النساء الريفيات يطمحن إلى التمكين الاجتماعي والاقتصادي

النساء الريفيات يطمحن إلى التمكين الاجتماعي والاقتصادي

يعتبر التمكين الاجتماعي والاقتصادي من بين أهم تطلعات المستفيدات من برنامج محو الأمية الذي بادرت به السلطات العمومية لفائدة النساء الريفيات، حسب ما أكده ابراهيم بن موسى، خبير في برنامج الدعم لتجسيد اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر.

وقد أدلى السيد بن موسى بهذا التصريح خلال تقديمه لنتائج دراسة اجتماعية تتعلق “بالمواصفات والتطلعات البيداغوجية للنساء في الوسط الريفي” في إطار ملتقى لتقديم مشروع “اختبار طرق جديدة لمحو الأمية للنساء في الوسط الريفي”، وهو المشروع الذي تم اطلاقه بتمويل من الاتحاد الأوروبي لفائدة الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار وتم تجسيده على مستوى 8 ولايات من الوطن.

واستهدفت هذه الدراسة 855 امرأة ريفية متمدرسة قامت بها مائة معلمة ومفتش وإطار تربية وطنية… الخ، حيث تبين أن النساء المسجلات في أقسام محو الأمية كان حافزهن الأكبر هو الحرص على “تمكينهن الاجتماعي والاقتصادي”.

كما أشارت الدراسة إلى أن أهم تطلعات النساء تتمثل في القراءة وتعلم القرآن وكذا مواصلة الدراسة.

وعلى الرغم من مستواهن التعليمي إلا أن أكثر من نصف النساء المستجوبات أكدن أن لديهن هواتف نقالة بسيطة وباستطاعتهن استعمالها، كما أن الغالبية منهن يتابعن الحصص التلفزيونية الدينية ثم البرامج الموجهة للنساء والمسلسلات وآخر اهتمامهن الرياضة.

كما تحصل الأساتذة الذين استفادوا من تكوين برنامج اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، والذين شاركوا في سبر الآراء على شهادتهم على غرار إكرام ميراوي من عين تيموشنت، الحاصلة على شهادة ماستر في العلوم الاقتصادية وشاركت في إطار جهاز الوكالة الوطنية للتشغيل لتقديم دروس في محو الأمية لنساء من شتى الأعمار بمنطقتها واللائي لم يتمكن من مزاولة تعليمهن لأسباب شتى.

وصرحت على هامش حفل تسليم الشهادات أن “هذا التكوين شكل تجربة جيدة بالنسبة لي بما أنه سمح لي بتحسين طريقة الاتصال مع المتمدرسات، فضلا عن المشاركة في جمع المعلومات منهن من أجل التحقيق السوسيولوجي”.

كما أبرزت أن “الهدف من برنامج اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر يتمثل في إدخال تكنولوجيات جديدة للاتصال والاعلام في طرق التعليم ومكافحة الأمية”، معتبرة أن هذا التوجه الجديد يشكل “مرحلة بالغة الأهمية”.

كما تم التأكيد على هذه المقاربة من قبل الخبير في تكنولوجيات الاعلام والاتصال لذات البرنامج، زين الدين سفاج، خلال مداخلته في الجلسة العلنية، فيما أشار تينغاندي نيادا، الخبير في البرنامج ذاته إلى أهمية طريقة “ريفلكت” المعمول بها عبر العالم والقائمة على “التعليم بالمشاركة”، حيث تم تبنيها من قبل أصحاب التجربة الجزائرية التي من شأنها أن تتوسع لتشمل ولايات أخرى من البلد.

 

المرأة الريفية تدخل ميادين العمل من أبوابها الواسعة

دخلت المرأة الريفية عالم الشغل وأصبحت تتحمل أعباءها وأعباء عائلتها، فكثير من النساء يحملن مسؤولية أطفالهن وأحيانا أهاليهن حتى وصولهم لأعلى الدرجات والمناصب، كل ذلك من خلال العمل الشريف لها سواء في البيت أو الخارج.

