“الموعد اليومي” ترصد دور السينما في خدمة الكفاح المسلح

 أولت السينما الجزائرية عبر عدة أعمال اهتماما كبيرا بالثورة التحريرية المجيدة، ولا أحد ينكر أيضا أن الشعب الجزائري بمختلف أطيافه دفع بالنفس والنفيس من أجل تحرير الجزائر بمن في ذلك المخرجون الجزائريون فقد دفعوا ثمنا غاليا خلال الثورة التحريرية، ومنذ عام 1957 بدأوا يعرفون نوعا من التنظيم والتكوين على يد مخرجين فرنسيين متضامنين مع القضية الجزائرية، وأول تعاون جمع بين الطرفين تمثل في إنجاز فيلم وثائقي

قصير بعنوان “اللاجئون” من إخراج سيسيل ديكوجي، حيث يصور هذا العمل عملية تهجير الجزائريين ونفيهم إلى المحتشدات الواقعة على الحدود الجزائرية التونسية، وقد أنتجت هذا العمل المخرجة سيسيل ديكوجي لحسابها الخاص بالتعاون مع مصالح جيش جبهة التحرير الوطني بسجنها لسنتين في فرنسا، وقد ساند الثورة الجزائرية العديد من الفرنسيين في إنجاز الأفلام السينمائية، حيث تكوّن على يدهم العديد من المخرجين الجزائريين الذين كانوا شبابا آنذاك، والذين واصلوا مشوارهم في مجال السينما بنجاح، ومن بين هذه الأسماء نذكر المخرج المبدع لخضر حمينة وأحمد راشدي والمخرجين الفرنسيين الذين كانت لهم الشجاعة وأعلنوا عن موقفهم بالتوقيع على “بيان 121″، ففقدوا كل سبل الدعم التي كانت تمنحها الدولة الفرنسية لقطاع السينما، في حين فضل البعض منهم الانخراط في صفوف جبهة التحرير منهم روني فوتي وبيير أليمون… وبوصول اليساريين إلى السلطة في فرنسا، عرف الوضع في مجال السينما تحسنا كبيرا، وقل ضغط الرقابة، وهذا سمح بتناول موضوع الحرب في الجزائر بشكل كبير، ومن بين الأعمال السينمائية التي ظهرت في هذه الفترة فيلم “الخيانة” لفيليب فوكون، وفيلم “سيدي العقيد” للوران اربت وأًنتج من طرف كوستا ڤفراس، وفيلم آخر بعنوان “العدو الحميم” لفلوران سيري…

كما خضع للرقابة العديد من الأفلام وتم منعها بين الفترة الممتدة من 1953 إلى 1960، وقد تم تجميد حوالي 105 أعمال سينمائية في الفترة ما بين 1952 إلى 1959 بسبب رفض مخرجيها إدخال تغييرات عليها..

كما ساهم عدة مخرجين مغتربين من أصول جزائرية في تقديم أعمال سينمائية تحكي عن الثورة الجزائرية منهم رشيد بوشارب الذي قدم عملا سينمائيا بعنوان “السكان الأصليون”، وقد تناول في محتواه قضية المحاربين المغاربة وأيضا فيلم “خراطيش ڤلواز” للمخرج الجزائري المغترب مهدي شارف.

 

العصر الذهبي للسينما الجزائرية

في الفترة الممتدة بين 1969 إلى 1980، عرفت السينما الجزائرية عصرها الذهبي، بحيث عرفت إنتاج أكثر من 40 عملا سينمائيا يحكي عن الثورة التحريرية، ومن بينها “دورية نحو الشرق” للراحل عمار العسكري، “العفيون والعصا” للمخرج أحمد راشدي، “الخارجون عن القانون” لتوفيق فاس، “الطريق” لمحمد سليم رياض، وقد منعت العديد من هذه الأفلام من المشاركة في المهرجانات السينمائية الأوروبية بما فيها فرنسا، ولم تتح أمام أصحاب هذه الأعمال فرصة المشاركة في المهرجانات التي كانت تنظم بالدول الصديقة للجزائر منها مهرجان “موسكو” ومهرجان  “لوكارنو”، ما عدا السعفة الذهبية لمهرجان “كان” السينمائي التي منحت للمخرج محمد لخضر حمينة عن فيلمه “وقائع سنين الجمر” إلى جانب نيله جائزة الكاميرا الذهبية عن “ريح الأوراس”.

 

تضامن كبير للسينمائيين الأجانب مع الثورة الجزائرية

العديد من السينمائيين الأجانب ساندوا الجزائريين خلال حرب التحرير وأنجزوا العديد من الأعمال السينمائية، منهم روني فوتي، وكان أول فيلم طويل له عن الثورة الجزائرية يحمل عنوان “ابن الأوراس في سن العشرين” وقبله وبالضبط في عام 1957 قدم فيلمه السينمائي “الجزائر أمه”، إلى جانب المخرج بيير أليمون الذي عمل إلى جانب حزب جبهة التحرير الوطني في 1958 وقدم فيلمه الوثائقي “جيش التحرير الوطني في القتال” ليسجن في نفس السنة (1958) ويحكم عليه بـ 10 سنوات.

وقد تعاون المخرجان روني فوتي وبيير أليمون في إنجاز فيلم “ساقية سيدي يوسف” بطلب من فرانس فانون وعبان رمضان لفائدة مصالح السينما التابعة لجبهة التحرير الوطني، وانجز روني فوتي أيضا فيلمه  “الجزائر تلتهب”.

وبعد اغتيال عبان رمضان، فقد روني فوتي الحماية التي كان يتمتع بها، ليلقى عليه القبض ويبقى سنتين في السجن قبل أن يهرب منه.

 

الحكومة الجزائرية المؤقتة تدعم الفن السابع

اقتناعا منها بأهمية السينما والصورة للتأثير على الرأي العام بشرعية القضية الجزائرية، سعت الحكومة الجزائرية المؤقتة لتدعيم أجهزتها بمصلحة خاصة بالسينما، ومن أولى الأعمال التي أنجزت فيلم “جزائرنا” و”بنادق الحرية”، وقد تم إنشاء أول هيئة سينمائية في الجزائر المستقلة، وهي متحف السينما “السينماتيك” في سنة 1964.