انتشرت بين الشباب الجزائري وخاصة الطلبة والرياضيين ظاهرة تعاطي مشروبات الطاقة التي تأتي على شكل علب تشبه المشروبات الغازية، والشائع عن هذه المواد أنها تزود متعاطيها بالطاقة والإنتعاش، رغم جهل الكثيرين لمكوناتها ومصادر صنعها وما يمكن أن تسببه من خطورة على الصحة.
هذا، وقد تحدثت تقارير كثيرة عن الأضرار النّاجمة عن الإفراط في استهلاك مشروبات الطاقة وتحولها إلى شبه مخدر لاحتوائها على مادة الكافيين، وهو ما دفعنا إلى البحث عن أسباب وكيفية استهلاكها وعن مدى معرفة الشّباب بمكوناتها والأضرار المحتمل تعرضهم لها.
مستهلكو مشروبات الطاقة يجهلون مكوناتها
تحتوي مشروبات الطاقة على كمية كبيرة من السكر سريع الامتصاص “الجلوكوز” مما يعطي طاقة عالية، فحسب المدون على تلك العلب فإنها تحتوي على 45 سعرة حرارية لكل 100مل “أي 112- 120 سعرة لكل علبة 250مل إضافة إلى الكافيين “المخدر”.
وتحتوي كل علبة من حجم 250 مليليتر من مشروب “ريد بُل” باعتباره الأكثر استهلاكا، على حوالي 27 غراما من السكر “الغلوكوز” “سكروز” 100 ملغ توراين 600 ملغ غلوكورونولاكتون، فيتامين ب و80 ملغ من الكافيين.
هذه المعلومات يجهلها الكثيرون، ولا تعرفها سوى القلة القليلة من مستهلكي مشروبات الطاقة، حيث صرح بعض الشباب من الذين تحدثنا إليهم، أنهم لم يطلعوا أبدا على مكونات العلب التي يشترونها، ولعل ذلك يعود لتأثرهم الشديد بما يروج عن تلك المشروبات في الإعلانات التجارية.
مشروبات الطاقة للمجهود العضلي والفكري
أكد العديد ممن تحدثنا إليهم أن مشروبات الطاقة لها مفعول السحر في جعلهم منتبهين أطول مدة ممكنة وقادرين على استيعاب الدروس بشكل أفضل، كما أنها تساعدهم في تأدية بعض النشاطات الرياضية الصعبة والمتعبة، ويزداد الإقبال على تناول هذه المواد في هذه الفترة تحديدا لأن التلاميذ يستعدون لإجراء امتحانات مصيرية.
كمال الأجسام وقصة الإدمان على هذه المشروبات
يعتبر الشباب الذين يمارسون ألعاب “كمال الأجسام” أكثر الفئات إقبالا على تناول مشروبات الطاقة التي تملأ بأنواعها المختلفة محلات بيع المواد الغذائية. وفي هذا يقول صاحب محل قاعة لألعاب كمال الأجسام إن الإقبال على اقتناء مشروبات الطاقة يزيد يوما عن آخر، خاصة وأن العديد من الشباب أصبح لا يستغني عن هذا المشروب يوميا، والذي يتراوح سعر القارورة الواحدة منه بين 150 إلى 200دج حسب النوع، وأضاف أن هذه المشروبات عبارة عن منشطات تحفز الجسم على زيادة نشاطه.
“أضرارها أكثر من منافعها”
هنالك العديد ممن تحدثنا إليهم يمتنعون تماما عن استهلاك مشروبات الطاقة بعد اكتشافهم للأضرار التي تسببها، حيث قال أحد الشباب أنه تأكد من عدم فائدتها، وأن مفعول مشروبات الطاقة لا يدوم طويلا، وحين ينتهي تكون قد استنفذ كل طاقتك اعتقادا بأنك في قمة النشاط لتجد نفسك في النهاية متعبا جدا.
فيما يذهب شاب آخر إلى خيار تناول الأغذية الغنية بالفيتامينات والسكريات الطبيعية والاستهلاك المعتدل للقهوة لأن ذلك سيفي بالغرض دون التعرض لأية أضرار جانبية.
يقول عدد من الشّباب الذين تحدثنا إليهم حول الموضوع، أن للجانب النّفسي الدور الأساسي في مدى تأثير مشروبات الطاقة، حيث تعمل الإعلانات التجارية الكثيرة إضافة إلى رغبتك في الحصول على الطاقة واستعدادك لذلك، على إيهامك بالوصول إلى نتيجة حقيقية، خاصة في المرّات الأولى لاستهلاك المنتج.
ويؤكد أحد الباعة وهو شاب في الثلاثينات أنه لا يؤمن بما يشاع عن هذه المشروبات
ويقول: “جرّبت مشروبات الطاقة بأنواعها ليتأكد لي أن تأثيرها متوقف على مدى استعدادك للتأثّر، ولطالما تمكّنت من مقاومة النّعاس لطبيعة عملي أثناء الليل دون أخذ أي منشط بينما يعجز زملائي عن ذلك رغم استهلاكهم لها”.
الأطباء يحذرون من الاستهلاك المفرط
يقول المختصون في التغذية إن مشروبات الطاقة المتداولة خاصة بين فئة المراهقين والتي يعتقدون أنها تمدهم بالطاقة، لها أضرار لا تحمد عقباها خاصة عند تناولها بشكل دائم، وهو ما قد يعرضهم لارتفاع مادة الكافيين والتي تزيد عن معدل ما هو موجود في المرطبات لتصل إلى 20 ضعفاً في بعض تلك المشروبات ومن الأعراض الناتجة عن ارتفاع معدل مادة الكافيين في الدم، ازدياد دقات القلب تصل إلى 150 في الدقيقة وارتفاع في ضغط الدم وزيادة تدفق الدم للعضلات وتقليل كمية الدم إلى الجلد.
كما أن تلك المشروبات تسبب القلق بعد فترة من تناولها بسبب الكمية الكبيرة من الكافيين، فبعد فترة من الزمن يستهلك الجسم الكافيين فتقل نسبته في الدم بعد تخلص الجسم منه فيؤدي ذلك إلى حالة من القلق، وتلك حالات مشابهة لتأثير المخدرات، لو تزداد الكمية لأدت بالتأكيد إلى عدم انتظام ضربات القلب، ومشاكل النوم، وبعض الأعراض النفسية والصداع، وأكدت الدراسات الطبية بأن هذه المشروبات تساهم في ارتفاع ضغط القلب وزيادة نسبة السكر في الدم والأرق وآلام الصداع والقلق ونزيف الأنف والنوبات المرضية، ومشاكل تسوس الأسنان، وتقليل الاعتماد على النفس كأحد التأثيرات النفسية للمواد المخدرة.
… ولا علاقة لها بتحسين القدرة الجنسية
كما أكد المختصون أنه لا علاقة لمشروبات الطاقة برفع القدرة الجنسية كما يشاع بين الكثيرين، لأن مفعولها لا يتعدى منح الجسم لبعض الطاقة ولفترة محدودة.
لمياء بن دعاس