مرَّ عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه براعٍ يرعى غنمًا، فقال له: “بِعْ لي شاة من غنمك – يريد أنْ يَمتحنَ إيمانَه ويمتحنَ صِدْقَه مع الله – قال الراعي: يا أمير المؤمنين، الغنم لسيِّدي، قال عمر: إذا سألك سيِّدُك عن الشاة، فقلْ: أكلَها الذئب، قال الراعي: الله أكبر، فأين الله؟ فجَلَسَ عمر يبكي، ويقول: صدقتَ والله، فأين الله؟”. أيها الموظف الأمين، إنَّ الواجبَ الوظيفي أمانةٌ، والأمانة حقُّها أنْ تؤدَّى، ومَن لم يؤدِّها، فقد أوْقَعَ نفسه في براثنِ الغَدر والخيانة، التي كان يَستعيذُ منها رسولُنا صلَّى الله عليه وسلَّم والله تعالى كما أخبر لا يحبُّ الخائنين. ومن الأمانة حِفظُ ممتلكات الدائرة التي تعملُ بها، وعدم استعمال أجهزتها، أو سياراتها، أو موظَّفيها للمصلحة الشخصيَّة. أيُّها المبارك، إنَّ التقصير في أداء الواجب عليك، والذي تتقاضَى عليه أجْرًا يجعلُ ذلك الأجرَ الذي تتقاضاه من غير وجْه حقٍّ سُحْتًا وكَسْبًا حَرامًا، وقد قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم “أَيُّما لحمٍ نبتَ من سُحْت، فالنار أوْلَى به”؛ فأيُّ وعيدٍ يفوق هذا الوعيد؟ ولا تتعجَّبْ بعد ذلك عن سببِ ردِّ الدعاء وعدم إجابته؛ لأن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “أطبْ مَطعمَك، تكنْ مُستجابَ الدعوة”. إنَّ الواجبَ الوظيفي ينعكسُ أثرُه على الأُمَّة، فإنْ أدَّى الموظَّف ما عليه، وقامَ بما يُوكَل إليه، كان ذلك سببًا في رُقِي الخِدْمة التي يقدِّمها، فيدفع بذلك عَجَلة التقدُّم في الأُمَّة عامة، وإن قصَّر في واجبه، فإنَّ ذلك يَعني تدهور الخِدْمة التي يقدِّمها للأُمة، ومِن ثَمَّ فإنه يُسْهم في تأخُّر الأُمة وتخلُّفها. كنْ قُدوة مباركة، ومَثَلاً يُحْتَذَى لمن هم دونك من موظَّفيك في الْتِزَامك بالعمل وأمانتك، فقد كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يتقدَّم أصحابه في كلِّ ما يأْمرهم به، ويسبقُهم لكلِّ ما يوجِّههم إليه. إنَّ الوظيفة وسيلة للعيش الشريف، والكَسْب النظيف، فاجعلْ مِن وظيفتك طاعةً لله جل في علاه، اجعلْ منها بالإخلاص والإتقان عبادةً تتقرَّب بها إليه سبحانه وتعالى.
موقع إسلام أون لاين