جمعت بين الشواهد التاريخية ،المناظرالطبيعية والمنابر العلمية

برج زمورة ..مدينة بمقومات سياحية لا منازع لها

برج زمورة ..مدينة بمقومات سياحية لا منازع لها

* برج زمورة أقدم الحصون الدفاعية في العالم أجمع


برج زمورة ..مدينة الحضارة والتاريخ العريق، فعلى أرضها تعاقب كل من الأمازيغ والعرب والأتراك، وعلى أرضها توجد الكثير من العائلات من الأشراف المرابطين المنتسبين لأهل البيت النبوي.

تأسست مدينة برج زمورة قبل حوالي 700 سنة ،وبهذا تكون أقدم من ولاية برج بوعريريج التي تنتمي إليها ، فهي تعد من أقدم المدن بل وأعرقها في البلاد، وقد سميت برج زمورة بهذا الاسم نظراً للحصن المتواجد على أعلى قممها والذي يٌعد من أقدم الحصون الدفاعية في العالم أجمع.

المدينة الضاربة في التاريخ

تؤكد كل الشواهد أن مدينة زمورة مدينة غارقة في التاريخ وهوما تؤكده الآثارالرومانية التي تعد شاهدة على عمق تاريخ المنطقة في جميع من تالاوزرو ، وتيغرمين ، وخربة قيدرة المصنفة عالميا ، ووفقا لبعض الفرضيات فقد تم بناء المدينة ابتداء من القرن العاشر الميلادي على سفح الجبل بالمسجد ونافورة المياه ، فنالت زمورة مكانة كبيرة في عهد الأتراك العثمانيين الذين استوطنوها واتخذوها مركزا مهما في الشرق الجزائري وأقاموا بها محميات قلعة زمورة كمركز للوجود العثماني بالمنطقة وتعد قصبتها المبنية عل يد الأتراك دليلا على مكانتها في ذلك العهد .

جواهر  تترصع بها الولاية

ففي ولاية برج بوعريريج الكثير من الجواهر التي تترصع بها المنطقة  ، كيف لا وهي تمتلك مدينة برج زمورة و قرية القليعة التي تعد منارة إسلامية ذاع صيتها في مشارق الأرض ومغاربها، واشتهرت زمورة بالعلم والعلماء منهم الشيخ العلامة أحمد بن قدور الذي شرح كتاب سيبويه وله تعليقات كثيرة على مجموع المتون ومنه العلامة الذائع الصيت الشيخ عمر أبي حفص الزموري الذي كان حجة زمانه ،والعلامة الشيخ علي أبوبكر ومنهم الكثير ممن تركوا جميل الأثر ووفير العلم .

 

الأرض التي يعتز بها أبناؤها

يشتهر أبناء زمورة بحبهم وارتباطهم بها ،فرابط المحبة والعلاقات الإنسانية السامية بين أهلها وطيدة فبالإضافة إلى علاقة المصاهرة ،فهناك الكثير من أهل برج زمورة يتصاهرون بينهم ويشترك أهل زمورة بالعديد من الخصال الكريمة كحب الضيف والتعاون واحترام الجار وهو التعريف الذي وجدناه متداولا في صفحات الأنترنت التي تعرف بهذه الأرض الطيبة التي يفخرأهلها بالإنتماء لها.

 

فرجة طبيعية مضمونة ترافقك خلال الطريق

لا تستطيع الوصول الى بلدية برج زمورة إلا عبر صعود الطريق المنعرج الذي يبلغ 3 كلم وهو طريق معبد جيدا يبدأ من بلدية الدهسة

و ينتهي الى “الكا” المطلة على بلدية قنزات ويشدك هنا منظر ومشهد سير السيارة الصاعدة عبر هذا  المنعرج والمرتفع الجبلي الطويل حيث  لا يخلو من الفرجة المضمونة في طبيعتها الخلابة التي اكتسبتها من جبال جرجرة الشامخة التي ترتبط بها في شقها الشمالي فتتراءى لك قراميد القرى وأشجار الزيتون والتين والعمارة المبنية عن طريق الصخر الصلب فتدرك أخيرا أنك فعلا وصلت الى بلدية زمورة.

 

متحف طبيعي يستقطب العائلات وهواة السياحة الجبلية

تشتهر منطقة زمورة بشكل عام بكونها متحف طبيعي يستقطب العائلات البرايجية والجزائرية الباحثة عن الراحة والاستجمام والاستمتاع بالمناظر الخلابة لما تزخر به المنطقة من مواقع أثرية وسياحية يعود عمرها لمئات السنين، منها موقع الحجر الأزرق المشروع السياحي الذي استطاع التعريف بمنطقة «زمورة» والمواقع الأثرية والتاريخية التي تتوفر عليها المنطقة، مع تحوله لفضاء هام لاستقطاب واحتضان مختلف الرياضات والهوايات المرتبطة بالسياحة الجبلية.

