المراهقون… أخطاء قد تكونهم وأخرى قد تقضي على مستقبلهم

المراهقون… أخطاء قد تكونهم وأخرى قد تقضي على مستقبلهم

 يتعرض الإنسان في مرحلة المراهقة إلى صراعات عديدة مصحوبة بتغيرات في مظاهر النمو المختلفة الجسمية والفسيولوجية والعقلية و الإجتماعية و حتى الأخلاقية، حيث يحاول المراهق إثبات ذاته للآخرين وأنه قادر على الاعتماد على نفسه في كل الأمور.

وتنعكس صعوبات فترة المراهقة على الحياة العامة للأسرة، إذ غالبا ما يلجأ الطفل المراهق إما إلى الانزواء و الانطواء والعصيان، كما تأخذ العلاقات الغرامية نصيبا وافرا من هذه الفترة وهذا ما لا يتقبله الكثير من الأولياء، خاصة بالنسبة للفتيات اللواتي تدخلهن فترة المراهقة في متاهات البحث عن الحب وتحقيق الحرية والتمتع بالأنوثة فتجدها ترتدي كل ما من شأنه أن يثير الطرف الآخر وتتصرف تصرفات لإيقاعه في شباكها، خاصة وأن الفتاة في هذه المرحلة تتميز بالعاطفة الشديدة والاندفاع الكبير والحيوية والطموح الزائد وكذا رفضها لكل أنواع القيود، وقصص الفتيات اللواتي تغادرن منازلهن مع أصدقائهن والفتيات اللواتي يغرر بهن فيدفعن ثمن ذلك غاليا من حبيب أشبع غريزته منها، فبمجرد حصوله على مبتغاه يرمي تلك الساذجة للبحث عن فريسة أخرى فهذه تحمل من أحدهم لتبحث عن سبل إجهاضه وأخرى ترجع إلى حضن عائلتها للتبليغ عن الجاني، أما أخريات فتكون غلطتهن تلك سببا في دخول عالم الرذيلة من بابه الواسع.

 تغيير “اللوك” ميزة المراهقين اليوم

 يقوم الشباب والفتيات في مقتبل العمر بتغيير أشكالهم والقيام بتصفيفات أقل ما يقال عنها أنها في منتهى الغرابة ومتزينين بقلائد وإكسسوارات كثيرة زادت من تميزهم واختلافهم عن غيرهم متبعين أحدث صيحات الموضة وضاربين بذلك عرض الحائط لثقافتنا ومجتمعنا المحافظ بعيدا عن آباء غير مبالين بسلوكيات أبنائهم، أول ما يلاحظ على المراهق هو تصرفات توحي لنا بأنه يتمتع بنوع من الاستقلالية ويحاول فرض رأيه في مختلف الأمور، إذ تشتكي أمهات كثيرات من صعوبة التعامل مع أبنائهن في هذه المرحلة بدءا بالاهتمام بالمظهر الخارجي والانجذاب للطرف الآخر، إذ يصبح المراهق في هذه المرحلة صعب المزاج ولا شيء يرضي ذوقه خصوصا ما تعلق باللباس، إذ تجد الكثير من الفتيات وبمجرد ظهور علامات الأنوثة على جسدهن يسرعن لاستعراضها

واستظهارها بمختلف الملابس الضيقة وشبه العارية اقتداء بنجماتهن المفضلات ولغرض جذب أكبر عدد من المعجبين.

من جهتهم الشباب يتفننون في قصاّت شعورهم واستعمال أحدث الماركات من العطور واختيار أفضل ما يرتدون لكسب أكبر عدد من المحبة، وتتم هذه الأمور في غالب الأحيان بعيدا عن علم الآباء وكل أفراد الأسرة، إذ يتم اللقاء بين المحبين خلسة وبعيدا عن كل الأنظار، أما في أحيان أخرى وبداعي التفتح والتحضر تجد الكثير من الأولياء يعلمن بتلك العلاقة إذا تعلق الأمر بالابن قد يكون مقبولا، أما إذا كانت البنت طرفا تحرم من الدراسة وتبقى حبيسة الجدران وبعض الأولياء لا يعارضون ذلك ولا يراقبون تصرفات أبنائهم لينتظروا حتى وقوع الكارثة ويتحسرون ندما على فعلة ابنتهم.