يمكن القول إن المرأة في المجتمع الريفي أصبحت تشكل عنصراً هاماً، فهي الركيزة الأساسية لبناء الأسرة الصالحة التي تعطي وتفيد المجتمع، بالإضافة إلى قيامها بأعمال المنزل وتربية ورعاية الأولاد، فهي تشارك الرجل بأعمال الحقل والزراعة. المرأة في المجتمع الريفي لم تقف عند الزراعة وتربية الأولاد فقط، بل طورت نفسها إلى الاشتراك في دورات توعية وتطوير من خلال النشاطات التي تقوم بها من تعلم حرف ومهن وعمل دورات ونشاطات، وبالتالي تخرج من تلك القوقعة وتربي أجيالا مثقفة وواعية من الريف، حيث تخرجت المهندسات والطبيبات والمعلمات … الخ، فلم يعد المجتمع الريفي مقتصرا على الزراعة فقط، بل بمساعدة المرأة الريفية في التعلم والتطور، زاد دخل الأسرة وتحسّن مستواها المعيشي.

 

المرأة دخلت عمل الشغل ولم تتخل عن خصوصيتها

إن المرأة دخلت عالم الشغل من الباب الواسع، حيث عرفت مناطق الوطن تنمية مستدامة بعدما استفادت من عدة مشاريع وفرت تطورا اقتصاديا واجتماعيا، لكن هذا لا يعني أن المرأة الريفية تخلت عن خصوصياتها، بل تقدمت إلى الأمام بخطوات ثابتة، فاستغلت محيطها الريفي أحسن استغلال، وساعدها على ذلك التحاقها بمقاعد الدراسة فوصلت إلى الدراسات العليا، في حين استثمرت أخريات خبرتهن في ميادين شتى فحصلن على قروض لإنشاء مصانع للخياطة والحياكة، وأصبحت منتوجاتهن التقليدية تعرض في جميع الولايات أو إقامة مشاتل وبساتين للإنتاج الفلاحي أو حظائر لتربية الحيوانات بهدف زيادة الإنتاج من اللحوم والحليب ومشتقاته، وكل واحدة تشرف على مشروعها بنفسها كسيدة أعمال من الطراز العالي بعد أن شغّلت معها مجموعة من فتيات القرية، فكثيرات نجحن في مشاريع لم تكن تحلم بها المرأة الريفية في وقت سابق، وهذا ما تجلى من خلال المعارض التي نظمتها وزارة التضامن الوطني والأسرة بالتنسيق مع وزارة العمل وكذا الوكالة الوطنية للقرض المصغر والمرافقة الكافية والبرامج التي تتناسب وخصوصية المنطقة التي تقطن فيها، إضافة إلى ضرورة ضمان اتصال المرأة بهدف تمكينها من المعلومات التي تحتاج إليها في شتى الميادين مع التركيز على كل الجوانب التي تهم المرأة الريفية، خاصة ما تعلق بإدماجها المهني والاجتماعي بغرض تكريس دورها الفعال في تنمية الريف.

 

دخلت عالم الشغل وأثبتت وجودها

تسببت الثقافة التقليدية الجزائرية القديمة في طمس الوعي المعرفي الذي يكمن في تطوير إمكانات المرأة واستثمارها في مشاريع التنمية والتغيير، وذلك بعد البحث في أوضاع المرأة الريفية وتحليل اتجاهاتها وأحوالها الحياتية بالاعتماد على متغيرات أربعة انطلاقا من المتغير التعليمي والمهني والصحي والاجتماعي، بهدف بيان مستويات التغيير في أحوال الأنثى وذلك في تفعيل دورها.

فكل هذه الظروف التي عاشتها وأمام التطور التكنولوجي، كان يجب على الجهات المعنية إعطاء المرأة الريفية حقها

وإدماجها في ميادين العمل كغيرها، قصد إثبات مؤهلاتها وإمكانياتها التي ستفيد بها المجتمع، وبالتالي ستشارك بصفة مباشرة في التنمية الاجتماعية، فبعد التغيرات الاجتماعية التي عرفتها الإنسانية، كان على المرأة أن تخرج للعمل رافضة فكرة تبعيتها الإقتصادية والاجتماعية والثقافية وتدني مستوى حالتها الصحية، وعجزها تجاه تحديات التراث والتقليد، وفي ترددها بين الخضوع والعزلة من جهة والمواجهة من جهة أخرى، وتعطيل إمكاناتها وحرمانها من بعض الحقوق الاجتماعية والقانونية والشخصية والسياسية وحقها في العمل كغيرها من الفتيات.

ل. ب