براءة قلبي

براءة قلبي

ياسمينة فتاة جميلة كالقمر في اطلالته، تبهرك لأول نظرة إليها، هي حبيبة الجميع، الجد والجدة لا يحلو لهما النهار دون رؤيتها ….

كانت ياسمينة شغوفة باللعب مع صديقتها زينب، هي تقاسمها طاولة القسم، وهي ظلها أينما تحركت …..

أصيبت زينب بزكام حاد ولم تستطع أن تخرج من المنزل، افتقدتها ياسمينة، ذهبت الى منزل صديقتها، إنه بيت متواضع وليس به أغلب متطلبات الحياة العصرية، إلا أن ياسمينة ما يهمها هو صديقتها، التي تحبها كثيرا، وقد تعلقت البنتان ببعضهما…

حينما حل المساء، عاد والد زينب من عمله، تناول قهوة المساء ثم سأل ليعلم بزيارة ياسمين لابنته …

غضب الأب غضبا شديدا، ولكنه سرعان ما كتم غيضه وتوجه نحو فلذه كبده قائلا: يا بنيتي نحن فقراء على قد حالنا، إياك أن تفتني أو تتعلقي بها كثيرا، نحن لا نستطيع توفير ما يوفرونه هم .

بدأت زينب تحس بفجوة بينها وبين ياسمينة… فبدأت العلاقات تجف شيئا فشيئا، حتى كادت تنقطع ..

أحست ياسمينة أن شيئا ما بدأ يتحرك، في قلب زينب، ناحيتها ولكنها لم تستطع أن تحدده، كانت ياسمينة كلما زارت زينب أو التقتها تعاملها بجفوة، لكن ياسمينة بنباهتها، وفطنتها وحدة ذكائها لم تتركها تفوت عليها الفرصة، طلبت من جدها أن يحضر لها هدية جميلة وما إن جاء والدها المقاول، حتى عانقته واحتضنته وطلبت منه طلبا بدا له في البداية غريبا، لكنه لم يرفض لها طلبا فهي وحيدته وعزيزته …

طلبت ياسمينة من جميع أفراد العائلة مرافقتها إلى بيت زينب لتهنئتها بعيد ميلادها الذي لم تعد زينب لتتذكره لفقرها وقلة حيلتها، وحيلة والدها المريض،

طرقات على الباب تسمعها زينب، أسرعت لفتحه لتتفاجأ بصديقتها ياسمينة ومعها كل أفراد العائلة وهم يدخلون عليها بالورود والأغاني سنة حلوة… يا جميل..سنة حلوة ..يا جميل.

لكن زينب لم تصدق الأمر… ماذا حدث ماذا هناك؟؟

بادرتها ياسمينة: لا تستغربي ولا تتعجبي فأنا حضرت لك هذه المفاجأة منذ أيام،

فرحت زينب لكن الدهشة ما زالت تعلو محياها، … وعلى براءتها اغرورقت عيناها بالدموع وسالت مدرارا.

وكم كانت فرحتها عظيمة هي ووالدها الفقير عندما سلمتها ياسمينة مفتاح الشقة التي تمنتها طول حياتها، إنها شقة الأحلام ضمن سلسلة البنايات التي يملكها والد ياسمينة، أما أبو زينب فقد سقط مغشيا عليه ونسي عقدة الفقر التي لازمته طول حياته وكذا مخالطة الأغنياء.

كان المشهد رائعا… وكأنه رسم بريشة فنان

زينب وياسمينة تحتضنان بعضهما، دون افتراق ووالدها مغشي عليه من شدة الصدمة .. وبينما هو كذلك يرفع رأسه ببطء وراح يتكلم بصوت مرفوع ويصيح وعيناه شاخصتان إلى السماء: أوصيك يا بنيتي ألا تتخلي عن قرة عينيك ياسمينة، إنها نِعْمَ البنت التي عملت ما لم يعمله الكبار …

وهنا توقفت عجلة الزمن على مشهد بديع رسمه الزمن ولحنه قلب بريء……

حركاتي لعمامرة