انتقدت تنظيمات نقابية في المغرب، المشهد السياسي المغربي الذي وصفته بـ”التردي غير المسبوق، نتيجة فساد النخب واستشراء الرشوة واختلاس المال العام”، معتبرة أن الانتخابات الأخيرة “أفرزت أغلبية حكومية فاقدة للشرعية المجتمعية، وغير قادرة على تقديم حلول حقيقية للأزمات.
سطرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في المغرب، برنامجا نضاليا تصعيديا عبر صيغ وأشكال احتجاجية متعددة، بما فيها الإضراب العام، رفضا للتشريعات الحكومية “التراجعية” وعدم وفاء حكومة عزيز أخنوش بالتزاماتها. ويأتي قرار المركزية النقابية العودة إلى الاحتجاج، بعد أسابيع من الاستنكار والتنديد بإخلاف الحكومة لالتزاماتها، سواء بعدم عقد جولة أكتوبر من الحوار الاجتماعي، أو بتمرير مشاريع قوانين للبرلمان دون التوافق عليها مع المركزيات النقابية، خاصة مشروع قانون الإضراب، الذي “يكبل” -حسب النقابة- هذا الحق الدستوري. وأكدت الكونفدرالية، أن المغرب “يعيش على وقع استمرار مظاهر الأزمات على كافة المستويات”، مشددة على “الحاجة الملحة اليوم لتفعيل الديمقراطية الحقيقية من خلال إصلاحات سياسية حقيقية، وضمان الحقوق والحريات”. إلى جانب ذلك، انتقدت الكونفدرالية رفض الحكومة مراجعة عدد من الملفات العالقة، مثل قوانين الانتخابات المهنية، توحيد الحد الأدنى للأجور بين القطاعات وتخفيف شروط التقاعد، وهو ما يعكس، بحسب النقابة، “استهتار الحكومة بمصالح الطبقة العاملة واستمرارها في نهج السياسات التي تعمق الهوة الاجتماعية”. وقالت أن المغرب “يشهد أوضاعا اجتماعية صعبة نتيجة البطالة المتزايدة وارتفاع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي والمائي”، مشيرة إلى أن هذه الاختلالات تناقض تماما شعارات “الدولة الاجتماعية” التي تروج لها الحكومة. النقابة لم تتوان في انتقاد المشهد السياسي المغربي الذي وصفته بـ”التردي غير المسبوق، نتيجة فساد النخب واستشراء الرشوة واختلاس المال العام”، معتبرة أن الانتخابات الأخيرة “أفرزت أغلبية حكومية فاقدة للشرعية المجتمعية، وغير قادرة على تقديم حلول حقيقية للأزمات”. وفي ظل احتكار الثروة من قبل قلة من الأثرياء، دعت الكونفدرالية إلى فرض ضريبة على الثروة، مؤكدة أن مساهمة بسيطة بنسبة 2 بالمئة من ثروات الأغنياء يمكن أن تغطي جزء كبيرا من تكاليف تعميم الحماية الاجتماعية. ونبه المكتب التنفيذي للكونفدرالية إلى أن التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية “تساهم في تعزيز تهميش شرائح واسعة من الشعب المغربي عن الحياة السياسية، مما يحد من قدرة المؤسسات على تمثيل جميع المواطنين بشكل فعال وحقيقي، وقد وصل المشهد السياسي في المغرب إلى حالة غير مسبوقة من التردي وفقدان الثقة في المؤسسات نتيجة فساد النخب وتعدد مظاهر الرشوة واختلاس المال العام”. كما اعتبر أن مشروع قانون المالية 2025 لم يقدم أجوبة وإجراءات ملموسة لمعالجة المعضلات الاجتماعية، ولم يأت بإصلاحات ضريبية حقيقية، ويكرس نفس منحى القوانين المالية السابقة. وأشارت الكونفدرالية إلى خطورة ربط المال بالسلطة، ما يعطل آليات المراقبة ويكرس سيطرة كافة أنواع الاحتكارات، مؤكدة أن هذا التواطؤ بين المال والسلطة يؤدي إلى تدهور الأمن الغذائي والمائي والطاقي، مما يهدد استقرار البلاد. واختتمت الكونفدرالية بيانها بدعوة الطبقة العاملة والمجتمع المغربي إلى التعبئة والوحدة لمواجهة “الهجمة الممنهجة” على المكتسبات الحقوقية والاجتماعية، معتبرة أن النضال النقابي “لم يعد خيارا، بل ضرورة لحماية الحقوق والدفاع عن العيش الكريم”.
أ.ر