإجراء التحاليل، وفي الكثير من الأحيان ترفض الدعوى لعدم التأسيس لأن المدعية لا تستطيع إثبات واقعة الزواج العرفي هذا من جهة، ومن جهة أخرى معظم القضاة يعتبرون هذا الفحص مساسا بمبدأ السلامة الجسدية، فجسد الإنسان له حرمة وقدسية، وبهذا سيضيع حق الأم والطفل معا ليلحق النسب لأمه ويعطى له لقب مستعار.