تُعاني المرأة الفلسطينية من مختلف أشكال العنف والتمييز والتعذيب والاضطهاد الذي يُمارسه عليها الاحتلال الصهيوني والمستوطنون، بما في ذلك القتل العمدي والاعتقالات التعسفية، ناهيك عن الانتهاكات التي تتعرض لها يوميا خلال نزوحها من مكان إلى آخر بحثا عن الأمان لأطفالها قبل أن يكون لها، متحملة في ذلك ويلات الحرب وضعف الحال وانعدام الغذاء.
الحديث عن عالم أحيا، أمس، اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في هذا الظرف، فيه الكثير من النفاق وانعدام المصداقية، إذ كيف يُحتفى بهذا اليوم والمرأة الفلسطينية تتعرض بشكل يومي للإبادة والقهر منذ 7 أكتوبر من العام الماضي، حيث بدأت جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها قوات الاحتلال بحقهن وحق عائلاتهن وأبناء شعبهن، ولم تتوقف إلى حد الساعة.
المرأة تتحمل أوزار الحرب
تتحمل المرأة الفلسطينية أوزار الحرب منذ اندلاعها، حيث لا توجد سيدة في غزة لم تذق مرارة فقدان عزيز عليها، سواء كان زوجا أو ابنا او ابنة أو أخا أو أختا أو أما، وإن فقدت أحدهما بالاستشهاد، تُحرم من الآخر بعد الاعتقال والأسر في سجون الصهاينة، فصارت صرخات الأرامل والثكالى ترافق كامل الصور والفيديوهات الني نشاهدها، ناهيك عن هلعها الدائم على أطفالها.
يوميات الخوف والجوع واللا أمن
قالت هيئة الأمم المتحدة، إن المرأة في غزة تعيش في خوف مستمر، فلا يوجد مكان آمن يمكن لها أن تستقر فيه، وذكرت أنه 9 من كل 10 أشخاص في غزة نازحون، وتوجد ما يقرب من مليون فتاة وامرأة نزحن حوالي خمس أو سبع مرات، فارغين اليد دون أموال أو متعلقات شخصية ولا يعرفن إلى أين يذهبن، كما يوجد الآن أكثر من 177 ألف امرأة في غزة تواجهن المخاطر بسبب أضرار كبيرة على الصحة الجسدية والنفسية.
وللمتاعب الصحية نصيبها
منذ اندلاع الحرب على غزة، والمرأة الفلسطينية لا تحصل على أي علاج، حيث أن هناك ما يقرب من 162 امرأة مصابة بمرض السكري وأمراض القلب والسرطان وارتفاع ضغط الدم، أما السيدة الحامل في غزة فتعيش مأساة المجاعات، هذا بخلاف نقص الغذاء وتلوث المياه وانتشار الأمراض المعدية بينهن.
لا راية بيضاء ولا الضعف يشفع لهن
خلال هذه الحرب المجنونة على قطاع غزة ومنذ اندلاعها لم يرحم العدوان الإسرائيلي أحدًا حتى السيدات اللاتي كن يرفعن الرايات البيضاء أثناء النزوح تم استهدافهن مع أطفالهن وآبائهن من كبار السن، فمنهن من قتلت ومن أصيبت ومن فقدت كافة أحبائها.
النزوح… عنف وانتهاكات لا تنتهي
تضطر المرأة الفلسطينية إلى النزوح بحثا عن الأمن لعائلتها
وأطفالها، وفي طريق النزوح غالبا ما تتعرض إلى العديد من الانتهاكات سواء الجسدية أو المعنوية، حيث يقوم عناصر جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء عملية النزوح بقصف السيارات والشاحنات المليئة بالنساء مثلما رواه شهود عيان عبر فيديوهات منشورة الذين قالوا إنهم شاهدوا في طريق صلاح الدين من الجهة الشرقية لقطاع غزة نساء تعرضن للقصف وكانت بعض جثثهن متطايرة فوق الطرق وأخرى ملقاة فوق العربات التي تعرضت للقصف.
