لم يعد الشاب الجزائري مهتما بقصة شعره والظهور بمظهر لائق فقط، بل تعدى ذلك بكثير، ليصبح الشباب الجزائري اليوم مهووسا بتقليد النجوم والمشاهير في كل شيء، وإن كان ذلك غير مألوف في مجتمعنا ومستهجنا لدى غالبية الآباء الذين صار ولع أبنائهم بتقليد مشاهير كرة القدم وهو ما تزداد حدته تزامنا مع المناسبات الكروية الهامة، إلى درجة أن بعض الآباء الجزائريين باتوا يرون في الموضوع تحديا وخروجا عن عادات
وقيم مجتمعنا الإسلامي.
شباب يترددون على الحلاق أكثر من النساء
قال السيد “حسام” حلاق نسائي بالعاصمة بأن أكثر زبائنه مراهقون من حيه “عند رجوعي من العمل يستقبلنني أبناء حيي بأسئلتهم عن المنتوجات الجديدة للعناية بالشعر ويطلبون مني تطبيقها عليهم ولا يبالون بسعرها الباهظ”، وختم كلامه بقوله:
“أخرج من العمل مبكرا من أجلهم، فهم أكثر من الزبونات في المحل، فأنا أحتفظ بالمنتوجات الجديدة والباهظة من أجلهم لأنهم يبحثون كل يوم عما هو جديد”، من جهته الأستاذ فني طارق يقول إن ما لاحظه على تلاميذه هو أن تقليد قصات اللاعبين في الجزائر موضة موسمية، وترتبط بالانتصارات التي يحققها فريق أو آخر، وأن تقليد الشباب الجزائري وخاصة من هم في سن المراهقة لهؤلاء اللاعبين، لأنهم بحاجة إلى رمز يقلدونه، ولأن الموضة سلبت عقول الجميع، فأصبح هؤلاء النجوم قدوة لشباب العالم بكامله، وليس للشباب الجزائري فقط، مثلما كان تشي غيفارا، كاسترو، عرفات وهواري بومدين في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي رموزا في النضال السياسي والثوري، وختم كلامه بقوله: “لكل زمان تقاليده”.
الأعراس الكروية.. موسم الحلاقة والتقليد
قال جمال الحلاق بالعاصمة، إن موضة تقليد نجوم الكرة والموسيقى في الجزائر تستقطب كل يوم الشباب من مختلف الأعمار والطبقات بمن فيها أبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة رغم تكاليف قصها والعناية بها المرتفعة بالنسبة لهم، ويضيف حكيم “هناك من الزبائن الذي يتردد على المحل كل خمسة عشر يوما ويطالب بقصة جديدة لرياضي أو نجم من نجوم موسيقى”. ويرى أيضا أن كل نوع من قصات الشعر أصبح لها محترفوها في الجزائر، حيث يوجد حلاق خاص بتقليعات “طوراس” وآخر بـ “شعراوي” وثالث بــ “بالوتيلي” و “كريستيانو”، وهكذا أصبحت محلات الحلاقة تتفنن في تقليد قصات لاعبي الكرة فاشتهرت بها، ولا يقتصر هوس الشباب الجزائري على قصات نجوم كرة الأندية الأوروبية فقط، بل يمتد إلى بعض نجوم الفريق الوطني الجزائري الذين اشتهروا بقصاتهم الغريبة، وأشهرهم قصة صانع الألعاب “تايدر” وأصبح بالنسبة لكثير من الأطفال والشباب رمزا يقتدى به حتى في قصة شعره الغريبة جدا.
الشباب غير مبال بتقاليد الغرب
يوجد من الشباب من يتعجب من تسريحات أقرانهم ويصفونها بالتقليد الأعمى للغرب، وهذا ما يراه الشاب السعيد البالغ 22 سنة “هذا التقليد سلب عقول الشباب، فقد اصبح الوضع خطيرا وتجاوز كل الحدود، وعلى مؤسسات الدولة المختلفة أن تدرس بجدية كيف تعيد للشباب هويته وانتماءه للثقافة العربية الإسلامية”، ويوافقه الرأي مجموعة من الشباب التقيناهم خلال جولتنا من بينهم يوسف شاب بالغ من العمر 24 سنة الذي قال “من يقلد هذه التفاهات لا يملك شخصية وهو فاقد لهويته وغير واع بدينه”، فالشباب يرى في ذلك حرية شخصية وأكثر المؤيدين مراهقون لا يتجاوز سن الـ 20، ومنهم صابر البالغ من العمر 16 سنة الذي قال: “من حق كل شاب أن يساير عصره، وألا يعيش في قوقعة العادات، فلكل جيل ميزته واهتماماته والمظهر الذي يختاره”، ويضيف أيضا: “أنا أختار في كل مرة قصة لاعب من اللاعبين البارزين في الفريق الاسباني برشلونة، وأقوم بذلك تعبيرا على مدى عشقي لهذا الفريق ونجومه”، ويؤيده بهاء الدين البالغ من العمر 18 سنة وهو من مناصري فريق “الريال مدريد”، حيث قال “أريد أن أؤكد للجميع أنني من أنصار ريال مدريد من خلال تسريحة شعري الشبيهة بقصة كريستيانو، بالإضافة إلى أن القصة تعجبني وتميزني”، ويؤكد بهاء الدين “أن الكثير من الأشخاص يستغربون ويمقتون قصة شعري لكني لا أبالي بهم، فتسريحة شعري موهبتي التي أتفنن في ممارستها، ورسالة إعجابي بالريال”.