أصله من أهل الجزيرة، صحابي، بدري. وهو في الإسلام “سابق الروم، كما بلال سابق الحبشة، وسلمان سابق الفرس”. حضر المشاهد كلها، وأمره عمر بالصلاة بالناس يوم اغتيل حتى يتفق “أهل الشورى” على خلفٍ له، وكان ممن اعتزل الفتنة وأقبل على شأنه، وكان وافر الفضل. روى أحاديث معدودة رواها عنه بنوه، وسعيد بن المسيب، وعبد الرحمن بن أبي ليلى وآخرون. مات بالمدينة وقد أناف على السبعين عامًا. أسلم صهيب وعمار، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم. وكان من المستضعفين، ممن يعذب في الله عز وجل، وهاجر إلى المدينة مع علي بن أبي طالب في آخر من هاجر في تلك السنة، فقدما في نصف ربيع الأول، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء ومعه أبو بكر وعمر. كنيته: “أبو يحيى” كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قيل له: الرومي لأن الروم سبوه صغيرًا وكان أبوه وعمه عاملين عند كسرى، وكانت منازلهم على دجلة، فأغارت عليهم الروم، فأخذت صهيبًا وهو صغير، فنشأ بالروم، فصار ألكن، فابتاعه منهم “كلب” ثم قدموا به مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان التميمي منهم، فأعتقه، فأقام معه إلى أن هلك عبد الله بن جدعان. قال مجاهد: أول من أظهر إسلامه سبعة، فذكره فيهم. وروى ابن سعد عن عمر بن الحكم قال: كان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول: وكذا صهيب، وأبو فائد، وعامر بن فهيرة، وقوم، وفيهم نزلت هذه الآية: ” ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ” النحل: 110. وروى ابن سعد عن عمار بن ياسر أنه قال: لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقلت: ما تريد؟ فقال لي: ما تريد أنت؟ فقلت: أردت أن أدخل على محمد فأسمع كلامه قال: أنا أريد ذلك. قال: فدخلنا عليه فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا، ثم مكثنا يومنا على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا ونحن مستخفون، فكان إسلام عمار وصهيب بعد بضعة وثلاثين رجلاً.
