للمدينة المنورة مكانةٌ عظيمة وجليلة بين كل المدن الإسلامية، ولها قدسيتُها ووَقْعها في كل قلوب المسلمين؛ فهي أرض ودار الهجرة، ومثوى الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، ولها فضائلُ عظمى، ومن فضائلها: أنها مدينة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، طَيْبة الطَّيِّبة، مهبِط الوحي، ومتنَزَّل جبريل الأمين على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وهي مأرز الإيمانِ، وموطن الذين تبوؤوا الدار والإيمان، منها شع النور، وأشرقت الأرض بنور الهداية، وهي دار هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام؛ ففضائلها كثيرة، منها: أن الله سبحانه وتعالى جعَلها حرمًا آمنًا، كما جعَل مكة حرمًا آمنًا، وقد جاء عن النبيِّ الأمين عليه الصلاة والتسليم أنه قال: “إنَّ إبراهيمَ حرَّم مكة، وإنِّي حرَّمتُ المدينة”. فمكانة المدينة المنورة الإسلامية والثقافية، والتاريخية، والاجتماعية، لا تخفى على نظر أحَد، فيكفيها فخرًا: أنها هي التي آوت ونصرت واحتضنت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وتزداد تباهيًا بأنْ يضم ثراها خير البرية، وتتألق بين العواصم الإسلامية بأنها الأرض التي وقَع على ترابها المؤاخاة العظيمة بين المهاجرين والأنصار، وفي فرح وحبور تهمس فرحًا بأنها شهِدت أولى غزوات ومعارك نشر الإسلام، وبها اشتدت شوكة الإسلام والمسلمين، وتقف مزدانةً بين كل الحواضر بذلك الصَّرح والشموخ الذي يتمثل في جَبل أُحُد، الذي قال عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “أُحُدٌ جبلٌ يحبنا ونحبه”. ومن معالِمها: مقبرة شهداء أُحُد، التي تقع شمال المسجد النبوي، سَمَتْ لأنْ تضمَّ جثمان سبعين من الصحابةِ الذين استُشهدوا في غزوة أُحد، ومنهم حمزة بن عبد المطلب عمُّ النبي صلى الله عليه وسلم، ومن معالمها التاريخية المرتبطة بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: البقيع، ويعرف ببقيع الغرقد، واتخذ أهل المدينة البقيع مقبرة لدفن موتاهم منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وبه قبور أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم؛ بناته، وزوجاته، وعمّاته، وبه قبور أكثر من عشرة آلاف من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، وأيضًا المدينة تزدان بمساجد، ويأتي في مقدمتِها المسجد النبوي الشريف، وهو أحدُ المساجد التي تُشَد إليها الرِّحال، وقد بناه النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى من الهجرة.
