14 فيفري.. العيد الذي أقحمه المراهقون وصار حدثا اجتماعيا
أصبح الاحتفال بعيد الحب يفرض نفسه في مجتمعنا، حيث يتخذ العديد من الأزواج والمحبين يوم 14 فيفري من كل سنة، عيدا لهم يتبادلون فيه الهدايا وعبارات العشق والغرام وإظهار الأحاسيس الفياضة وحبهم الرومانسي، دون نسيان الشكولاطة وهي الأساس.
اختار الكثير من العرسان المقبلين على الزواج، بمن فيهم أولئك الذين ما زالوا لم يرتبطوا بشكل رسمي بعد، يوم عيد الحب المحدد بتاريخ 14 فيفري، الذي تزامن هذا العام مع يوم الخميس، ليُجروا حفلات خطبتهم وزواجهم في هذا اليوم بالتحديد، حتى يُرسخ تاريخ ارتباطهم ويصبح ذكرى لا تُنسى مهما مرّ عليها من زمن، وكذلك من أجل أن يكون شاهدا على قصة حبهم وغرامهم على الرغم من أنه احتفال مسيحي ولا علاقة له بالدين الإسلامي..
عشاق يختارون اليوم لعقد قرانهم
يشهد، الخميس، إقامة العديد من الأفراح والأعراس، في العديد من مناطق الوطن، حيث خرج الكثير من العشاق عن المألوف من الاحتفاء بـ “الفلانتاين” مع بعضهم البعض في المطاعم والمقاهي المختلطة وصالونات الشاي وغيرها من الأماكن، وفضّلوا أن يكون عيد الحب هذه المرة عيدا خاصا بهم طوال العمر، من خلال الارتباط الرسمي وإقامة حفل الخطوبة أو الزواج فيه، حيث صرّح أصحاب العديد من قاعات الحفلات بأنهم تلقوا الكثير من طلبات الحجز ليوم 14 فيفري، وأكد أصحاب قاعات الحفلات أنها سابقة من نوعها، لأن الضغط على القاعات والحجز يكون بقوة في فصل الصيف، ولم يعتادوا على تلقي طلبات بهذا القدر في هذه الفترة.
كما أكدت لنا السيدة يمينة وهي صاحبة قاعة حفلات بالعاصمة أنها تلقت طلبات لحجز القاعة في هذا اليوم وهو ما كان فعلا، حيث تم حجزها مع اشتراط الزبون تزيينها باللونين الأبيض والأحمر وذلك مقابل زيادة في المبلغ المدفوع.
والمثير في هذه الأعراس التي ستقام في عيد الحب، ليس عمليات الحجز الكبيرة بقاعات الحفلات فحسب، وإنما الحلويات أيضا مستها ثقافة عيد الحب، بحيث اختار هؤلاء العرسان الذين ربطوا ذكرى زواجهم بـ “الفلانتاين”، أن يغلب عليها اللون الأحمر كما ستصنع على شكل قلوب، حتى يكون حفل الزفاف رومانسيا مئة بالمئة، إذ كشف أيضا بعض أصحاب المحلات الخاصة ببيع الحلويات بالعاصمة، أنهم تلقوا منذ أيام طلبات بالجملة على الحلويات، وتحمل غالبيتها تعابير عن العشق والغرام، حيث هناك من طلب صنع قوالب حلوى تكون في شاكلة قلوب، كما أنّ هناك من اختار أن يطغى اللون الأحمر على جميع الحلويات، وهناك من طلب كتابة اسم العروسين باللون الأحمر عليها، والأمر نفسه بالنسبة إلى بطاقات الدعوة التي فضّل الكثير من العرسان، أن تعبر هي الأخرى عن كل ما يرمز للحب.
تخفيضات 50 ٪ على تذاكر الخطوط الجوية الجزائرية قبل عيد الحب
وقبل هذا اليوم أطلقت الخطوط الجوية الجزائرية، الخميس، عرضا جديدا لعمليات شراء التذاكر، قبل تاريخ 12 فيفري 2019، وتضمن العرض خصم 50 بالمائة على أي رحلة لشخصين في أيام 13 و14 و15 فيفري 2019.
