المعنى الحقيقي للحياة

المعنى الحقيقي للحياة

إن “الحياة” هي ذلك المعنى المرادف للوجود والحركة والفعل والتأثير والتأثر، وهى في نفس الوقت ذلك المضاد للموت والسكون والخمود… وبهذا المعنى الواسع تشترك كثير من المخلوقات في صفة الحياة المكتسبة والتي يعقبها ولا شك موتٌ وسكون.. وبهذا المعنى الواسع للحياة يشترك البشر مع الحيوان والنبات وغيره… حياةً لا تميز بينهم.. يأكلون ويشربون ويتناسلون ويتحركون… ولكنَّ الحياة بمعناها الأرقى و”الخاص” هي حياة المؤمنين الذين اتصلوا بخالقهم سبحانه وسما وجدانهم وصحت عقولهم على نور معرفة الله تعالى واليقين به… وهي حياة تخلق في الوجود وجودا آخر من النور والبناء والغرس والنماء والحضارة والأخلاق الرفيعة والآداب السامية…هذه الحياة هي التي نعنيها حين نقول إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد علَّم الدنيا من خلال حياته الشريفة كيف تكون الحياة الحقيقة التي بها يرتقي الإنسان لتكريم الله فيه، والتي بها يختلف عن البهائم والحيوانات….فإن الإنسان إذا لم يستعمل سمعه وبصره وقلبه وعقله ووجدانه ومشاعره في معرفة الحق والارتقاء بأخلاقه وأدبه إلى السماوية؛ فهو كالأنعام يشترك معهم في الحياة البهيمية التي لا تساوي في حقيقة الحياة شيئا تنتهي حين تفارق الروح الجسد وينتهي ذكر صاحبها ولربما يخلد ذكره في المجرمين الذين أفسدوا في البلاد والعباد….

وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحياته التي تمثل التنفيذ الأشمل والأكمل للتعاليم الربانية والمنهج السماوي على الأرض.. فهو النموذج الأمثل للحياة التي قال فيها ربنا سبحانه ” مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ” النحل: 96- 97. أخبر تعالى أنَّ ما عنده مِنْ نعيمِ الجنَّة، ومواهب الآخرة خَيْرٌ لمن اتقى وعَلِمَ واهتدى، ثم بيَّن سبحانه الفرق بين حال الدنيا، وحال الآخرة، بأنَّ هذه تنفد وتنقضي عن الإنسان، أو ينقضي عَنْها، ومِنَنْ الآخرة باقية دائمة، وصَبَرُوا معناه عن الشهوات وعلى مكاره الطاعاتِ، واختلف النَّاسُ في معنى “الحياة الطَّيِّبة” فقال ابن عباس: هو الرزق الحلال، وقال الحسن وعلي بن أبي طالب: هي القناعة. وعلى النقيض تماما من اتبع هواه وترك هداه وعاش كالبهائم… كما قال الله تعالى: “فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ” سورة طه. وهكذا نتفهم معنى الحياة الحقيقي ونحاول أن ندرك إدراكا تاما ثم نؤمن بأن الحياة التي أرادها الله سبحانه بمنته وفضله لنا إنما توضحها وترسم معالمها وصراطها حياة محمد صلى الله عليه وسلم.

 

من موقع الألوكة