 

الحجر الأزرق..من فكرة إلى أجمل مشروع سياحي

يعتبر «موقع الحجر الأزرق» الواقع في المخرج الشمالي إلى الغربي لبلدية «زمورة » ،على مسافة لا يفصلها سوى 10كلم عن منطقة «قنزات  »،من أهم المواقع الواقعة في قلعة جبلية محصّنة طبيعيا على شكل ربوة، حيث أضحى هذا الفضاء مكان يقصده الزوار ومكتشفي الطبيعة من مختلف ولايات الوطن.

وانطلقت فكرة إنجاز هذا المشروع السياحي الذي يجزم أصحابه على أنّه صديق للبيئة، حين بادر مجموعة من الناشطين الجمعويين المولعين بالعمل السياحي والاستكشافي على مستوى المنطقة بتجسيد مشروع صغير، تمثل في إنجاز مجموعة من المسابح الصغيرة تكون فضاء لاستجمام أطفال المنطقة، خلال فصل الصيف على مستوى أحد المواقع المعزولة خارج منطقة زمورة، غير أنّ القائمين على المشروع اقتنعوا بفكرة تقضي بتوسعة المشروع إلى منتجع سياحي يكون مقصدا ونموذجا لإعادة بعث السياحة بالمنطقة، بالنظر إلى الطابع الجغرافي المتميّز للمنطقة بخصوصيات تميزه عن باقي المناطق.

وشكلت الخصوصية الطبيعية التي يتميّز بها، مكان « الحجر الأزرق» ذات التحصينات الطبيعية، المحيطة بالموقع من كل الجوانب معلماً سياحيا لاستقطاب العائلات البرايجية وباقي الولايات، وكذا هواة ممارسة الرياضة والسياحة الجبلية، فالمكان يحتوي على ساحة واسعة ذات نمط عمراني خاص يليق بالمكان، مطل على معظم القرى والأحياء التابعة لبلدية «زمورة» والبلديات الأخرى المجاورة لها. وتتيح هذه الساحة مشاهدة مناظر ساحرة للطبيعة العذراء المحيطة بالمكان، من تضاريس ووديان وغابات، شكلت مقصدا للعائلات الباحثة عن الراحة والاستجمام، ومحجا يقصده هواة الرياضة من كل أنحاء الوطن، خاصة خلال فصل الشتاء حيث تتساقط الثلوج، ويصبح الوصول إلى هذا الموقع مغامرة بطعم خاص يدفعك الفضول إلى تكرارهذه التجربة عدة مرات ، ويتوفر المكان أيضا على حديقة واسعة تضم مختلف أصناف الطيور والحيوانات الغير اللاحمة، إلى جانب مسلك مؤدي إلى الغابة يحتوي كل أنواع الورود والزهور.

ويطمح صاحب المشروع إلى توسعة هذا الموقع السياحي، إلى قطب سياحي وطني قادر على احتضان مختلف التظاهرات الرياضية والأنشطة الثقافية من خلال توسعة هذا المشروع إلى منتجع سياحي  يحتوي على كل الضروريات والمرافق الخاصة لاستقبال السياح والرياضيين من فندق وأماكن للسياحة والاستجمام، قاعة متعدّدة الرياضات ومسبح أولمبي لاحتضان مختلف الأنشطة الرياضية، ومكتبة لاستقطاب مختلف المثقفين وهواة المطالعة ، إلى جانب احتضان مختلف الأنشطة الثقافية والنوادي الأدبية، مع إنشاء مصاعد هوائية تكون وسيلة للتعريف بالمنطقة والاستمتاع بالمناظر الجبلية بالمنطقة.

 

“القليعة”..محج سياحي وقبلة تعليمية

تعتبر قرية «القليعة» وهوتصغير لعبارة القلعة الواقعة  بدائرة زمورة، من أهم المعالم السياحية المحافظة على الطابع العمراني للسكنات والأزقة والمحافظة أيضا على تقاليدها وحياة سكانها، ما جعل منها مقصدا سياحيا للزوار من كل ربوع الوطن، وحتى من خارجه.

تتميزالمنطقة بالطابع السياحي، بالإضافة إلى الطابع التعليمي الذي توفره الزاوية القرآنية الممولة من طرف المحسنين، حيث عرفت توسعة وتطورا ملحوظا بسبب العدد الكبيرمن المريدين وحفظة كتاب الله.

بنايات صامدة في وجه التطور

أما بالنسبة للجانب السياحي فتزخر قرية القليعة بعدة اثار مكّنت الانسان القديم من تحدي قسوة الطبيعة نجدها في المنازل المبنية بالحجارة والطين والقرميد مكنتها من تحدي قسوة الطبيعة، كما صمدت بجمالها في وجه التطور والبناءات الجديدة التي غزت أغلب قرى الجزائر.

تمتد القرية من وادي سحيق يقود إلى تلة تحيط بها الجبال، شيدت فوقها هذه القرية الجميلة، بطراز مغاربي شمال إفريقي ككل القرى في المرتفعات والجبال، ببيوت متناسقة تقود أزقتها جميعا إلى أعلى التلة أين يقع المسجد وزاوية القرآن.