وجاء في منشور الشركة على حسابها في فايسبوك “الخطوط الجوية الجزائرية تطلق عرض DUO، استفد الآن من عرضنا الجديد. لجميع عمليات شراء التذاكر قبل 12 فيفري، استمتع بخصم 50٪ على أي رحلة لشخصين في 13 و 14 و 15 فيفري”.
ولقي هذا العرض إقبالا من طرف الأزواج الميسورين الذين يعتقدون بأهمية هذا اليوم في مسار حياتهم الزوجية وتوثيق أواصر المودة بينهم.
محلات تقاطع الإحتفال وأخرى تستغل المناسبة
لم تكن واجهات المحلات في شوارع العاصمة الأيام السابقة مشابهة لما جرت العادة عليه خلال السنوات الماضية، فعلى مدار الأيام التي تسبق عيد العشاق المصادف لـ 14 فيفري من كل عام، كانت تغرق في موجة من القلوب الحمراء والبالونات والدببة والأرانب لتقتصر هذه السنة على بعض البضائع التي تعود للعام الماضي.
من خلال جولتنا بمختلف محلات الجزائر الوسطى، لاحظنا وجودا محتشما لهدايا عيد الحب بأسعار مرتفعة، حيث عرض أحد محلات الهدايا في شارع حسيبة بن بوعلي، كوبين عليهما رسمة قلوب تحمل عبارات باللغة الإنجليزية “أنتي وأنا” بسعر 600 دج، وهناك أكواب أخرى باللون الأسود وعند سكب المشروب الساخن فيها تظهر فيها رسوم لقلوب وعبارات رومانسية بسعر 800 دج، بالإضافة لتشكيلات جذابة لشموع معطرة وبأشكال مختلفة كالقلوب والورد بألوان جذابة يتراوح سعرها من 500 إلى 1700 دج، ولأن الدببة الكبيرة الحجم والتي تحمل قلوبا هي أكثر الهدايا المميزة التي يقتنيها المحبون في هذه المناسبة، فقد ارتفعت أسعارها لتصل إلى 3500 دج حسب حجم الدب.
سألنا أحد الباعة عن قلة السلع المعروضة مقارنة بما تعوّدنا عليه، فرد علينا: “إنه التقشف، هذه السلعة كلها تعود للعام الماضي لم أحضر شيئا هذه المرة، فانخفاض سعر الدينار وكذا منع استيراد بعض السلع أثر علينا، وبما أننا نعتمد كثيرا على ما يتم جلبه بـ “الكابة ” ولأن جل هذه الشموع والدببة مستوردة من إيطاليا، إسبانيا والصين تخوّفنا من جلبها بأسعار مرتفعة في الظروف الراهنة، خاصة وأن حركية البيع والشراء هذه الأيام تعرف ركودا”، مستطردا أن التقشف امتد إلى الاحتفال بعيد العشاق هذه المرة ليشمل الورود، فبعد ارتفاع أسعارها، فالملونة بـ 150 دج والحمراء بـ 200 دج للوردة الواحدة، امتنع العديد من العشاق عن اقتنائها، حيث يقول صاحب محل للورد بالقبة: “في كل عيد حب يرتفع سعر الورد لتزامنه مع فصل الشتاء، غير أن هذه السنة لم نتلق طلبات كبيرة باستثناء بعض المقبلين على الزواج، والذين طلبوا باقات كبيرة وفاخرة، أما البقية، فأصبحوا يفضلون الورد الصناعي على الطبيعي”.
…لا اتفاق حول عيد الحب
تقول حنان البالغة من العمر 31 سنة: “لا أهتم بيوم عيد الحب كما أهتم بيوم 13 سبتمبر، لأنه اليوم الذي لبست فيه الثوب الأبيض وقمت بحفل زفافي، تزوجت منذ 7 سنوات، وأنا أحتفل بيوم زفافي أكثر من يوم عيد الحب، ربما في السابق كنت أحتفل بيوم عيد الحب بتقديم الهدايا إلى زوجي وتحضيري له كعكا بالشكولاطة، لكن اليوم ومع قدوم الأطفال لم يعد يوم 14 فيفري مهما لنا كما نهتم بيوم 13 سبتمبر، لأنه يصادف يوم زفافي إلى بيت زوجي الذي أكن له كل الحب والاحترام والتقدير، لأنه ألبسني ستار الأمان والاطمئنان، وأكسبني الثقة بالنفس.
