بعد تأكيد الوقائع والدراسات على تدنيه

المستوى الاخلاقي عند الأطفال.. بين مسؤولية الأسرة ودور المدرسة

المستوى الاخلاقي عند الأطفال.. بين مسؤولية الأسرة ودور المدرسة

تشهد الجزائر في السنوات الأخيرة انخفاضا نسبيا ومحسوسا للمستوى الأخلاقي للأطفال، هذا ما أثار قلق وحفيظة المختصين في علم الاجتماع والنفس من جهة، والأسر الجزائرية من جهة أخرى، على اعتبار أن هذه الفئة تمثل الركيزة الأساسية للمجتمع الجزائري لأنها تشكل أمل ومستقبل الجزائر الواعد.

 

عدم تعاطي الأستاذ مع التلاميذ بطريقة سليمة

أجمع الأولياء الذين تحدثت معهم “الموعد اليومي” على أن المعلمين يحملون على عاتقهم إلى حد كبير مسؤولية التدهور الأخلاقي للأطفال، حيث قال لنا السيد (ع. ب) البالغ من العمر 45 سنة وهو أب لثلاثة أطفال من بينهم اثنان يدرسان في الطور الابتدائي بأن هناك عجلتين تقومان عليهما تربية الطفل وترقية مستواه الخلقي، العجلة الأولى هي الآباء والعجلة الثانية هي المدرسة، إن نقصت عجلة واحدة سيكون هناك خلل، كما قال أيضا إننا نحن الآباء نحاول أن نقوم بدورنا من خلال متابعة الطفل في المنزل والتحفظ على ما يشاهده رغم انشغالنا الكبير بتوفير المأكل والملبس، لكن الأمر الثاني يبقى على عاتق المدرسة لأن الطفل يقضي ساعات في المدرسة أكثر مما يقضيها في البيت، لذا يجب على المعلم أن يحسن تعامله مع التلاميذ لأن هناك أساتذة لا يجيدون فن التحاور ويتعاملون مع الأطفال بطريقة تسلطية، هذا ما يولد العنف لدى الطفل بل ويولد الكراهية في اكتساب العلم. كذلك رفقاء السوء لديهم دور كبير في إفساد أخلاق وشخصية الطفل. كما أضاف أن بعض الأساتذة يقومون بعنف معنوي وجسدي، هذا ما يولد لدى الطفل عقدا نفسية تجعل مستواه الخلقي ينحدر.

 

الإهمال الأسري هو السبب الرئيسي

اقتربنا من إحدى الأستاذات وهي (لامية. ب) معلمة في مدرسة ابتدائية تقوم بتدريس اللغة الفرنسية للأطفال، والتي رجحت السبب الوحيد لانخفاض المستوى الأخلاقي وظهور العنف هو غياب الوالدين في ردع الأولاد وتنبيههم إلى احترام الغير على حسب تعبيرها، كما قالت إن الجري وراء لقمة العيش ليس هو السبب لأن أمهاتنا في القدم كن يعملن ويشقين وكن يعشن الفقر ويربين الأجيال في غياب الأب. كما حدثنا الأستاذ المدعو (ك. ح) الذي يعمل مدرسا للرياضيات في متوسطة، حيث قال لنا إنه من الصعب أن يقوم المعلم بدوره كاملا في تكوين الأجيال بدون مساعدة الأولياء وتفهمهم لبعض التصرفات الصارمة التي يعامل بها المدرس الطفل، وذلك من أجل إعادته للطريق السليم، خاصة وأن الطفل أصبح لا يبالي بالتهديدات والإنذارات الشفهية.

المختصة بدوحان فايزة لـ “الموعد اليومي”: على الأساتذة والأولياء أن يجيدوا فن التعامل مع الطفل

أكدت الأستاذة بدوحان فايزة وهي أستاذة مختصة في علم النفس أن السبب هو عدم اعطاء الفرصة سواء من طرف الخلية الاجتماعية “الأسرة” أو المدرسة للتعبير عما بداخل الطفل.. إذ أن المدرسين يطبقون البرنامج بطريقة تنقصها المرونة بعدم الأخذ بعين الاعتبار ميول الطفل خاصة للذين لديهم حساسية وبعض الميكانيزمات الدفاعية، فهناك من فقد الأب والأم خصوصا في العشرية السوداء، وهناك من الأطفال من شاهد العنف لأن الطفل يكبت كل ما يشاهده ويسترجع ما بداخله في مرحلة المراهقة، كما أضافت أنه يجب أن تكون هناك معاملة جيدة من طرف المعلم أو المعلمة لأننا سابقا لم نعطِ أهمية للاعتداء اللفظي لأنه خطير جدا أكثر من الاعتداء الجسدي، ولديه عواقب جد وخيمة لأن الطفل الذي يتلقى معاملة سيئة في مرحلة الطفولة، يبقى يعاني منها حتى في مرحلة المراهقة والشباب، لذلك يجب على الأستاذ والوالدين التركيز على جانب العلاقات لأنها قاعدة تكوين الطفل. كما شددت محدثتنا على ضرورة التركيز على إعطاء الطفل حرية التعبير في إبداء رأيه سواء في المدرسة أو في البيت، كما وضحت أنه يجب معاملته بطريقة حذرة وغير متسلطة، يعني بطريقة قائمة على الحوار البناء دون إحراجه أو إهمال الإجابة على أسئلته حتى ولو كانت بسيطة.

كما أشارت محدثتنا إلى أنه يجب التركيز على الجانب العاطفي للطفل وذلك من أجل مساعدته في تكوين توازن بشخصيته ومعاملاته لأن هناك فنا في التعامل مع الطفل، كما يجب علينا ألا نترك الحيرة عند الطفل لأنها تولد أمورا سلبية لديه، واختتمت قولها بأن المسؤولية تُحمّل للأبوين والأساتذة في نفس الوقت.

رغم تعدد الآراء والاختلاف في وجهات النظر حول السبب الرئيسي في إحداث هذه الظاهرة، يبقى الهدف واحدا وهو حماية الطفل من هذه الظاهرة الخطيرة باعتباره لبنة وأساس رسم ملامحه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمستقبلية.

ق. م