تفاصيل عمرانية تاريخية ممنوع هدمها

يحتفظ البيت بتفاصيله التاريخية، ويُمنع على أي واحد مهما أوتي من غنى أن يهدم البيت ويبني بيتا حديثا، عليه فقط أن يرممه محتفظا بالطابع المعماري والتاريخي للبيت العتيق، البلدة تفتح قلبها لكل زائر بحفاوة، تمنحه لحظات من السكينة الوقار.

جنة خضراء ومنبع مائي عذب

بالإضافة إلى العين التقليدية التي كانت ولا زالت تموّل سكان القرية بالمياه العذبة، حيث جعل الوادي من القرية جنة خضراء، إذ تحتوي على كم هائل من انواع الاشجار كالتين، الزيتون، الرمان، المشمش، العنب، الصنوبر، البلوط، الصفصاف والدفلة.

معالم تاريخية شامخة

الى جانب طبيعتها الآسرة وحفاظها على تقاليدها العريقة، نجد المعلم التاريخي الواقع وسط القرية يقف بشموخ وثبات، المسجد وزاويته القرآنية ذات النظام الداخلي تمول من ذوي البر والإحسان، تستقبل طلبة القرآن من مختلف ولايات الجزائر، تمكنت رغم نقص الامكانيات من تخريج عدد من طلبة القران، لتكون احدى اهم معالم السياحة الدينية في المنطقة.

 

قصة مكان وحكاية إنسان

أنشأت هذه القرية حسب الروايات المتعاقبة لشيوخ وكبار القرية، من طرف أحد الرجال الصالحين وهو أول من استوطن فيها عندما كان يبحث عن مكان في المنطقة للاستقرار فيه، فاختار المكان المرتفع الذي يتوسط القرية وهوعبارة عن قاعة صخرية سميت بالقليعة تصغيرا لكلمة القلعة.

أقام منزله بالمغارة التي كانت موجودة داخل صخرة القلعة وبعد مدة من الزمن قام هذا الولي الصالح ببناء أول مسكن على الصخرة التي لازالت اثاره موجودة الى حدّ الآن، ومع مرور الوقت ذاع صيت هذا الولي الأرجاء المجاورة فأصبح قبلة لكثير من الزوار قصد التبرك والاستئناس به.

بعد ذلك، انحدر إلى المنطقة سكان من قرى ومناطق مجاورة على غرار قرية لصفاح التي كانت متواجدة في أعالي جبال شرق قرية لقليعة حاليا، حيث لا يزال اثار بناياتها شاهدة على تلك الفترة، إضافة إلى قرية سيدي ذياب المتواجدة في أعالي جبال غرب لقليعة حاليا ما يزال أثر بنيانها متواجدا، وكذا قرية تامست الموجودة حاليا ببلدية قنزات وقرية تيزي وغرة المتواجدة في أعالي جبال بوخميس شمال غرب لقليعة.

“تاجماعت”.. نظام تسيير “القليعة”

قرية القليعة، لا تزال شؤونها تسير تحت نظام «تاجماعت» الذي يحتكم لحكم الجماعة في كل شيء، بقوانين صارمة ومحترمة بالرغم من أنها غير مكتوبة، لفض خصام، أوميراث أوخلاف زوجي، أوعقاب لأحد ارتكب مخالفة، هنا الكلمة الأخيرة لشيوخ القرية وللإمام تعظيم وحرمة، بهذه الأعراف والقوانين السارية والتكافل الاجتماعي، فلا يخالف أحد من سكان المنطقة من تلك القوانين التي كانت سببا في الحفاظ على البنيان والعادات والتقاليد، ولا أحد يستطيع انتهاك هذا القانون المقدس، كل الناس تجمعهم رابطة عائلية ومصاهرة.كما يعد تقديم خدمة عمومية فرض على كل افراد القرية، فكل حرفي يقدم في الأسبوع خدمة مجانية للقرية، فيما لا يزال التطوع هو السبيل لخدمة المرسة القرآنية والمسجد والقرية.

 

دعم ملموس من السلطات المحلية

ساهمت السلطات المحلية أيضا في دعم هذا الموروث المادي واللامادي، ومن آخر الإجراءات المتخذة في السنوات الأخيرة، تعليمة لرئيس البلدية على ضرورة التزام كافة زوار المنطقة احترام عادات وتقاليد القرية.وجاءت عقب تسجيل خروقات من طرف بعض الزوار خاصة فئة الشباب، بارتكاب تجاوزات وتصرفات غيرلائقة، حيث أكد رئيس البلدية انذاك أنها مسّت بحرمة القرية ما أثارغضب سكان وحفظة القرآن بالزاوية القرآنية.

وعليه تقرّر منع دخول الشباب غير المرفقين بعائلاتهم وكذا الأشخاص الذين يخالفون عادات وأعراف القرية،وتبقى قرية القليعة، مزارا سياحيا كمعلم إنساني، ومقصدا للعلم وحفظ كتاب الله من كل ولايات الوطن، ملتزمة بالحفاظ على خصوصياتها ما دامت السنون والقرون، وستبقى مكانا يفتح ذراعيه لكل من أراد اكتشاف جمال الجزائر وتراثها الثمين .

لمياء ب