هذا هو عيد الحب الذي أتذكره دوما، وأنتظر موعده لأحتفل به رفقة رفيقي في هذه الحياة”.
أما إبراهيم البالغ من العمر 25 سنة، يقول: “في هذا اليوم أحاول التعبير عن مشاعري، بحيث أهدي حبيبتي باقة من الورود الحمراء مع شيء آخر جميل، وقطعة شكولاطة على شكل قلب، وآخذها إلى شاطئ البحر لأتغزل بها وأعبر لها عن مشاعري والحب الذي تشعرني به، بالمقابل قد أحصل منها على القليل من المشاعر إذا حالفني الحظ، وهكذا يكون أجمل يوم بالسنة، بالنسبة لي، وأرجو أن تكون أيامي دائما حبا وفرحا، وأتمنى كل الحب والسعادة إلى باقي المحبين بأنحاء العالم”.
أما صالح البالغ من العمر 27 سنة، من العاصمة، يحكي: “شخصيا أنتظر كثيرا هذا اليوم، كي أعبر عن مدى حبي إلى المرأة التي اخترتها أن تكون شريكة حياتي، وأنا أنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تصبح فيه عروسي وزوجتي، لذا تجدني أنتظر يوم عيد الحب لأختارها (ma valentine) ويرى العالم كم أحبها، لأنه في باقي الأيام العادية تكون هي عالمي الوحيد الذي أعبر فيه لها عن مدى حبي، ففي هذا اليوم أفرش لها الأرض ورودا حمراء، وأقدم لها قطعة شكولاطة مكتوب عليها أسمائنا، وآخذها إلى مطعم فاخر تختاره هي، كما أقدم لها أيضا قارورة لعطرها المفضل، لكني هذه السنة سأقدم لها شيئا مميزا، اخترت لها خاتما من ذهب دون علمها، لأني قررت أن أتقدم لخطبتها، بعدما جهزت حالي والحمد لله”.
عبد الرحمن عرعار: “عشرات القاصرات تُستغلن في الملاهي الليلية هذا اليوم”
تستغل الكثير من الملاهي الليلية وحسب شهادة رؤساء هيئات وجمعيات مهتمة بالطفولة والشباب، احتفالات “سان فالونتان”، لتوريط القصر في الدعارة وترويج المخدرات، حيث دعا هؤلاء للتعجيل بتنفيذ قانون حماية الطفولة من خلال فرض رقابة مشددة على هذه الأماكن المشبوهة.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل “ندى”، عبد الرحمان عرعار، أن التقارير التي أعدتها الشبكة، كشفت أن الملاهي الليلية تورط عشرات القاصرات في الدعارة والفساد باستغلال ليلة الاحتفال برأس السنة وعيد الحب المصادف لـ14 فيفري من كل سنة، كما أكد تدخل الشبكة لإنقاذ عشرات القاصرات اللاتي تورطن في الملاهي الليلية وكانت أغلبهن تحت تأثير الخمر والمخدرات يوم الاحتفال بـ”سان فالونتان”، وبعضهن يضيف عرعار، تعرضن لابتزاز بعد تصويرهن في وضعيات مخلة بالحياء عن طريق الهاتف النقال، مما جعلهن يهجرن عائلاتهن ويعتنقن الفساد في الملاهي.
وأوضح، عرعار، أنه في كل نهاية مناسبة سان فالونتان، تستقبل الشبكة مكالمات من قصر يشتكون توريطهم في الدعارة والمخدرات، حيث راسلت شبكة _ندى_ في العديد من المرات الجهات القضائية، ولكن لم تتوقف بعض الملاهي عن نشاطاتها المشبوهة، حيث طالبت بتنفيذ القانون لوضع حد لهذه الظاهرة.
فاروق قسنطيني: “على مصالح الأمن تشديد الرقابة على هذه الأماكن يوم 14 فيفري”
في السياق ذاته، دعا فاروق قسنطيني، السلطات الأمنية لفرض رقابة على الملاهي الليلية والمطاعم المشبوهة ليلة الاحتفال بما يسمى “عيد الحب”، وقال إن استقبالها للقصر مناف للنظام العام والقانون، مستغربا من الصمت المنتهج ضد هذه التصرفات الممنوعة أصلا.
