اعترف المخرج الجزائري لطفي بوشوشي بأنه لم يكن يتوقع أبدا أن يتم ترشيح فيلمه “البئر” لجوائز الأوسكار، وقال في مقابلة مع جريدة الأخبار اللبنانية: “لا، لم انتظر ذلك أبداً. وللأمانة لم أفكر فيه من الأساس، ولا حتى في باقي المهرجانات السينمائية التي شارك فيها الفيلم. كان كل همي في البداية إنجاز فيلم مطابق للمعايير السينمائية، وخصوصاً أن “البئر” أول فيلم روائي طويل أخرجه. لذلك، كنت أمر أثناء مرحلة التصوير بلحظات قلق حادة تنتهي بي إلى الرغبة في إعادة العمل بالكامل. هذا إلى جانب الضغوط المالية، لأن ميزانية الفيلم كانت الأقل بين المشاريع السينمائية التي جرى إنتاجها في مناسبة الاحتفال بالعيد الخمسين لاستقلال الجزائر”.
ولفت لطفي إلى أن فريق الفيلم هو أول من يقف وراء الحملة الترويجية تحسبا للأوسكار، مشيرا إلى أن الهدف هو السماح لكل جزائري بمشاهدة الفيلم الذي يمثله في منافسة سينمائية ضخمة ويدعمه على نحو ما، لكنه أقر بأن هذه الخطوة جاءت متأخرة نظراً إلى اقتراب الموعد.
وتابع في نفس السياق: “برغم ذلك، هناك دعم كبير من جهات مختلفة، وخصوصاً الإعلام، وبعض المؤسسات الجزائرية وبعض رجال الأعمال الذين وعدونا بالوقوف معنا. كذلك هناك جهات رسمية، مثل السفير الجزائري في واشنطن الذي أبدى اهتماماً كبيراً وتعهدا بالمساعدة”.
وعن مضمون هذا العمل الذي جاء مختلفا مقارنة بالأفلام التي عالجت الثورة الجزائرية، قال بوشوشي:”اخترت أن يكون الشعب هو البطل، منذ بداية العمل مع كاتب السيناريو ياسين محمد بن الحاج، أردنا تجاوز الوجه المكرس لتصوير المرحلة الاستعمارية، وخصوصاً المقاومة، التي تقدم دائماً عبر المعارك والدماء والأسلحة”.
وأضاف موضحا “لم يستهونا هذا الخيار الحربي، فبعد مرور خمسين سنة على الاستقلال، يصبح الالتفات نحو زاوية مختلفة أمراً ملحّاً، وخصوصاً المعاناة الإنسانية. برغم استمرار الكفاح المسلح على نحو متقطع، منذ لحظة الاستعمار وصولاً إلى إعلان “الثورة التحريرية الكبرى” التي استمرت سبع سنوات متتالية، فإن هذا الكفاح لا يضاهي المقاومة الإنسانية الحقيقية، التي استمرّت طوال قرن وثلاثين عاماً من التجويع والاغتصاب والتعذيب. أظن أن الوقت قد حان للاهتمام بهذه التفاصيل واظهارها”.
وفي رده على حظوظ الفيلم للفوز بإحدى جوائز الأوسكار، قال لطفي “يجب أن نكون واقعيين، المنافسة مع 85 فيلماً عالمياً تقف وراءها كبريات الشركات الدعائية، ليست مسألة سهلة. وقد تأخرنا كثيراً في العمل الدعائي، وما زال أمامنا الكثير لإنجازه، فنحن على الأقل بحاجة للوصول إلى دعم داخلي كبير، إلى جانب تنظيم عرضين – على الأقل- في الولايات المتحدة، واحد في نيويورك وآخر في لوس أنجلوس للوصول إلى عدد من الناخبين، وهذه مسألة معقدة وسيجعلها الوقت أكثر تعقيداً، لكن بالنسبة إلى التفاؤل، أنا متفائل دائماً، والسينما في الأخير هي صناعة الحلم”.