كما روى بعض الشهود أن جنود الاحتلال كانوا يجبرون الفلسطينيات النازحات على خلع ملابسهن وخمارهن بالعنف، رغم أن هذا مُخالف لاتفاقية جنيف الرابعة التي نصت بشكل خاص على حماية النساء، حيث جاء في المادة (27) “يجب حماية النساء بشكل خاص من الاعتداء والاغتصاب والبغاء القصري أو أي شكل آخر من أشكال التحرش الجنسي”.
وتحمل مسيرة النزوح على طولها الكثير من القهر، حيث تعاني المرأة الفلسطينية من معاملة غير انسانية أثناءها، وقالت إحدى السيدات وهي تحكي عذاب رحلة النزوح إنهن كنّ مجبرات على قضاء حاجتهن في الشارع أو الانتظار وقت طويل جدا وهذا ما يسبب مشاكل صحية للمرأة نظرا لطول فترة النزوح وعدم وجود مواصلات، حيث تستغرق رحلة النزوح ساعات، كما أن النساء النازحات في وقت الدورة الشهرية يعانين كثيرا حيث أنهن لا يستطعن التوقف أو الارتياح بناء على تعليمات الاحتلال.
الاعتقال دون مراعاة لخصوصية المرأة
كما عانت النساء الفلسطينيات في ظل هذه الحرب من الاعتقال التعسفي والايقاف وهن في طريق النزوح، حيث تم توثيق اعتقال الكثير من نساء قطاع غزة من ضمنهم مسنات ورضيعات، وحسب ما وصل من شهادات بعضهن، فإنهن يتعرضن إلى التنكيل وسوء المعاملة في ظل تعتيم كامل على مصيرهن من قبل الاحتلال.
كما يقوم جيش الاحتلال بسرقة صيغة وذهب الفلسطينيات، حيث قالت إحداهن إن ابنتها التي اعتقلت أثناء النزوح قد تعرضت لسرقة ذهبها الخاص والمقدرة قيمته بأربعين ألف دولار ولم تسترده إلى غاية هذه اللحظة، وذلك لأنها ما زالت معتقلة لدى الاحتلال الإسرائيلي.
وهو ما أكده أحد الشباب الذي قال إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أجبر النساء على رمي ذهبهن على الأرض وكان يمنعهن من التقاطه في حالة السقوط وإلا تعرضن للقتل، وذكر أيضا أنهم كانوا بأنفسهم يمشون عليه حتى لا نتعرض للقتل أو الاعتقال لمجرد وقوفنا.
لا أمان في الأماكن الآمنة
تتعرض النساء الغزاويات لشتى أنواع العنف في الأماكن التي حددها الاحتلال وقال عنها بأنها آمنة، حيث لم تسلم النساء الفلسطينيات في خيم النزوح من القصف أو من قناص الاحتلال ووصول الشظايا بشكل مباشر، حيث عانت العديد من النساء وهي آمنة في خيم النزوح من الإصابة أو الاستشهاد.
.. العنف الصحي وجه آخر للمعاناة
تتعرض النساء في غزة إلى أبشع أنواع العنف الصحي، ففي ظل الحرب واغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات، يغيب مستلزم نسائي لا غنى عنه “الفوط الصحية النسائية”، حيث اضطرت بعض النساء إلى تناول حبوب منع الحمل من أجل إيقاف الدورة الشهرية أو تأجيلها في ظل عدم الاستقرار والنزوح المتكرر، الأمر الذي يعتبر كارثة على صحتهن الجسدية والنفسية، حيث لها أضرار صحية على المستوى البعيد منها، كما اضطرت النساء إلى صنع فوط صحية من القماش القديم، والتي تعد غير صحية، إضافة لتهيئة حفاظات أطفال بشكل يمكن استخدامها رغم عدم فعاليتها.
كما تعاني المرأة الفلسطينية حاليا بسبب الحرب غياب هذه المستلزمات الأساسية للحياة الكريمة. فالحمامات إن توفرت تكون قليلة العدد وعامة الاستخدام، والماء النقي شحيح، ولا يوجد بها صرف صحي والكهرباء غير متوفرة. ويسوء الوضع في فصل الشتاء حيث يتسرب المطر إلى داخل الخيم التي تفتقر إلى وسائل التدفئة الفعالة. وتؤدي هذه الظروف إلى تفشي الأمراض، وخاصة بين النساء اللواتي يحتجن للمحافظة على صحتهن.
ل. ب