تاريخ وتراجم.. البريد في التاريخ الإسلامي

تاريخ وتراجم.. البريد في التاريخ الإسلامي

كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أول من استخدم البريد وعرفه في دولة الإسلام وتاريخه، فقبل مولد دولة الإسلام كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أرسل أول رسالة منه إلى ملك الحبشة “النجاشي” مع وفد الهجرة الذي قصد الحبشة فراراً بدينه، وكان حامل رسالته الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وذلك إيماناً من الرسول صلى الله عليه وسلم بتعميم ونشر رسالة الإسلام، فكما كانت الغزوات النبوية سبيلاً للذود عن الإسلام، ووسيلة لتأييد كلمته، كذلك كانت السفارات النبوية سبيلاً لأداء رسالته وإبلاغ صوته، إلى الملوك والأمراء الذين هم بداخل الجزيرة العربية وخارجها، وكانت هذه السفارات بمثابة رُسل من الرسول صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى أنه مارس في هذا النهج والأسلوب قمة ما يعرف بالسلك الدبلوماسي في التواصل مع الدول والحكومات، ففي شهر ذي الحجة للسنة السادسة من الهجرة، أبريل “نيسان” من السنة 628م، أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم كُتبه ورُسله إلى ثمانية من أولئك الحكام والملوك. وقد وُثِقَت جميع هذه الرسائل في مصداقيتها وصحتها عند علماء الأصول والتحقيق، ولا زال البعض من هذه الرسائل موجوداً في العديد من المتاحف العالمية، واستطاع العلامة المحقق الدكتور محمد حميد الله في كتابه “مجموعة الوثائق السياسية” – التي هي معنية بالعهد النبوي والخلفاء الراشدين – توثيق أكثر من ثلاثمائة وثيقة، فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مائتين وخمسين رسالة، كان قد راسل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قادته وولاته، كما أدرج مؤلف الكتاب مجموعة كبيرة من الرسائل، تعود لدولة الخلافة الراشدة، وهي كناية عن رسائل رسمية لقادة أو أمراء أو ولاة. هذا وقد اهتم َّالخليفة عمر رضي الله عنه بنظام البريد فأحدث له داراً، وكذلك كان الأمويون مع سياسة الفتح الإسلامي، قد اهتمّوا بالبريد، وخلفهم العباسيون الذين نهجوا نهج من سبقهم بالاهتمام بالبريد.