يعتبر العالم الموسوعي جلال الدين السيوطي من أبرز معالم الحركة العلمية والدينية والأدبية في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري، حيث كان إماما حافظا، ومفسرا، ومؤرخا، وأديبا، وفقيها شافعيا. له نحو 600 مؤلف. ملأ نشاطه العلمي في التأليف مختلف الفروع في ذلك الزمان من تفسير وحديث وفقه وتاريخ وطبقات ونحو ولغة وأدب وغيرها، فقد كان عالما موسوعي الثقافة والاطلاع. يقال أن الذي أعان جلال الدين السيوطي على كثرة تأليفه، انقطاعه التام عن العمل والحياة العامة وهو في سن الأربعين حتى وفاته، فضلا عن ثراء مكتبته وغزارة علمه وكثرة شيوخه ورحلاته، وسرعة كتابته، فقد اتسع عمره التأليفي 45 سنة، على أن القسم الأكبر من تأليفه كان جمعًا وتلخيصًا وتذييلا على مؤلفات غيره، أما نصيبه من الإبداع الذاتي فجِدّ قليل. اجتهد الإمام السيوطي وتبحّر وتوسع في العلم، ولم يكتفِ بعلمٍ واحدٍ بل بسبعة علومٍ، وهي التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع، وكان يملك معرفةً قويّة بباقي العلوم؛ كأصول الفقه، والفرائض، والحساب، والإنشاء، والتصرف، والجدل، وغيرها. ولم يكن السيوطي مجرّد قارئٍ وباحثٍ يستنبط ويشرح؛ بل كان مُجدِّداً مُتميّزاً لم يُشبهه أحدٌ في زمانه، ولا ماثله أحدٌ في مؤلّفاته، وقد ألّف الكثير من الكتب والموسوعات، وتفرّد بها وبموضوعاتها، وتُعتبر من المراجع المهمّة للأمّة الإسلامية، كموسعاته في علوم القرآن، والحديث، والفقه، والبلاغة، والنحو، والطبقات، وغيرها. ويُعتبر الإمام السيوطي من آخر الأئمة والحُفّاظ الكِبار، فقد أثنى عليه ومدحه عددٌ كبيرٌ من العلماء والشيوخ، توفي الإمام السيوطي في منزله بروضة المقياس على النيل في القاهرة في 19 جمادى الأولى سنة 911 هـ، الموافق 20 أكتوبر 1505 م.