وقال إن القانون الجزائري يعتبر استغلال القصر في الملاهي والسماح بدخولهم في مناسبة سان فالونتان، جنحة مشددة تتعلق بإبعاد قاصر لا تقل عقوبتها عن 5 سنوات حبسا نافذا وغرامات مالية لمسيرين ومنعهم عن النشاط بالغلق الفوري لمحلاتهم.
شائعة جعفري: استقبلت الكثير من الفتيات اللواتي غُرر بهن في عيد الحب
أكدت شائعة جعفري رئيسة المرصد الجزائري للمرأة أن البخل العاطفي والجفاء في البيوت الجزائرية هو السبب الرئيسي للجوء بناتنا للبحث عن الحب خارج أسوار البيت العائلي، مشيرة إلى رفضها وكغيرها من عديد الجزائريين لفكرة عيد الحب، التي قالت إنه دخيل على ثقافتنا الإسلامية وعلى مجتمعنا المحافظ.
وقالت جعفري إن ديننا الحنيف هو دين محبة ومودة وأن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أوصانا بنشر المحبة بيننا من خلال قوله صلى الله عليه وسلم: “تهادوا تحابوا”، موضحة أنه من الواجب علينا أن نحب بعضنا طوال أيام السنة وبشكل دائم، خاصة في البيت وفي المحيط العائلي، بما أن الكثير من الجزائريين جعلوا من كلمة “أحبك” من الطابوهات التي يمنع الحديث عنها في الوسط العائلي، وهو ما خلق فراغا عاطفيا لدى أولادنا وبناتنا، الذين أضحوا يبحثون عمن يقولها لهم خارج أسوار المنزل، وأكدت على ضرورة الاستعمال اليومي لهذه الكلمة في وسط أفراد العائلة الواحدة، وأضافت المتحدثة ذاتها أن عيد الحب لا يعنينا وأننا تخلينا عن الحب العفيف لنجري وراء أوهام، حيث ركزت على ضرورة الحوار بين الأبناء وآبائهم والإخوة وأخواتهم، وكذا العناق في حال الحزن والفرح لأنها من مظاهر المحبة والمودة التي تشبع العاطفة داخل كل فرد من أفراد العائلة، وبالتالي لا داعي للبحث عن الحب عند الغرباء.
وكشفت المتحدثة عن تحين الذئاب البشرية يوم عيد الحب هذا لتنفيذ مخططاتهم الجهنمية وترصد فرائسهم من الفتيات اللواتي يعانين فراغا عاطفيا، حيث تمتلئ الغابات، الحدائق العمومية والشواطئ بالشابات والشبان في وضعيات مخلة، وهو ما يؤدي إلى كوارث حقيقية تضرب قيم المجتمع الجزائري على حد تعبيرها.
وفي هذا الإطار أكدت المتحدثة استقبالها في العديد من المناسبات عددا معتبرا من الفتيات اللواتي غرر بهن في هذه المناسبة بسبب الفراغ العاطفي.
الأستاذ فاتح أبو زكريا: تقليد الغرب وبدعة ينبغي محاربتها
يقول الأستاذ فاتح بوزكريا، هذه المناسبة دخيلة على مجتمعنا وتقاليدنا، وبعيدة عن ديننا الإسلامي الذي يحرم تقليد الكفار في احتفالاتهم، وهي تشتمل على مفاسد ومخالفات كثيرة، منها ابتداع عيد غير شرعي، وليس في ديننا إلا عيدان.
وقد روى أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح عن أنس – رضي الله عنه- قال: قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرا منهما يوم الفطر والأضحى، ناهيك عن التشبه بشعائر النصارى وعاداتهم.
وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) “من تشبّه بقوم فهو منهم”، رواه أبوداود، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ): “لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذرعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم” رواه البخاري ومسلم، كما تشيع في مثل هذه الأعياد الفاحشة والرذيلة وإقامة العلاقات غير الشرعية بين أبناء المسلمين.
لمياء بن دعاس