الكهف.. السورة العظيمة

الكهف.. السورة العظيمة

هناك من يقرأ القرآن بلسانه وعينِه فقط، وهناك من يقرأه بلسانه وعينه وعقله وقلبه، والفرق كبير وهائل، ” إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ” ق: 37، وقد أنكر سبحانه على من يقرأ القرآن دون أن يعتبر بما فيه، ” أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ” النساء: 82، وبيَّن سبحانه أن من أبرز صفات المؤمنين تفاعلهم وتأثرهم بآيات الكتاب الحكيم ” إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ” الأنفال: 2، كما يُبين ربنا عز وجل أن القرآن ميسر لكل من أراد حفظه وتدبُّره والعناية به وامتثال أوامره ” وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ” القمر: 17. وفي القرآن وقصصه عِظات وعبر، ونجات من كل فتنةٍ وشر؛ روى مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال “من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عُصم من الدجال”، وفي رواية عشر آيات من آخرها، فما علاقة الدجال بسورة الكهف؟! في هذه السورة العظيمة تسرد علينا أربع قصصٍ متنوعة، فريدة من نوعها، لم تتكرَّر في القرآن إلا في هذه السورة الجليلة، كل قصةٍ منها تعالج قضيَّة من أخطر القضايا وتحذِّر من نوعٍ معينٍ من الفتن الخطيرة التي يسقط فيها كثيرٌ من الناس قصة أصحاب الكهف، وقصة صاحب الجنتين، وقصة موسى مع الخضر عليهما السلام، وقصة ذي القرنين رحمه الله والكهف هو الملجأ والملاذ الحصين من كل ما يؤذي، وناسب موضوعات السورة تمامًا، فهي بحق حصنٌ حصينٌ من الفتن بكل أنواعها، فمن حفظها وتدبَّرها وعمِل بها، حفِظه الله وحماه، فلا تضره فتنة بإذن الله.  ولذا رغَب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في قراءتها كل جمعة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من قرأ الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين”، فينبغي عليك أيها المسلم وأنت تقرأ هذه السورة المباركة، أن تعي جيدًا ما فيها من العظات والعبر، وأن تتحصن بها من كل فتنةٍ وشر وضر. وتدبَّروا آياتها، وانتفعوا بقصصها، ولا سيما أنكم تُكررونها في كل جمعة، واحفظوها كاملة، فإن عجزتم، فاحفظوا من آياتها ما يعصمكم من فتنة الدجال، فإنه شر غائب ينتظر.

موقع إسلام أون لاين