تقاربت البرامج الانتخابية لمختلف الأحزاب السياسية التي ستخوض منافسة محليات 23 نوفمبر المقبل، في رؤيتها للشأن الثقافي المحلي، بحصره في الجانب الترفيهي
والتعليمي أو يؤجلون الخوض فيها كأمر ثانوي أمام الانشغالات الاجتماعية
والاقتصادية للمواطنين.
واختار المرشحون للمجالس الشعبية البلدية المقبلة، لدى صياغتهم لبرنامجهم الخاص بالشق الثقافي عبارات جاهزة تكررت لدى غالبية القوائم الانتخابية، حيث ربطت في غالب الأحيان الحياة الثقافية في البلديات بعامل ترفيه المواطنين خاصة الأطفال منهم وتوفير ظروف التمدرس والقراءة لكن دون تحديد خصوصية كل منطقة، وغابت النظرة الاستثمارية للعامل الثقافي كعامل تنموي يمكن استغلاله في التنمية المحلية.
وقد ربط مرشحو جبهة المستقبل في بلدية بلوزداد الثقافة بالتعليم على سبيل المثال، وأكدوا أن هذه البلدية بحاجة إلى “تهيئة وصيانة المدارس الابتدائية وإعادة تأهيلها من تدفئة وتجهيز المساحات بمختلف الألعاب الرياضية والمطاعم المدرسية”، مضيفين بأنهم سيعملون على تنظيم رحلات للأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، واكتفوا بذكر عبارتي “إنشاء مكتبة عمومية” و”تفعيل دور الثقافة” دون تحديد معانيها ليفهمها المتلقي من عموم الشعب، حسب ما أدرج في مطبوعة هذه القائمة الانتخابية.
وفي نفس البلدية، يرى متصدر قائمة جبهة التحرير الوطني، محمد عمامرة، أن تطوير النشاط الثقافي المحلي يكون بتأسيس نوادي وفرق فنية على مستوى دور الثقافة والشباب، وبتسطير برنامج ترفيهي وثقافي من معارض وإحياء المناسبات الوطنية والدينية وتزويد المكتبات بالأنترنت عالي التدفق.
ورغم أن هذه البلدية تقع في قلب العاصمة الجزائر، إلا أنه لوحظ أن رؤية المتسابقين على المجلس الشعبي المحلي، أهملوا تفاصيل كثيرة تخص الحركة الثقافية بما فيها السينما، وقد تذكر مواطنون التقتهم “واج” كيف اختفت قاعة سينما ميسي “Musset” منتصف الألفين، وأعربوا عن أسفهم لعدم استغلال المركز الثقافي 11 ديسمبر 1960 وغيرها من المرافق التي لا تخدم الصورة التاريخية لهذا الحي الثوري والعريق.
في بلدية الدويرة “تتغير النظرة” إلى الثقافة بحسب “المعطيات التنموية” في المنطقة، يقول متصدر قائمة التجمع الوطني الديمقراطي حسان عبد الله، ويؤكد أنها بلدية “فقيرة” ذات طابع ريفي وأن “المشاكل الاجتماعية الكثيرة” للمواطنين تدفعه كمرشح للتفكير في “الأولويات” وهي كيفية توفير المرافق الضرورية للسكان على رأسها السكن اللائق والقضاء على السكن الهش، تجديد شبكة طرقات وشبكة صرف المياه، إضافة إلى بناء مدارس للقضاء على الاكتظاظ المسجل في بعض المؤسسات التربوية.
ويضيف السيد عبد الله لواج قائلا: “لا يمكن الحديث في المرحلة الراهنة عن الثقافة”، حتى وإن كان يؤمن بأهميتها في ترقية الفرد في المجتمع. وأشار إلى أن الدويرة (غرب العاصمة)، التي تضم 42 ألف مسجل في القائمة الانتخابية في المحليات، هناك مركز ثقافي قديم وثاني في حي دكاكنة. أما ضواحي أخرى مثل حاج يعقوب وأولاد منديل وجلاب، فهي تفتقر لأي مرفق ثقافي أو ما شابه ذلك. كما توجد مكتبة قراءة عمومية واحدة لا تحظى، في رأي المترشح، باهتمام شباب البلدية “لأنه مشدود أكثر بعالم الأنترنت وليس قراءة الكتب” على حد قوله.
وفيما لم تدرج بعض القوائم الانتخابية فقرة واحدة للثقافة، يرى السيد سدراتي ابراهيمي متصدر قائمة بلدية دالي ابراهيم عن حزب طلائع الحريات، أن هذه البلدية بحاجة اليوم إلى “إعادة نظر” في تسييرها ثقافيا، من خلال استغلال المركز الثقافي رابح شطيبي الموجود “دون فعالية”، وإعادة بعث الحركة الكشفية والتعامل مع مختلف البلديات عبر ولاية الجزائر لتنشيط الحياة الثقافية.
وتعد بلدية دالي إبراهيم اليوم 40 ألف نسمة ورغم تصنيفها ضمن البلديات الغنية وذات الطابع الحضري الراقي، إلا أنها لا تملك قاعة عرض ولا سينما، وهي لا تستغل المراكز الجامعية المحيطة بها ولا الطاقة الطلابية المتوفرة بترابها من أجل تفعيل دورهم في المشهد الثقافي.
ويؤكد السيد سدراتي في هذا السياق، أن دالي ابراهيم “بحاجة إلى بناء مكتبة عمومية ومعهد لتعليم الموسيقى”، طالما هناك عدة موسيقيين وفنانين يقطنون بترابها ويمكن “استغلال” تواجدهم لصالح الأجيال الصاعدة.
وتتقارب وجهة نظر مرشح حزب طلائع الحريات لدالي ابراهيم مع مرشح حزب جبهة التحرير الوطني خير الدين عروش متصدر قائمة بلدية المحمدية، الذي كتب في منشوره الموزع على المواطنين، أن البلدية لا بد أن تكون “قبلة لمختلف النشاطات الثقافية المحلية والوطنية والدولية بهدف تشجيع السياحة الثقافية”.