بعد أن كانوا يقومون بها بطريقة فطرية.. أزواج جزائريون يقومون بدورات “الوالدية”

بعد أن كانوا يقومون بها بطريقة فطرية.. أزواج جزائريون يقومون بدورات “الوالدية”

ظل تولي مسؤولية الأبوة أو الأمومة يتم بصورة فطرية وبدون معرفة مسبقة عن رعاية الأطفال وأساليب تربيتهم، عدا ما شاهدوا ذويهم يفعلونه، ثم بدأت الأنترنت في تقديم النصائح، فصار الآباء والأمهات يتابعون ذلك إلى أن وصل الأمر إلى ظهور دورات “الوالدية” التي كانت تتم فقط في البلدان الأوروبية، لكنها بدأت في الانتشار في المجتمع الجزائري بسبب المؤثرين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.

يقول الخبراء إن “الوالدية” الناجحة ليست غريزة فطرية، بل مهارة مكتسبة كغيرها من المهارات التي نكتسبها من خلال دخول دورات تعليمية ينصح بأخذها خلال الاستعداد لمرحلة الإنجاب، ومتابعتها لاحقا بما يتناسب مع مراحل نمو الطفل.

 

طرق التربية.. لم تعد فطرية

نشر موقع “ذي أتلانتيك” الأمريكي، أنه لم يعد أحد يعرف كيفية تربية الأطفال عبر الغريزة وحدها بسبب المتغيرات الحديثة لأنه وحتى منتصف القرن الـ20 تقريبا، ربما كانت أساليب التربية تبدو بديهية إلى حد ما، لأن كثيرين نشأوا وهم يراقبون تقديم الرعاية طوال الوقت، ليس فقط من الوالدين وإنما من الآخرين أيضا، وكانت الأسر الممتدة أكثر ميلا إلى العيش معا، وربما ساعدت العمات والأعمام والأجداد في تربية الطفل، وكان لدى العديد من الأطفال الأكبر سنا فرصا كبيرة للمساعدة في رعاية الأطفال الأصغر سنا.

 

متغيرات العصر تفرض منطقها

بات من المعروف أن الطرق التي اعتاد الناس من خلالها على تعلم التربية، عرفت تغييرات كبيرة، بسبب كل ما يشهده العصر من متغيرات، فوجد العديد من الآباء والأمهات الجدد أنفسهم في بحث مستمر لمعرفة كيفية التربية الصحيحة والملائمة.

 

هل تصبح دورات “الوالدية” أكثر انتشارا؟

انتشرت دورات “الوالدية” منذ ستينيات القرن الماضي، ومع التطور الاجتماعي الحاصل في العالم والانفتاح الذي أحدثته الشبكة الإلكترونية، بدأت هذه البرامج تتخذ مكانة أهم في وقتنا الحاضر.

وتشكل البرامج الوالدية “التي تؤخذ قبل الإنجاب” تدخلا مبكرا يعزز الجانب الوقائي في عملية التنشئة الأسرية والاجتماعية، ما من شأنه أن يسهم إلى حد كبير في عملية الوقاية من المشكلات السلوكية والاجتماعية والنفسية التي قد يواجهها الوالدان مع أبنائهم في مختلف مراحلهم العمرية.

فالتدريب على الأبوة والأمومة، إضافة إلى تقديم الدعم والعلاج في الوقت المناسب، يعزز من النواتج الإيجابية المعرفية والسلوكية والنفسية لدى الأطفال والمراهقين.

مهارات لابد من اتقانها

ويشكل افتقار الوالدين لمهارات الوالدية الفعالة عائقا حقيقيا أمام عملية النمو والتطور السليم للطفل، وأهم أسباب ذلك هو تركيز انتباه الوالدين على السلوك السلبي للطفل، مما يعزز السلوك السلبي لديه، ويعمل على إطفاء السلوك الإيجابي بالتدريج.

ويعتبر التطور السريع والانفتاح غير المقنن حاليا في المجتمعات مصدرا رئيسيا للعديد من التحديات التي تواجه الوالدين في التعامل مع أبنائهم، سواء كانوا أطفالا أو مراهقين، وهنا تظهر الأهمية الكبيرة والخطيرة للبرامج الوالدية التي تزود الوالدين بمهارات الوالدية الفعالة، مما يساعدهم على إدارة تلك التحديات بمرونة عالية.

 

متى يجب على الوالدين اللجوء للمختصين؟

يقول المختصون إن احتياج كل أسرة لتلك البرامج الوقائية والعلاجية تبعا للبيئة التي ينشأ فيها الأبناء، إضافة إلى ضرورة مراعاة المستويات المتفاوتة لكل أسرة، من حيث: التعليم، والثقافة، والمستوى المادي، ونوعية الصعوبات التي يواجهها الوالدان مع أبنائهم، فالحاجة لمراكز أسرية تؤهل الوالدين وتكسبهم مهارات التربية الإيجابية، ملحة ومصيرية لا يمكن التهاون فيها، سواء على المستوى الإرشادي الوقائي أو العلاجي، وهذا يتطلب دعما من حكومات الدول لارتفاع التكلفة المتعلقة بإنشاء هذه المراكز، وتوفير البرامج المطلوبة والمتخصصين القائمين عليها.

 

يونيسيف تدعو لإعادة تصور الأمومة والأبوة

يرى صندوق الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” أننا بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة تصور الدعم الذي نقدمه للوالدين، بحيث يكون لديهم الوقت والموارد والخدمات لمنح الأطفال أفضل بداية للانطلاق في هذه الحياة.

وتدعو “يونيسيف” في بيان نشرته على موقعها الرسمي، الحكومات والشركات والمجتمعات المحلية إلى الاستثمار في توسيع نطاق برامج الأبوة والأمومة والسياسات الصديقة للأسرة، خاصة في السنوات الأولى من عمر الطفل، مثل دورات الأبوة والأمومة التي يمكن لمجموعات دعم المجتمع المحلي منح الوالدين الدعم الذي يحتاجان إليه لتعلم المهارات وكسب النصائح العملية والإرشادات حول التربية الإيجابية، ورعاية أولياء الأمور ودعم رفاهيتهم وصحتهم النفسية.

ق. م