بنات في سن العشرين يتحدين الأعراف ويُقبلن على الطلاق

تعجّ قاعات المحاكم بقضايا طلاق بطلاتها فتيات في سن العشرين، لم يجدن مانعا من المطالبة بالطلاق والسعي لفك رابطتهن الزوجية دون أدنى التفات لنظرة المجتمع وأحكامه القاسية، حيث سجلت آخر الإحصائيات نسبة14  ألف حالة طلاق سنويا  لزواج لم يتعد ثلاثة أشهر،

غالبية الحالات لفتيات دون سن العشرين، ما أكد التنامي اللافت والخطير للظاهرة.

وحسب الحالات المعروضة في قاعات الأحوال الشخصية للمحاكم، فإن أكثر المطلقات في الجزائر مثقفات وصاحبات شهادات عليا، ويُرجع بعض المختصين الاجتماعيين  انتشار الظاهرة إلى الاستقلالية والجرأة، إضافة إلى عدم القدرة على التحمل والصبر التي تتميز بها فتيات هذا الجيل.

السكن أكبر المشاكل

رغم أن السكن مع أهل الزوج لم يكن مشكلا مطروحا في السابق، إلا أنه صار يتصدر قائمة المشاكل الأسرية في وقتنا الراهن، وهو ما تؤكده غالبية الحالات التي صادفناها في قاعات الأحوال الشخصية لمختلف المحاكم، وأول من تحدثنا إليها ”كنزة” سيدة في 24 من عمرها قالت ”منذ بداية زواجي بدأت المشاكل تتفاقم أكثر ف_كثر، سواء من حماتي أو من أخوات زوجي بسبب طباعهن الحادة وفضولهن الزائد، فلم أستطع تحقيق استقلاليتي مع زوجي بسبب ضيق المسكن، الأمر الذي ساعدهن على التجسس والعبث بأغراضي، وهو ما لم أتحمله فطلبت منه السكن بمفردي، لكنه لم يفعل استجابة لأمر والدته، فوجدت نفسي مجبرة على طلب الطلاق”، وهذا حال السيد “محمد” الذي قال ”أستفيق كل يوم على مشاكل أمي و زوجتي، فأمي كبيرة في السن وتحب كل شيء منظما وزوجتي صغيرة تحب النوم والراحة، فكل يوم يزيد شجارهما وصراخهما فأصبحت لا أطيق المنزل بسببهما، رغم أنه لم يمض على زواجي سوى سنتين وأنا الآن في المحكمة للطلاق”.

انعدام المسؤولية وتعجيل نهاية الزواج

حسب الحالات المعروضة في قاعة الأحوال الشخصية بالمحاكم الجزائرية، يوجد العديد من المشاكل التي تهدد استقرار الأسر الحديثة، أبرزها مشكل انعدام المسؤولية، فالعديد من الرجال من يتزوج وهو غير قادر على تحمل المسؤولية سواء من الجانب المادي أو المعنوي، وهذا حال السيد “أمين” البالغ من العمر 34 سنة الذي قال “في بداية زواجي كنت أعمل في محل لبيع المواد الغذائية عند أحد معارفي، وبعد خلاف بيني وبين صاحب المحل، فقدت عملي وبقيت بطالا لمدة سنة ولم أعد قادرا على تحمل  مسؤوليات الزواج، ومصروف ابنتي وزوجتي التي لم تتحمل الوضع فزادت المشاكل بيننا ووصلت إلى النهاية”، أما مشكلة السيدة “كوثر” فلا تختلف كثيرا عن سابقاتها التقيناها في محكمة “حسين داي”  بانتظار دورها، لم تجد مانعا في الحديث عن تجربتها التي خاضتها وهي لم تتعد الـ 25 من عمرها، بعد زواج لم يستطع أن يصمد أكثر من  3 سنوات بسبب زوجها البطال، وإصراره على منعها من العمل رغم الشهادة العليا التي تحوزها، وهو الوضع الذي لم تتحمله، خاصة وأنها تعتقد أن الحياة بعد تركها له ستكون أحسن، فاختارت أبغض الحلال كبداية لغد تراه أفضل.   

تدخل الأهل… المشكل الذي أرق الأزواج

في القديم كان رأي الآباء في اختيار شريك الحياة أمرا مهما بالنسبة للفتاة أو الشاب، والآن وبعد ظهور موجة التحرر وزيادة نسبة الوعي والرغبة في الاختيار الحر، صار الشباب يختارون شريكهم في الحياة ويعارضون رأي آبائهم، فكثيرا من الأبناء يتزوجون رغم رفض الوالدين وبعد الزواج يترتب عن ذلك الكثير من المشاكل بين الفتاة وأهل الزوج، وهذا حال ”إيمان” في 28 من عمرها التي روت لنا قصتها بكل ألم ”زوجي هو وحيد أمه، في البداية كانت أمه لطيفة وتغمرني بطيبتها، وبعد الزواج تغيرت تماما لدرجة أنها صارت تحرض زوجي ولا ترحمني، فكل همها ألا ارتاح ولا أخرج مع زوجي ولا ألبس جيدا وحتى عند حملي لم ترحمني فكانت تسبب لي أكبر المشاكل، وها أنا الآن في 28 من عمري مطلقة وأم لطفلة”.

المحامية بن الشيخ كهينة:”انعدام كمال النضوج النفسي وراء تفشي الظاهرة”

“تأخذ نسبة الطلاق في سن مبكرة في الجزائر طريقها نحو التزايد والارتفاع لأن المتزوجين من الصغار ينقصهم كمال النضوج النفسي ولا يستطيعون تحمل المسؤولية، ولذلك فإنه يجب على منظمات المجتمع المدني التدخل للحد من أثار تلك الظاهرة ومحاولة التقليل من تفشيها، وذلك بالتثقيف والتوعية بخصوص الزواج، وأنه مشروع مستقبل وتكوين أسرة وليس لعبة شطرنج، إضافة لتنشئة الفتاة والشاب على ضرورة تحمل المسؤولية والتحلي بالصبر في مواجهة المشاكل التي قد تعترض الزواج”.