مجَّد الأندلسيون العلماء والفقهاء ورجال الأدب، وكان لهؤلاء القيادة والريادة في المجتمع الأندلسي. أما العلماء فقل من تجده متبحرًا في علم واحد أو علمين، بل فيهم من يعد من الفقهاء والمحدثين والفلاسفة والأدباء والمؤرخين واللغويين. ولم يقتصر الأندلسيون على العلوم العملية، بل كانت لهم دراسات في علوم أخرى؛ كالفيزياء، وعلم العقاقير، والزراعة الذي أبدعوا فيه وصنفوا التصاميم المشهورة، مسجلين ما توصلت إليه تجاربهم في النباتات والتربة. وكان شعب الأندلس شعبًا يقبل على العلم للعلم ذاته، ومن ثم كان علماؤهم متقنين لفنون علمهم؛ لأنهم يسعون إليها مختارين غير مدفوعين بهدف غير التعلم، وكان الرجل ينفق ما عنده من مال حتى يتعلم، ومتى عرف بالعلم أصبح في مقام التكريم والإجلال، ويشير الناس إليه بالبنان. وقد أشادت جل المصادر التي أرخت للأندلس بدور الحكام الهام في رعاية الحركة العلمية، وشغفهم الشديد بالعلم؛ فهناك عبد الرحمن الداخل 138 – 172 هـ قد شكل في عهده قاعدة قوية للحضارة، فكان أعظم حكام الأندلس مكانة في البلاغة والأدب، وسار على نهجه أمراء وخلفاء وملوك الأندلس، من أمثال هشام الرضى 172 – 180 هـ الذي تعتبر فترة حكمه فترة حاسمة في مجال التعليم في الأندلس؛ فقد كان مهتمًّا اهتمامًا مباشرًا بالعلم والفقهاء، مانحًا إياهم كل ما يستطيع من حماية وتأييد، ومما ساعد على انتشار الكتب وازدهار الحياة العلمية انتشار صناعة الوراقة في الأندلس؛ حيث تولى الوراقون نسخ ما يظهر من مؤلفات، كما اشتهرت الأندلس بمصانع الورق، وتميزت بهذا الإنتاج بعض المدن، مثل: غرناطة وبلنسية وطليطلة، وشاطبة، وقد حاز مصنع شاطبة شهرة واسعة في صناعة الورق الجيد. وأسس العرب في الأندلس الكتاتيب لتعليم الصبيان اللغة العربية وآدابها ومبادئ الدين الإسلامي، على غرار نظام الكتاتيب في المشرق العربي، واتخذوا المؤدبين يعلمون أولاد الضعفاء والمساكين اللغة العربية ومبادئ الإسلام.