يتم إحياء اليوم العالمي للحيوان في الرابع من شهر أكتوبر كل سنة، لتحسين معايير الرعاية في جميع أنحاء العالم، وتقوم العديد من العائلات الجزائرية بتربية الحيوانات الأليفة في البيت، لكن هناك من يتحمل الاعتناء بها وهناك من يجد صعوبة في ذلك، الطيور، القطط، الكلاب، الأرانب، السلحفاة، ربما تكون إزعاجا للآخرين لكنها متعة للشخص الذي يعتني بها، كما أنها توفر للشخص الصحبة الوفية بدون طلبها.
تتربع القطط على عرش تربية الحيوانات الأليفة في البيوت، فهي تصاحب الإنسان وإن كان يصفها الكثيرون أنها حيوان غدار، لكنه نظيف ويعاشر صاحبه، كما يعتبره مربيه كأي فرد في المنزل له مكانه للنوم وأكله المفضل، وطبيبه وحمامه.
شغف حدَ الهوس
وتعلّق البعض بحيواناتهم الأليفة قد بلغ ترجمة من الهوس المثيرة للتساؤل وهذا ما تخبرنا به (سارة) عن قطها وببغائها وعصافيرها التي تملأ البيت رغم أن العائلة تحتوي على تسعة أفراد إلا أن تلك الحيوانات لا تأخذ مكانا كبيرا والتعود عليها وتنظيفها يوميا لا يزعجها أبدا، حتى أنها تتناول أكل المنزل العادي ولا تتعب نفسها في شراء الأكل الخاص بها.
وبدورها تتحدث (زهرة) ماكثة بالبيت وهي تربي سلحفاة منذ عشرين سنة، خاصة عندما تزوجت بناتها، فقد وجدت في هذا الحيوان الرفيق اليومي في بيتها رغم أنه لا يحدث أي صوت، إلا أنها سعيدة بتربيتها ووجودها إلى جانبها، فلا تحس بالملل حين مداعبتها بل العكس فهي بالنسبة لها أغلى صديقة.
وتضيف (أمينة. ب) أخصائية نفسانية حول تعلقها بالحيوانات الأليفة، فلديها أرنبة صغيرة وجميلة وتحبها بشدة، وتحب أن تشاركها اللعب والمزاح، وأطلقت عليها اسم “سيمو”، ولا تريد أبدا ذبحها فقد أصبحت كفرد من العائلة ولا تستطيع تركها في البيت لوحدها دون وجود أفراد البيت.
وعلى الرغم من أن الصداقة مع الحيوانات تجلب السعادة لأصحابها وتشعرهم بالفرح أثناء تربيتها، إلا أنها قد تكون مصدر مرض عندما تحمل الجراثيم في جسمها، حيث ينبغي تطعيم الحيوانات ضد الفيروسات، وخصوصا القطط والكلاب، لاسيما مرض السعار الذي ينتقل للإنسان عن طريق عضة الكلب، وهنالك أيضا نوع من الطفيليات يسمى بالأميبيا ينتقل عن طريق التلامس، بالإضافة لبعض الأمراض التي تصيب الطيور كـ (الأورينسوزس) وهو مرض تنفسي قد يؤدي للوفاة.
إن تربية الحيوانات تتطلب عناية خاصة ودراية باحتياجاتها ونوعية غذائها، وكل نوع مختلف عن الآخر، ولابد من إدراك ذلك جيدا، كما أن الاهتمام بنظافة الحيوان مطلب ضروري تجنبا لحدوث الأمراض.
فئة قليلة من الجزائريين يقومون بتطعيم حيواناتهم
شددت البيطرية بلقايد على ضرورة التحلي بروح المسؤولية عند تربية أي حيوان أليف، مشيرة إلى أن اقتناء تلك الكائنات سواء لصحبتها أو للاستعانة بها في الحراسة أو الصيد أو غير ذلك، لابد أن تكون ثقافة وليست” هوسا” فقط، عن طريق حسن التعامل معها وفق أساليب تضمن حقوقها، وتحمي صاحبها من الأمراض التي تنتقل عدواها من خلالها.
