تُعد بحيرة تفاقومت المنطقة السياحية الأكثر شهرة بولاية تندوف وهي تتميز بمناخها البارد ومياهها العذبة، وهي منطقة جذب سياحي يستحق التثمين.
تعتبر بحيرة تفاقومت من أهم الأقطاب السياحية المميزة بولاية تندوف، حيث تضم ثلاثة مسطحات مائية عذبة، كما تعيش بها أنواع كثيرة من الطيور المعششة، والأسماك كالبلطي والبريل، إضافة إلى كون المنطقة نقطة عبور للكثير من الطيور المهاجرة بسبب موقعها الجغرافي الواقع على خط الهجرات الموسمية، وتحط على ضفاف بحيرة تفاقومت الطيور المهاجرة النادرة، ويرتادها سكان تندوف للتنزه وقضاء أوقات وتناول الشاي، كما يفضل أغلب سكان المنطقة قضاء عطلة نهاية الأسبوع على حواف الأودية وبين رمال الصحراء الساحرة في سمر عائلي آخّاد.
من لم يزر تفاقومت لم يزر تندوف
تعتبر بحيرة تفاقومت الواقعة بصحاري تندوف من بين تلك المناطق الرطبة التي أصابها خلال السنوات الماضية شيء من التصحر والجفاف بسبب قلة الأمطار وقحط الطبيعة، من لا يزور بحيرة تفاقومت، كأنه لم يزر تندوف، هو الاعتقاد السائد عند جل سكان تندوف من منطلق أن بحيرة تفاقومت هي أحد أبرز مكونات الغطاء النباتي إلى جانب شجرة الطلح، ومكانا ظليلا للجذب السياحي ومتنفسا إيكولوجيا للعديد من العائلات للترويح عن النفس وشمّ هواء يكاد يكون غائبا بالمدينة، أين التلوث وضجيج المركبات والشاحنات.
رغم الظروف.. مكانة راسخة في المخيلة الاجتماعية
نظرا لأهمية هذا الموقع السياحي في رسم آفاق مستقبلية للسياحة الثقافية التي أضحت ضرورة للتعريف بمكونات المخزون الأثري والتاريخي للمناطق، وبتندوف يكثر الحديث عن هذه البحيرة التي بدأت تسير نحو الجفاف ونقص مياهها نتيجة قلة الأمطار وحالات التصحر ونقص الأمطار بالجهة.
ورغم ما لحق بالبحيرة المائية من تلف طبيعي وتدهور بيئي، إلا أنها ما تزال باقية في المخيلة الاجتماعية خاصة عند الرحالة، بضعة كيلومترات تكفيك للوصول إلى البحيرة الواقعة على الشريط الحدودي، ووسط فضاء صحراوي يشبه المنتجع لما يتوفر عليه من مناظر تسر الناظرين وتجدب الخاطر وتسلب الألباب، قد لا يصدق المرء وجود بحيرة مائية في أعماق صحراء تندوف.
مقصد الزوار وملتقى السكان
تمثل بحيرة تفاقومت أنقى صور الطبيعة والجمال بمنطقة كانت توصف بالحمادة والخيام، لكن وقوفك عند هذا المكان يجعلك أكثر تشوقا وإصرارا لزيارتها والتمتع بزرقة سمائها وتغريد طيورها العابرة للفضاء، ويفضل الكثير من سكان تندوف وتجمعاتها السكانية التوجه لها وإعداد الشاي بالقرب منها وتناول الطعام وعند الغروب يكسو البحيرة غشاء أزرق ويمتلكها سكون دائم تحركه نسمات الهواء وبرودة الشتاء، وتظل بحيرة تفاقومت رغم البرودة وعوامل التعرية مكانا جميلا يستحق أن يثمن ويصنف كتراث سياحي مهم.
شجرة الطلح.. انتشار واسع في المنطقة
يتشكل الغطاء النباتي بولاية تندوف من عدة مكونات طبيعية في مقدمتها شجرة الطلح التي تنتشر انتشارا واسعا في الأودية والفضاءات الصحراوية كبحيرة تفاقومت وواد الماء الذي يعتبر من أعرق الأودية بتندوف وبه أماكن الرعي، حيث تقتات الإبل من شجرة الطلح لما فيها من ثمار تمثل الغداء الأساسي للجمال “ورق الطلح”، كما يوجد في شجرة الطلح ثمرة هامة تسمى العلك وهي ثمرة نافعة يستعملها المسنون للتداوي والتخلص من أمراض كثيرة، كما تتواجد نبتة أخرى بصحراء تندوف تشكل جزءا من الغطاء النباتي وهي سدرة الغلق والطازية وأم مركبة وغيرها .