 الفتيات المراهقات.. تمرد على العائلة والأخلاق

 يعج الواقع بقصص كثيرة لفتيات في عمر الزهور دفعت بهن أخطاء المراهقة لدفع الثمن غاليا، و “زينة ” واحدة منهن فقد تعرفت على شاب في مرحلة مراهقتها وأحبته وكانت تلاقيه خفية عن أهلها، قدمت لرفيقها أعز ما تملك في لحظة ضعف، ولما أدركت ما فعلت في حق نفسها قررت مغادرة بيتهم العائلي دون رجعة حاملة معها عارها لتبقى هاربة خوفا من شقيقها الذي سيقتلها على حد قولها إن رجعت، وهي الآن في الشارع الذي يعرضها لمختلف أنواع الأخطار.

وقصة “زينة” ليست استثناء، فغيرها كثير وما هي سوى عينة من مئات المراهقين الذين ارتكبوا أخطاء وربما لن يدركوا عواقبها إلا بعد أن يرشدوا، مع اختلافهن في كيفية التعامل مع الخطأ،  فعلى عكس “زينة” فضّلت “أمينة” العودة لأهلها بعدما أنجبت طفلة في مرحلة المراهقة، ولكنها كانت قوية ورجعت إلى بيت أهلها الذين تنكروا لها في البداية لكنهم قبلوا بها ورأوا في عودتها إلى البيت رغبة منها في عدم الانحراف، ثم تعرّفت على رجل آخر وتزوجت به وأنجبت منه أطفالا آخرين، رغم أن ذلك يبقى نقطة سوداء في حياتها، كما تقول، حتى من زوجها الذي تقبلها في البداية وستر عليها أصبح اليوم يذكرها بماضيها ويسخر منها، أما “وافية” ففضلت التوجه إلى مصالح الأمن للتبليغ عمن اغتصبها بعدما وعدها بالزواج تم أجبرها على الإجهاض، ولم تكن تعلم أنه جريمة يعاقب عليها القانون، فبلّغت عن نفسها فكان مصيرها السجن.

 التدخين.. المخدرات أول وجهة للمراهقين

يعيش الشاب في أولى سنوات المراهقة مرحلة صعبة بحثا عن ذاته غالبا ما يكون مشوش الأفكار ومتهورا ولا يحسن تقدير الأمور، وبالتالي فالتيار الذي يأتي يستطيع أن يقوده بدءا برفقاء السوء أين يتعلم المراهق مختلف طرق الانحراف

والفساد، إذ يعتبر التدخين أول ما يتناقله المراهقون عن بعضهم بدءا بمجرد الفضول وحب الاستطلاع، وسرعان ما يتحول إلى عادة تستمر مدى الحياة، إذ يلجأ كثير من المراهقين إلى التدخين هروبا من واقع معيشي معتقدين أن هذه العادة تخلصهم من الضغط العصبي والنفسي لكن الحقيقة هي عكس ذلك، إذ أثبتت الدراسات أن معظم المراهقين عرضة للتدخين وهم يكتسبون العادة من الأسرة والأصدقاء وحتى المعلمين، وفي ثاني مرحلة من الانحراف تأتي المخدرات وذلك بعد الالتحاق بمراحل دراسية أعلى والاختلاط بشباب أكبر سنا، إذ يواجه المراهق أنشطة جديدة يمارسها هؤلاء مما يوقعه مرة أخرى في فخ الفضول والتجريب وصولا إلى الإدمان والمعاناة حال العديد من أبنائنا الذين يصبحون منصاعين لأوامر رفقائهم مثلا شاب لا يتجاوز عمره 13 سنة وبعدما كان المعلمون يضربون به مثالا أعلى في الأخلاق ومن أنجب التلاميذ، لكنه انقلب فجأة والسبب رفقاء السوء الذين يصاحبهم وأصبح خاضعا لهم وبعدها متشردا يدخن وغير ملتزم، وفي يوم من الأيام في إطار دورية روتينية لرجال الأمن، اقتادته ورفقائه إلى التحقيق بعدما عثروا بحوزتهم على سجائر محشوة بالكيف المعالج.

