مواقع للتواصل الاجتماعي تتحول لحلبات للقذف والمساس بالحياة الخاصة

مواقع للتواصل الاجتماعي تتحول لحلبات للقذف والمساس بالحياة الخاصة

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف منصات العالم الافتراضي في الكثير من المرات تمس بكرامة الأشخاص، من خلال إطلاق السب والشتم، يصل أحيانا إلى القذف سواء للأشخاص، المؤسسات والهيئات وحتى الشخصيات السياسية، ما جعل هذه المواقع تحيد عن الغرض الذي أنشئت لأجله، حيث كانت تقدم ثروة معلوماتية باهرة تتم من خلال تبادل الخبرات والأفكار بين مستخدميها، إضافة إلى الحصول على السبق الخبري للحدث بالصورة والفيديو في مدة زمنية قياسية.

 

تعليقات ساخرة بحجة حرية التعبير

تستوقف المستخدم لـ “الفايسبوك” بعض المنشورات أو التعليقات وحتى صفحات كاملة تعرض الأكاذيب، الإشاعات وفضائح لا أساس لها من الصحة، وتستقطب هذه المدونات المتتبعين وتشد انتباههم ليضيفوا لها تعليقاتهم التي تصب في غالبيتها في نفس السياق، لتصبح ظاهرة خطيرة تهدد أخلاقيات المجتمع، في ظل اللامبالاة وعدم ابلاغ السلطات المعنية من أجل تفعيل أجهزتها للتصدي لهذه الظاهرة التي أصبحت تأخذ أبعادا خطيرة، تثير سخط واشمئزاز المواطنين الذين استنكروها، وفي هذا الصدد قال البعض ممن سألناهم عبر شبكة “الفايسبوك” أنهم ينفرون من التعليقات اللاأخلاقية و المنافية لآدابنا، في حين قال البعض الآخر إنهم يمارسون حق التعبير عن آرائهم، وبالطريقة التي يرغبون، فهم يرون أن الفايسبوك فضاء حر ولا يخضع لأي قانون.

وهناك مواطنون يقومون بهذه الأفعال بهدف التسلية، دون الوعي بالضرر الذي يخلفونه وراءهم، فالعديد من الأسر تشتّت بسبب إشاعات غير صحيحة عبر هذه المواقع التي مست أحد الأزواج كالقذف، أو الإساءة إلى شركة معينة، مثل عدم صلاحية منتجاتها، أو بكل بساطة نشر الفتنة بين مختلف فئات المجتمع، فإن تجاوزات البعض على مواقع التواصل الاجتماعي تعود إلى قلة الوعي بكيفية التعامل مع مثل هذه الشبكات الإلكترونية.

 

علم الاجتماع: توعية الجهات المعنية بأهمية التقيد بالنظام للحد من الظاهرة

وعن هذا الموضوع كان لنا حديث مع الأستاذ في علم الاجتماع مقران آيت عيسى الذي قال لنا: ”تهدف الممارسات السلبية إلى تحقيق نتائج وأغراض معينة، من خلال تشويه سمعة الأفراد، أو نشر أكاذيب تضر المؤسسات بمختلف قطاعاتها، لأن هؤلاء وجدوا أنفسهم في عالم ذي حرية مطلقة لا تفرض عليه أية رقابة، ولا يحاسب على أي شيء، لاسيما أن التواصل عبر هذه الشبكة مستمر وفعاليته في نقل الإشاعة سريعة جدا، مما يجعلها الطريقة المثالية لهذه الممارسات التي تضر بسمعة الناس، ويعد عدم توعية الجهات المعنية في المجتمع بأهمية التقيد بالنظام منعا لانتشار الأكاذيب والإشاعات عاملا أساسيا وراء انتشار الظاهرة، ولهذا يجب على كل المؤسسات الحكومية والخاصة تثقيف العاملين لديها مع ضرورة تعليم المدارس والجامعات أنظمة وعقوبات التعامل السلبي لمثل هذه المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وكذا التقنية، مع التشهير بكل متلاعب حتى يرتدع غيره، كما أن تنشئة الإنسان تنشئة تقوم على الرقابة الذاتية والضمير تساعد على الحد من الظاهرة.

قال المحامي سمير إيزا في اتصالنا به إن بعض الدول، تطبق الحكم على الجرائم الإلكترونية، على غرار السعودية، وذلك بدفع غرامات مالية، أو السجن لمدة قد تصل إلى عشر سنوات، وتشمل الجرائم: “انتحال الشخصيات” ،”السب والشتم” ، “التشهير بالأشخاص”، “القذف”، إضافة إلى ممارسات أخرى؛ كسرقة أو اختراق المواقع والبريد، وهناك بعض الأشخاص من ضعاف النفوس يلجأون إلى مهاجمة خصومهم عند أي خلاف ، سواء كان ذلك بين شخصين أو جماعتين، مستخدمين بذلك وسائل مواقع التواصل الاجتماعي “تويتر” و”الفايسبوك” اللذان يسمحان بانتشار “الإشاعة” في دقائق معدودة، متخفين بأسماء وحسابات وهمية على شبكات الأنترنت التي تنطلق منها الإشاعة، لينتهي دورها وتختفي بعد ذلك، وهي نفس الطريقة التي تستخدمها بعض المؤسسات والشركات التجارية لمحاربة منافسيها، حيث يتم نشر بعض الأخبار الكاذبة، لتهتز ثقة الناس والعملاء بها، أما عن عقوبة الجريمة الإلكترونية فتختلف حسب نوع الجريمة من سب وشتم، إلى انتحال الشخصيات، وتتراوح بين ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وهي عقوبة ضعيفة مقارنة بالبلدان الأخرى.

