الأهوال في غزة كثيرة، الأوجاع شديدة، الأسقام قاسية، الأشلاء في كل مكان، انعدم الأمن وقل النصير، وغيوم البلايا على سمائها قد اشتدَّتْ وتكاثفَتْ، ومع كل هذه المجريات علينا أن نحذر من وسوسة الشيطان؛ فلا تسمحوا له أن يسرق من قلوبكم حسن الظن بالله، وحسن التوكل على الله، فالله ناصر عباده المؤمنين الموحدين، والله وكيلنا، والله حافظنا، والله معيننا وهو القائل “قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ” الْأَنْعَامِ: 64، وتذكروا قول الله عز وجل لرسولنا صلى الله عليه وسلم “وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ” الْأَنْفَالِ: 59، هذا تهديد ووعيد وترهيب وتحذير من الله لأعداء الدين، فالله يخبرنا بأنهم تحت قهر قدرتنا، وفي قبضة مشيئتنا، فلا يعجزوننا، ولا تنسوا أن الله على كل شيء قدير، يملي ولا يغفل؛ ولهذا قال الحق “وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ” الْقَلَمِ: 45، ورسولنا وحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يبشرنا فاستبشروا، فقال: “إن الله عز وجل يملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته، ثُمَّ قَرَأَ “وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ” هُودٍ: 102، ومن هنا نسلم ونستسلم لأمر الله، فالتمحيص والاختبار سنة الله في هذه الحياة؛ “لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ” الْأَنْفَالِ: 37، وما نراه اليوم من تدمير وتشريد وقتل وتجويع هو ابتلاء عظيم للمسلمين، للموحدين، فاثبتوا وأحسنوا الظن بالله، فالصبر الصبر أيها المرابطون، تجملوا بالصبر، تحلوا بالرضا واحتسبوا الأجر، وتذكروا ما أعده الله لأهل البلاء؛ “وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” الْبَقَرَةِ: 155، فعلينا بالدعاء؛ فسهامه مصيبة، وعواقبه مجابة، واعلموا أن الله عز وجل لا يقدر شيئًا إلا لحكمة بالغة، وعاها من وعاها، وجهلها من جهلها، واعلموا أن في المحن منحا، وكم في المصائب من ألطاف وأسرار تعجز العقول عن إدراكها، فالقدر سر الله، وأقدار الله فوق إمكانيات العقول البشريَّة، هذه هي عقيدتنا، هذا هو ديننا؛ ليعلم الخلق أن لهذا الكون إلهًا عظيمًا متصِفًا بصفات الكمال كلها، ليعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وليرغبوا إليه في طلب النصرة والخير في الدنيا والآخرة.
من موقع شبكة الألوكة الإسلامي