أوضحت المتحدثة التي تشغل كذلك منصب مسؤولة مخبر داء الكلب الحيواني والإنساني بمعهد” باستور”، أن تربية الحيوانات الأليفة أمر جيد، فالعديد من الأبحاث أثبتت أن لها تأثير كبير على حالة الإنسان النفسية، حيث تساعده على تحسين حالته المزاجية والصحية، إلا أن ذلك الرفق في تربية الحيوانات لابد أن يصاحبه وعي وروح المسؤولية في طريقة العناية بها، وليس فقط اقتناءها وتركها حبيسة البيت أو الحديقة أو في قفص مثبت في مكان معين.
وتضيف الطبيبة البيطرية، أن تربية الحيوانات مهما كانت فصيلتها، هي ثقافة في حد ذاتها، لأن إخراج حيوان من محيطه ومن الطبيعة التي يعيش فيها واصطحابه إلى البيت، يصبح من مهام صاحبه العناية به في إطعامه وتخصيص مكان له للنوم، وتنظيفه، فضلا على تقديم التطعيم الخاص به لحمايته من الإصابة بالأمراض التي قد تنتقل عدواها إلى صاحبها وجميع أفراد الأسرة أو المحيط الذي يعيش فيه.
من الشغف إلى مرحلة الإشباع
وأضافت المتحدثة ”العديد من الجزائريين يفتقدون لتلك الثقافة، بل يحملون جزءا منها ولا يولون أهمية للجزء الباقي، وهو الاهتمام بتلك الحيوانات، حيث تجد البعض في بداية الأمر يكون لديهم ذلك الشغف في تربية حيوان معين، كقط أو كلب أو سلحفاة أو عصافير أو قردة أو غيرها من الحيوانات التي تختلف باختلاف البيئة التي يعيش فيها الفرد، إلا أن بعد فترة من اقتناء ذلك الحيوان، يشعر نفس الشخص أنه وصل إلى مرحلة إشباع ذلك الشغف، وكذا الفضول الذي كان ينتابه في تربية حيوان معين، ليدخل في مرحلة الإهمال واللامبالاة، فيترك ذلك الحيوان دون إطعامه أو توفير على الأقل الحرية له للقيام بذلك بنفسه”.
وأضافت البيطرية أن أخطر ما في الأمر، عدم الاهتمام بتطعيم تلك الحيوانات عند اقتنائها، حيث تشير الإحصائيات إلى أن فئة قليلة من الجزائريين يتوجهون نحو أطباء بيطريين لتطعيم حيواناتهم، لاسيما تطعيم القطط والكلاب التي من الممكن أن تحمل داء الكلب المميت، حيث تنتقل عدواه إلى الإنسان عن طريق اللعاب، إلى جانب مشاكل صحية أخرى تصيب الحيوان الأليف ويمكن أن تشكل بعد ذلك خطرا على صاحبه.
على صعيد آخر، تقول المتحدثة، إن ثقافة زيارة البيطري مفيدة لحمل رصيد من المعلومات المتعلقة بطرق العناية بحيواناتنا الأليفة، فهناك العديد من التفاصيل التي على الشخص أن يعلمها بشأن حيوانه الأليف، فاليوم تتوفر في السوق العديد من منتجات العناية الخاصة بحيواناتنا الصغيرة، التي تعمل على حمايتهم من الأمراض والطفيليات ومن بعض المشاكل المرتبطة بصحتهم التي بشكل غير مباشر، مرتبطة بسلامة المحيطين بهم.
…. وللعلاج من التوحّد، الإعاقة والإجرام
يؤكد المختصون على إمكانية علاج بعض الأمراض بتربية الحيوانات على غرار الإعاقة الحركية والتوحّد والكآبة والانطواء والعزلة، كما أنها وسيلة للقضاء على العنف وإدخال الهدوء والطمأنينة إلى قلوب أصحابها.
وفي هذا السياق، ذكرت البيطرية هيفاء رزاقي: “أنّ المسنين يستأنسون بوجود هذه الحيوانات ويربطون معها علاقة وطيدة في الحدائق والشوارع، وهذا ما نسعى إليه “أنسنة” الحدائق، فأحيانا يحضر المسن إلى الحديقة من أجل إطعام الحيوان، فهو بذلك على الأقل يشغل فكره بالحيوان وليس بأفكار الانتحار والوحدة وانفصام الشخصية، كما أنّه يشغل وقته ويصاحبه”.
