المجاهدة الجزائرية.. المرأة الجزائرية ومخططات الاستعمار

المجاهدة الجزائرية.. المرأة الجزائرية ومخططات الاستعمار

أثارت المرأة الجزائرية خيالات الكتاب والباحثين، الشعراء والروائيين، بفضل ما أظهرته من ضروب الشجاعة في ميادين الصراع المختلفة ضد الاستعمار وقواته الفرنسية. فكان لها في كل مجال دورها: حملت السلاح مقاتلة في السهول والجبال، ودفعت الابن والزوج، والأخ والأب لحمل السلاح وخوض القتال، واستقبلت موت الأبناء والأحياء بمثل ما استقبلت “الخنساء” نبأ استشهاد أبنائها الأربعة، إذ أطلقت مقولتها الشهيرة، والتي باتت قدوة لكل مجاهدة: “الحمد لله إذ شرفني بشهادتهم”. لقد ماتت الخنساء، وصمت عنها التاريخ، غير أنها بعثت في الجزائر بألف خنساء وخنساء. فكانت ترافق المجاهدين إلى معاقلهم وصياصيهم، تشاركهم مشاق الجهاد وتقدم لهم الدعم، وتقوم بالأعمال التي يصعب على المجاهدين في كثير من الظروف الاضطلاع بها، كإخلاء الجرحى والعناية بهم. ودفن الشهداء، وتأمين الإمداد والتموين للمجاهدين، ونقل الأسلحة والذخائر، وتأمين الاتصالات وتنسيق التعاون بين فصائل وسرايا وكتائب مجاهدي جيش التحرير الوطني، ونقل الوثائق بين القيادات، وتنظيم التظاهرات في المدن، ومطاردة القوات الاستعمارية في كل مكان، بالمراقبة والمتابعة، وإطلاق الزغاريد التي طالما أثارت حماسة المجاهدين في ميادين الجهاد، وفي قاعات المحاكم عندما كانت “محاكم التفتيش الحديثة” تعقد جلساتها التظاهرية للحكم على المجاهدين والمجاهدات. وذهل العالم على السواء لهذه الظاهرة. لقد اشتركت المرأة في الحروب الحديثة، ودخلت في صلب تنظيم القوات المسلحة، غير أنها لم تتمكن من الوصول والارتقاء إلى مستوى المجاهدة الجزائرية، لا في قدرتها على احتمال كرة القتال، ولا في صمودها ضد وسائل القمع والإرهاب، ولا في صبرها على نوائب الاستعمار وكوارثه. وكان ذهول الاستعمار الفرنسي أكبر من كل تقويم. ذلك أن هذا الدور الذي اضطلعت به المجاهدة الجزائرية قد جاء ليؤكد “سقوط كافة المخططات الاستعمارية” التي استهدفت تدمير أصالة الجزائر من خلال الحرب المنظمة ضد المرأة الجزائرية حتى تتحول إلى “دمية لا تصلح إلا للعبث” على نحو ما هو عليه حال “الغربية” التي دفعت إلى ما تكره تحت شعارات “الحرية والتحرر” حتى باتت مكبلة بالقيود الثقيلة التي لم يعد باستطاعتها التحرر منها، أو الانعتاق من ثقل وطأتها، لقد عرفت فرنسا، ومنذ بداية استعمارها للجزائر، أن إحكام قبضتها على “جزائر المسلمين” إنما يكمن بالقدرة على “تدمير أصالة المرأة الجزائرية”.

من كتاب – جهاد شعب الجزائر-