 

الشيخ عبد الكريم سابحي: “واﻟﻣﺳﻠم ﻣن ﺳﻠم اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻣن ﻟﺳﺎﻧﻪ وﯾدﻩ”

 

سألنا الشيخ عبد الكريم سابحي إمام وخطيب عن حكم الإسلام في التعرض لأعراض الناس، فقال: “جاء اﻹﺳﻼم ﺑﺣﻔظ دﻣﺎء اﻟﻧﺎس وأﻋراﺿﻬم، ونهى ﻋن ﻛل ﻣﺎ ﯾﺳوؤﻫم أو ﯾﺳﻲء إﻟﯾﻬم أو ﯾﻧﻘص ﻣن ﺗﻠك اﻟﺣﻘوق أو ﯾﺛﯾر اﻟﻔوضى وﯾﺧل ﺑﺎﻷﻣن، ﺑل ﺟﻌل اﻟﻣؤﻣن ﻣن أﻣﻧﻪ اﻟﻧﺎس، واﻟﻣﺳﻠم ﻣن ﺳﻠم اﻟﻣﺳﻠﻣون ﻣن ﻟﺳﺎﻧﻪ وﯾدﻩ”.

وأضاف محدثنا أنه ﻣن أﻋظم اﻟطرق اﻟﻣﻔﺿﯾﺔ إلى اﻧﺗﺷﺎر اﻟﻔوضى واﺿطراب اﻷﻣور، ﺑث اﻟﺷﺎﺋﻌﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻘﺔ والإﻓﺗراءات، ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻷزﻣﺎت واﻟﻔﺗن، ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺗﻛون اﻷﻣﺔ ﻓﻲ أﻣس اﻟﺣﺎﺟﺔ إلى ﺗوﺣﯾد اﻟﻛﻠﻣﺔ واﺗﺣﺎد اﻟﺻف وﺿﺑط اﻷﻣن.

واﻹﺳﻼم ﺣرم اﻟﺷﺎﺋﻌﺎت اﻟﻛﺎذﺑﺔ ﺑﻛل ﺻورﻫﺎ، وأﻣر اﻟﻣﺳﻠﻣﯾن ﺑﺎﻟﺗﺑﯾن واﻟﺗﺄﻛد ﻣن ﺻﺣﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرد إﻟﯾﻬم، ودﻟﯾل ذﻟك ﻣن اﻟﻛﺗﺎب ﻗول اﷲ ﺗﺑﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻲ: “ﯾﺎ أﯾﻬﺎ اﻟذﯾن آﻣﻧوا إن ﺟﺎءﻛم ﻓﺎﺳق ﺑﻧﺑﺈ ﻓﺗﺑﯾﻧوا أن ﺗﺻﯾﺑوا ﻗوﻣﺎ ﺑﺟﻬﺎﻟﺔ ﻓﺗﺻﺑﺣوا على ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺗم ﻧﺎدﻣﯾن (اﻟﺣﺟرات:6)، وﺗﺷﯾر ﻫذﻩ اﻵﯾﺔ إلى ﺿرورة اﻟﺗﺣﻘق ﻣن ﺻﺣﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت

للتأكد ﻣن ﻣﺻداﻗﯾﺗﻬﺎ ﺣتى ﻻ ﯾﺗرﺗب ﻋلى ذﻟك أﺿرار ﻛﺛﯾرة، واﻟدﻟﯾل ﻣن اﻟﺳﻧﺔ اﻟﻧﺑوﯾﺔ اﻟﺷرﯾﻔﺔ ﻫو ﻗول اﻟرﺳول ﺻلى ﷲ ﻋﻠﯾﻪ وﺳﻠم: أرﺑﻌﺔ ﯾﺑﻐﺿﻬم ﷲ: اﻟﺑﯾﺎع اﻟﺣﻼف، واﻟﻔﻘﯾر اﻟﻣﺧﺗﺎل، واﻟﺷﯾﺦ اﻟزان، واﻹﻣﺎم اﻟﺟﺎﺋر.

وأوﺿﺢ أن اﻟﺗﺻدي ﻟﻠﺷﺎﺋﻌﺎت اﻟﻛﺎذﺑﺔ اﻟﻣﻐرﺿﺔ ﻣن اﻟواﺟﺑﺎت اﻟدﯾﻧﯾﺔ واﻟوطﻧﯾﺔ، وﻣن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻛل ﻣواطن ﻟﻠﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋلى وطﻧﻪ، ﻛﻣﺎ أﻛد اﻟﻔﻘﻬﺎء ﺿرورة اﻟﺗﺻدي ﻟﻠﻣﻧﻛر، واﻋﺗﺑروا ذﻟك ﻣن اﻟواﺟﺑﺎت اﻟﺷرﻋﯾﺔ وﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﺷرﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧص ﻋلى أﻧﻪ ﻣﺎ ﻻ ﯾﺗم اﻟواﺟب إﻻ ﺑﻪ ﻓﻬو واﺟب، واﻟﻘﺎﻋدة اﻟﺷرﻋﯾﺔ درء اﻟﻣﻔﺎﺳد ﻣﻘدم ﻋلى ﺟﻠب اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ. وأوﺿﺢ أن اﻹﺳﻼم ﺣرّم اﻟﺷﺎﺋﻌﺎت اﻟﻛﺎذﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑب أﺿرارا للمتعاملين وﺗزﻋزع اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت وﻓﻲ الاقتصاد وﺑﺎﻟوطن، ﻣﻣﺎ ﯾﺗرﺗب ﻋلى ذﻟك أﻛل أﻣوال اﻟﻧﺎس ﺑﺎﻟﺑﺎطل.

لمياء. ب