المناطق الرطبة بتندوف
تتخذ معظم أودية تندوف مساراً موحّداً في جريانها، وتُغذي أغلب هذه الأودية سبخة تندوف الواقعة على مسافة 50 كلم شرق عاصمة الولاية، وتمتاز المنطقة بملوحة مياهها بسبب طبقات الملح المتراكمة في القاع، إلاّ أنّ هذا الوضع لم يمنع من تكاثر أعداد هائلة من البط الصحراوي، الذي تعايش مع مناخ المنطقة التي اتخذها ملجأ آمنا ومصدرا للغداء ومكانا للتعايش.
وتقع منطقة لبحير التي تُعد أخفض منطقة بتندوف على مسافة 350 كلم جنوب غرب مدينة تندوف وسط كثبان رمال عرق إيقيدي بعيداً عن المسالك الصحراوية المعروفة، ممّا أكسبها طابعاً خاصاً من حيث تنوع الغطاء النباتي والحيواني، حيث تعتبر المنطقة التي تحيط بها الرمال من أغلب الجهات مكانا للذئاب والثعالب وطائر الحبار، ومناظرها الخلاّبة التي مزجت بين زُرقة المياه واللون الذهبي للرمال في مشهد لا زال يأسر الزائرين.
وتشير الدراسات إلى أن البحيرة تقلّصت في الآونة الأخيرة بسبب انخفاض منسوب المياه وزحف الرمال على حساب المنطقة المغمورة، وفي روايات لبعض السكان البدو الرحل، فإنّ المنطقة تعد خطيرة لاحتوائها على الرمال المتحركة، وهو ما أكّده سوداني أحمد مدير الديوان الوطني للحظيرة الثقافية لتندوف بالنيابة، حيث تمّ تسجيل حالات اختفاء بعض قطعان الماشية بالمنطقة.
ويعمل الديوان الوطني للحظيرة الثقافية لتندوف بجهد من أجل المحافظة على التنوع البيولوجي لهذه المناطق، حيث أكّد مسؤول بالديوان أن دور الحظيرة في هذا الإطار يشمل مجال الحماية، المحافظة وتثمين هذه المناطق والتعريف بها، وأعرب المتحدث عن أسفه لضياع منطقة القطارات التي كادت تختفي بسبب العبث الذي طالها من الزوار، مؤكّداً في الوقت ذاته أن جريان المياه من الصخور بهذه المنطقة قد توقف وتقلص حجم البحيرة بسبب رمي الصخور، كما نوّه بضرورة تكاثف جهود الجميع من أجل المحافظة على ما تبقى من بحيرة تفاقومت التي تعرف هشاشة كبيرة في منظومتها البيئية.
وأضاف المتحدث أن الديوان الوطني للحظيرة الطبيعية لتندوف تدخل في وقت سابق لإيقاف مشروع توسيع المستثمرات الفلاحية عملاً بالتعليمة الوزارية رقم 08 / 11 الصادرة بتاريخ 23 / 02 / 2011، حيث تمّت الموافقة على استحداث 03 مناطق فلاحية، وإلغاء التوسع الفلاحي بمنطقة تفاقومت حفاظاً على الثروة الإيكولوجية بها، كما يعمل الديوان حالياً على جرد التراث الإيكو ثقافي، وجرد المناطق الأثرية بكل من منطقة أم الطوابع بإقليم بلدية أم العسل وبغار الجبيلات من خلال خرجات ميدانية دورية.
المناطق الرطبة في الجزائر
للتذكير، فقد تم جرد 1700 موقع للمناطق الرطبة بالجزائر، وتختلف تلك المواقع ما بين العذراء والملوثة والأقل تلوثا.
ولقد وقعت الحكومة الجزائرية اتفاقية “رامسار” سنة 1982 اعتمدت سياسة جديدة لإعطاء ديناميكية لـ 1700 منطقة تم جردها، منها 526 منطقة محددة جغرافيا و280 منطقة رطبة طبيعية و246 منطقة رطبة اصطناعية كالسدود.
وتم تصنيف 50 موقعا ووضع مخططات لتسييرها، فيما تم اختيار 10 مواقع في طور التثمين ذات أولوية، منها 6 مناطق مصنفة “رامسار” على أساس تمثيلها الجغرافي والنموذجي من أجل تهيئتها إيكولوجيا وبشكل خاص يسمح بالمحافظة المستدامة عليها.
ويتعلق الأمر بواحة تمنطيط بأدرار وبحيرة طولقة بالطارف وسد بوقارة (تيسمسيلت) وبحيرة الرغاية بالجزائر العاصمة وضاية المرسى بوهران وبحيرة سيدي أمحمد بن علي بسيدي بلعباس وشط الحضنة بالمسيلة.
ق. م