-
رئيس الجمهورية أعطى ضمانات كبيرة لتمويل والاستثمار في مجال السينما
تميزت كاتبة السيناريو والمخرجة المبدعة هاجر سباطة خلال مشوارها الفني بإنتاجاتها الفنية الإبداعية التي نالت استحسان الجمهور وأصحاب الاختصاص، ومكنتها من الوصول إلى حدود بعيدة فنيا، كما برزت من خلال تجربتها الأولى في مجال الإخراج والإنتاج السينمائي في فيلمها القصير والمتوسط في مجال الفن الثوري والتاريخي “الطيارة الصفراء” الذي تحصلت به مؤخرا وضمن الدورة الـ 41 لمهرجان “vues d’Afrique” بمونتريال بكندا على الجائزة الكبرى.
فعن هذا التتويج وأمور أخرى ذات صلة، تحدثت المخرجة المبدعة هاجر سباطة لـ “الموعد اليومي” في هذا الحوار.
فيلمك السينمائي الحائز على الجائزة الكبرى في مهرجان vues d’Afrique” ” بكندا، أنجز ضمن المشاريع المخلدة لذكرى ستينية ثورة التحرير المجيدة، أعطينا تفاصيل أكثر عن هذا العمل الفني خاصة للذين لم يشاهدوه؟
أُنتج فيلم “الطيارة الصفراء” في إطار احتفالات ستينية الاستقلال من طرف وزارة الثقافة والفنون، وعن طريق المركز الجزائري لتطوير السينما. وكان قد أنتج في المجمل 11 فيلما قصيرا وستة (06) أفلام وثائقية، وفي الأفلام القصيرة كنت أنا المخرجة الوحيدة والباقي عشرة (10) مخرجين.
بالنسبة لفيلمي “الطيارة الصفراء” الحمد لله كنت أنا مشاركة في كتابة السيناريو إلى جانب كريم خديم والمنتجة المنفذة للفيلم والمخرجة له كذلك. فهذه الأفلام تسلط الضوء على شخصيات متنوعة من تاريخ ثورتنا، وأنا كامرأة ارتأيت أن أنجز فيلما يمجد ذاكرة تاريخنا.
ولو أن الطيارة الصفراء تروي قصة شهيد غنتها أخته، وأنا استلهمت من هذه الأغنية لكي أنجز فيلما أكرّم به كل جميلات الجزائر، لهذا سميت بطلة الفيلم جميلة ليس عشوائيا، هناك جميلة بوحيرد وجميلة بوباشا أطال الله في عمرهما وجميلة بوعزة رحمها الله، وحتى أمي اسمها جميلة وهي الأخرى (أمي) هربت تحت قنابل الطيارة الصفراء في أعالي جبال سطيف.
ومن خلال هذا الدور وهذا الفيلم بصفة عامة أردت أن أكرم كل الجزائريات اللواتي فقدن أخا أو زوجا أو عزيزا، وعانين الفقد والحرمان.. والطيارة الصفراء في الفيلم رمزية، ترمز إلى كل الاستعمار الفرنسي، حيث نراها تعود داخل الفيلم لكن بطريقة رمزية وفي حبكة الفيلم أن جميلة وبمقدار حبها لأخيها تكتشف حقيقة وفاته في الفيلم وتحاول الثأر للأخ، بينما يحدث طارئ وتضطر لتختار بين الثأر للأخ أو الثأر للوطن، فماذا تختار جميلة، وهو ما يرويه الفيلم، نحن لا نقول للمتفرج ما يرويه الفيلم حتى يبقى شغوفا ويحب مشاهدته.
وأظن أن هذه الأعمال التاريخية التي تسلط الضوء على تاريخ ثورتنا المجيدة هامة جدا لأنها تعرّف أكثر بتاريخنا وهويتنا خاصة لما يخرج الفيلم الثوري إلى مناسبات ومسابقات دولية مثلما كان فيلم “الطيارة الصفراء” وكان في المنافسة الرسمية في مهرجان ” vues d’ Afrique ” بمونتريال بكندا في طبعته الـ 41، أين كانت هناك 35 دولة مشاركة في المنافسة و85 فيلما باختلاف أنواعه (القصير، المتوسط والفيلم الوثائقي).
فتتويج الفيلم بالجائزة الكبرى لأحسن فيلم قصير ومتوسط في هذه الطبعة جعلني أكثر من سعيدة وفخورة لأني رفعت علم بلدي في بلد أجنبي في شمال أمريكا خاصة بفيلم ثوري، فيلم يحكي تاريخنا وهويتنا.
هذا التتويج يعني لي الكثير، هو بداية لمسار طويل وخاصة أن هذه أول خرجة دولية ومباشرة توجت بالجائزة الكبرى، وهذا شرف كبير بالنسبة لي.