وتساهم الحيوانات، برأي المختصة التي أّلّفت كتابا عن العلاج بالحيوان، في الكشف عن الأطفال المصابين بالتوحّد، فالطفل الذي لا يتحرك ويبقى ساكنا أمام الحيوان يعني أنه مصاب بالتوحد، واكتشف الأمر لأول مرة بالصدفة عندما نسيت إحدى الأمهات طفلها في البيت مع الكلب لوحدهما وبقي الطفل في مكانه دون أن يتحرك أو ينتبه لوجود الكلب، وبعد دراسات عديدة تم التوصل إلى أنّ الحيوان بإمكانه المساعدة في الكشف عن مرض التوحّد.
ويؤكد أغلب المختصين النفسانيين أنّ العنف مع الإنسان ينطلق من عنف مورس سابقا مع الحيوان، كما أنّ المجرمين والمغتصبين والمعنّفين كلهم مارسوا وجرّبوا الأمر سابقا مع الحيوان.
وعندما ينعدم إحساس الشخص ولا يتألم لأنين الحيوان وصراخه، فإن الأمر ينذر بالخطر.
وحسب هيفاء رزاقي، واستنادا إلى دراسات علمية وإحصائيات رسمية، فإن 80 بالمائة من حالات الإجرام تحيلنا إلى سوابق الشخص مع الحيوان.
واستشهدت البيطرية بحادثة في بلدية بن عكنون لأطفال كانوا يسمرون الحيوانات على لوح خشبي، ولما اشتكى الجيران ونبّهوا الأولياء، لم يتحرك هؤلاء إلى أن جاء يوم وجرّبوها على أحد الأطفال الذي نقل على جناح السرعة للمستشفى.
وفسّرت المتحدثة قائلة “إذا لم يتأثر الإنسان بصراخ الحيوان، فهذا يعني أن مشاعره تجمّدت وأنّه فقد الإحساس، وبالتالي يمكنه فعل كل شيء”.
حتى المساجين، تضيف هيفاء، يمكن علاج عدوانيتهم من خلال تربيتهم للحيوان، وبهذا نكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد، وفّرنا العلاج للإنسان وتخلصنا من الآفات الاجتماعية، كما أننا حافظنا على حياة الحيوان.
الحيوانات الأكثر تأثيرا في علاج الإنسان
حدّد الأطباء 5 أنواع من الحيوانات لها تأثير ايجابي في علاج الإنسان، حيث أكدت الدراسات أنّ تلك الحيوانات تساعد في علاج المرضى المصابين بأمراض مثل الضغط والتخلّف العقلي وباركنسون والاضطرابات النفسية ومرض السكري وغيرها، وذلك لأن هذه الحيوانات تملك طاقة معينة تؤدي بعد تفاعلها مع طاقة الإنسان إلى شفاء المصاب من مرضه.
واكتشف العلماء أن الحيوانات التي تملك مثل هذه الطاقة هي القطط المنزلية، حيث أن لمسها يساعد في المحافظة على مستوى ضغط الدم وتخفيف العدوانية والشعور بالألم في القلب والمعدة والقدمين والكبد، فهي تشعر بالعضو المصاب في جسم الإنسان، وتقترب منه وتمتص الطاقة السلبية منه، وكذلك الكلاب التي تزيل الشعور بالتعب والإرهاق، لأنها تعطي طاقتها إلى الإنسان، ويفضل لمس الكلاب عند انخفاض ضغط الدم والغثيان وفي فترة النقاهة، فالكلاب تشعر بانخفاض مستوى السكر في الدم وتحذّر الإنسان قبل حدوثه.
أما الحيوان الثالث فهو الحصان، وهو حيوان يساعد على شفاء الإنسان، من الاضطرابات النفسية، وخاصة مرض التوحّد عند الأطفال.
والحيوان الخامس الذي حدّده العلماء هو الثعبان، حيث يحقق الاسترخاء للإنسان وأن سمّ بعض الثعابين يستخدم في علاج الأوردة.
كما تساعد الحيوانات الأليفة كالأرانب والماعز والببغاوات على تطوير القدرات الحركية والحسية والاجتماعية للمعاقين حركيا، من خلال جلسات علاجية.
وقبل تقديم الطفل من ذوي الإعاقة لخوض هذه الجلسات، يتم تقييم حالته من قبل الاختصاصيين لمعرفة مدى استجابته الممكنة لهذه الجلسات.
لمياء. ب