وحسب علماء النفس، فإن السبب في حدوث هذه المشكلة يكمن في اختلاف مفاهيم الآباء عن مفاهيم الأبناء واختلاف البيئة التي نشأ فيها الأهل وتكونت شخصيتهم خلالها، فالوالدان يحاولان تسيير أبنائهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، وبالتالي يصعب على الآباء الحوار مع أبنائهم لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم أو أنهم لا يستطيعون فهمهم أو أنهم – حتى إن فهموها – ليسوا على استعداد لتعديل مواقفهم، “أمين” مثلا يقول إن والديه لم يسألاه يوما عن سبب غضبه عكس أصدقائه، المهم أن يغرب عن وجهيهما ويظل في الشارع وكأن هذا الأخير هو الحال الكفيل للأبناء والمكان الآمن.

 مراهقون يسرقون أولياءهم

بعد التدخين والإدمان على المخدرات، يقوم المراهقون الذين لا تزيد أعمارهم عن 19 سنة بالسرقة من أجل اقتناء المخدرات، وبالنظر لصغر أعمارهم تكون منازل أوليائهم أول ما تطوله أيديهم، حيث يقومون بسرقة أوليائهم وأقاربهم، ومثال ذلك طفل يبلغ من العمر 15 سنة، يقطن بمنطقة الحراش، أقدم على سرقة مجوهرات والدته وقام ببيعها، لكن والده تفطن لأمره، وعندما واجهه اعترف بما اقترفه وبأنه قام بذلك بضغط من أحد أبناء الحي الذي حرضه وساعده على بيعها وتقاسم الأموال معه، والسرقة لا تقتصر على الذكور فقط بل حتى على الفتيات، والمدعوة “وسيلة” هي عينة عن ذلك، فهذه الأخيرة، التي تبلغ من العمر 19سنة، القاطنة بالمدنية بالعاصمة، أقدمت على سرقة مجوهرات أمها واستغلت فرصة غيابها عن المنزل لتدخل غرفتها، وأخذت كل المصوغات التي كانت بالخزانة وسلمتها، فيما بعد إلى صديقها الذي حرّضها على فعل ذلك، لكن بعد اكتشاف أمرها اعترفت بما قامت به، مؤكدة أن صديقها الذي كانت تتردد معه على أماكن مشبوهة هو من طلب منها فعل ذلك. والشيء نفسه قامت به فتاة أخرى تنحدر من عائلة غنية تقيم ببئر مراد رايس، حيث سرقت الأموال التي كان يضعها والداها بالخزانة من أجل منحها لصديقها.

   … سلوكات المراهقة.. طريق معبّد نحو العدالة

احتلت جنحة السرقة الصدارة بـ3453 قضية والعنف الجسدي بـ2232حالة، وقضايا السرقة والضرب والجرح العمدي عرفت ريادة الترتيب القضايا التي يتورط فيها المراهقون أو بالأحرى القصر، أما الاعتداء على الممتلكات العمومية والفردية فتورط فيها 434 طفل و276 آخرين في استهلاك واستعمال المخدرات. أما جرائم القتل فقد أحصيت 17 جريمة ارتكبها الأطفال و59 اعتداء ضد الأصول وتورط الأطفال في الجريمة المنظمة، منها التزوير، إذ أوقف 1665 طفل و1771 آخرين ارتكبوا جرائم تتعلق بالتهريب. وقد كشف التقرير تورط الأطفال القصر في كل أشكال الجريمة وهو ما يتطلب إعداد دراسات ووضع آليات لحماية هذه الفئة من المجتمع والتكفل بالأطفال الذين وجدوا أنفسهم في الشوارع لغياب الرعاية الأبوية والتفكك الأسري والطلاق والفقر وعمالة الأطفال والتشرد نتيجة الهروب من البيت بسبب سوء المعاملة والضغط النفسي والمعنوي والتسرب المدرسي، وبالتالي وقوعهم ضحايا أعمال العنف والاختطاف وانسياقهم وراء الجريمة بمختلف أشكالها. كان لهذه الأعمال الإجرامية ضريبتها، فلم يتقلّص تضرر الأطفال المعنوي فقط، بل فقد البعض حياتهم والذين غالبا ما يتم استخدامهم كطعم في العصابات خاصة المتعلقة بترويج المخدرات، إذ قتل 27 قاصرا ورمي بجثثهم بعد انسياقهم وراء جماعات أشرار تفوقهم سنا استخدموهم كطعم لتنفيذ عمليات إجرامية، مع تفكيك 413 جمعية أشرار أبطالها أطفال قصر متورطون في قضايا إجرامية، والأمثلة عن جرائم الأحداث كثيرة ومريبة.