فإن شاء الله أواصل في نفس المنوال، هناك مهرجانات أخرى سيكون فيها هذا الفيلم، لا يمكنني أن أتحدث عنها لأنه سيعلن عنها من طرف القائمين عليها (القائمين على المهرجانات) في ندوة صحفية، والحمد لله، هناك مسار للفيلم على الصعيد الدولي، وأتمنى أن يذهب بنفس الوتيرة ويتحصل على تتويجات أخرى، فهذا التتويج ليس تتويجا شخصيا، أكيد أنا أفتخر ويشرفني هذا التتويج، بل هذا التتويج للسينما الجزائرية وتتويج للجزائر بما أننا نرفع علمنا وسينمانا في الخارج.
ماذا يعني لك التتويج بمثل هكذا جوائز خارج الوطن؟
يعتبر هذا النجاح جد محفز بالنسبة لي ودافعا للمواصلة في المشوار والمثابرة والاجتهاد أكثر، وفي حكايات تستقطب الرأي العام والجمهور الدولي، فإن الشيء الخاص في “الطيارة الصفراء” ولو أنه في سياق ثوري ويحكي قصة من قصص ثورتنا المجيدة، إلا أنه يحكي قصة عالمية حول حب أخت لأخيها، عانت الفقد والحرمان.
فهذه القصة لامست مشاعر كل من كان هناك من الجزائريين، فالجالية كانت حاضرة هناك بقوة وداعمة لي والحمد لله، وعلى غرار الجمهور المتنوع الذي كان حاضرا من الأجانب، وحقيقة استقطبت القصة عواطف الحاضرين الذين تفاعلوا معها جميعا إلى حد البكاء.
وشرّفني بحضوره القنصل العام لمونتريال وسفيرنا، فأكيد أنا تشرفت أن العرض تم بطريقة رائعة والتتويج بطريقة أروع، أين رفعت الزغاريد وحملت العلم الجزائري على أكتافي وفرحت به كثيرا، والحمد لله يا رب والله يوفقني للأفضل دائما بإذن الله.
هل كنت تتوقعين هذا التتويج لفيلمك الأول في الإخراج السينمائي؟
الإنسان دائما يتوقع الأسوأ والأحسن، لكني كنت على علم أن النوعية التقنية والفنية مقارنة بالأفلام المشاركة في المنافسة في هذا المهرجان كان لها مستوى كبير وكانت هناك أفلام ذات مستوى، ولكن كان هناك خوف جعلني لا أتوقع الأفضل، ولذا لم أكن أتوقع النجاح بنسبة 100%، ولكن مشاهدتي للأفلام التي كانت قيّمة في الحقيقة، جعلتني أتيقن بأن فيلمي “الطيارة الصفراء” كانت له مكانة في هذا المهرجان وسط الحضور، وتابعت آراء الحضور حول فيلمي وأهل السينما والاختصاص من أجانب، مما أعطاني أملا كبيرا لفوز هذا الأخير (فيلمي “الطيارة الصفراء” بإحدى جوائز هذا المهرجان.
ما تقييمك لواقع السينما في الجزائر؟
السينما الجزائرية اليوم، أظن أن هناك إرادة قوية من طرف السلطات العليا للبلد خاصة من طرف رئيس الجمهورية وصناع السينما في الجزائر من منتجين، مخرجين وكتاب سيناريو وتقنيين، وأظن أن الجهود كلها متضافرة مع بعض خاصة بعد اللقاءات السينمائية المقامة في الجزائر مؤخرا على مدار يومين وبإشراف رئيس الجمهورية، أين أعطى في كلمة تحفيزية ضمانات كبيرة من ناحية التمويل، حرية التعبير، الاستثمار في السينما والتسهيلات، فهناك تفاؤل كبير، فالتقنيون اليوم على قدم وساق وجمعية المنتجين من جهة في تأطير هذه التوصيات التي نتجت عن الورشات السينمائية التي عرفتها بلدنا مؤخرا تحت إشراف وزير الثقافة والفنون السيد زهير بللو، وكل الفاعلين في مجال السينما هم في بحث عن السبل والطرق من أجل دفع السينما الجزائرية بكل الوسائل واللقاءات وعدد المهرجانات التي فيها العديد من الورشات على غرار المسابقات الرسمية أو النقاشات…
فكل هذا يساهم في تدعيم السينما الجزائرية، ورأينا أنها في تطور مستمر، حيث هناك أفلام مؤخرا خرجت خارج الوطن وتحصلت على جوائز مشرفة، وهي بصدد أخذ مكانتها بتأنٍ لأن هذا الأمر ليس سهلا، لأن لدينا أزمات كبيرة يجب حلها في التمويل وتوزيع الفيلم الجزائري على المستوى الدولي وحتى على المستوى الوطني، وإن شاء الله تتواصل تهيئة القاعات التي هي بصدد الترميم واسترجاعها من طرف وزارة الثقافة والفنون، ونتمنى أن يكون الاستثمار أكبر وشراكة إنتاج أكثر مع الخارج لكي تتأطر الإنتاجات السينمائية بطريقة أحسن، كل هذا يصب في قالب واحد بإشراك مختلف مؤسسات الدولة من وزارات وهيئات لكي نصل إلى صياغة قانون سينما جديد يخدمنا كسينمائيين ويخدم ثقافة بلدنا والسينما الجزائرية بصفة عامة.
حاورتها: حاء/ ع