مع الإنخفاض المفاجئ لدرجات الحرارة، تنتشر الأمراض الموسمية التي تعود كل شتاء، وعليه يبدأ الإقبال على الصيدليات من أجل اقتناء الأدوية ومكافحة الفيروسات، في حين يفضل البعض الآخر اتخاذ كل الإجراءات
الوقائية لمجابهة تلك الفيروسات التي تسبب الأنفلونزا وشتى الالتهابات، ويبقى منقوع الأعشاب الحل المثالي لعدد معتبر من المواطنين.
يعتقد بعض المواطنين بقدرة بعض الأعشاب الطبية والعطرية، على منحهم بعض الفوائد الطبية والعلاجية فيما يخص بعض الأمراض البسيطة، ولذلك فإنها تكون أول ما يعتمدون عليه ويلجؤون إليه، قبل توجههم إلى الطبيب، الذي لا يكون الذهاب إليه بالنسبة لعدد من المواطنين في الجزائر، إلا بعد أن تصل الأمور فعلا إلى درجة لا يمكن تحملها، أو مثلما يقال بالتعبير الشعبي الجزائري ” يوصل الموس للعظم”، وعليه فإن الإقبال على هذه الأعشاب وأنواع من النباتات والزهور، يبقى مستمرا ومتواصلا من طرف فئات عديدة ومختلفة، تشمل حتى الفئات المثقفة والمتعلمة أحيانا، ومن ذلك مثلا الإقبال على اقتناء عشبة “الويزة” أو راعي الحمام والمعروفة بالتيزانة و”الفارفان” بالفرنسية، خاصة في مثل هذه الأيام الباردة، حيث يتناولها المواطنون في الجزائر، ويعتمدون عليها بشكل كبير لدى الإصابة بالزكام والأنفلونزا، وأعراض البرد، وحتى للشعور ببعض الراحة والدفء، ويتم طلبها من عند المحلات والصيدليات، وفي المقاهي، وهي موجهة لكافة الفئات العمرية، ويحرص الكثيرون على أن تكون أول ما يعتمدون عليه لعلاج مختلف الأمراض المتعلقة بالبرد، مع إضافة قطعة من الليمون إليها، حيث أنها تقضي على مرض الزكام وتهدئ الأعصاب والتوتر وتطرد الغازات إلى غير ذلك من الفوائد المتعددة.
“التيزانة”.. المشروب الباعث على الدفء عبر السنين
لا يستغني الكثير من كبار السن تحديدا عن “التيزانة” هذا المشروب الدافئ، ولذلك فإن بعضا منهم يستهلكه حتى في الأيام العادية، مرات عدة في اليوم، وقبل النوم تحديدا، نظرا لما يوفره لهم من راحة نفسية وهدوء، وقد تربى الكثيرون منذ أجيال على هذا المشروب في أيام البرد وأيام المرض، خاصة وأنها ليست غالية الثمن، حيث لا يتجاوز سعرها الـ 20 دج.
ولذلك فهي تستهلك بكثرة في فصل الشتاء وتضاف إلى التيزانة بعض الأعشاب كالبابونج مثلا، أو قطع من الليمون، أو بعض الأعشاب والنكهات الأخرى لإعطائها أذواقا محببة، ونكهات مختلفة، تجعل شربها عملية ممتعة ومفيدة، ومع ذلك ينصح أصحاب الأمراض المزمنة بعدم استهلاكها إلا باستشارة طبية لتفادي أي أعراض ثانوية ذلك أنها تستعمل للعلاج في فترة قصيرة المدى كمرض الزكام وذلك بتناول ثلاثة أكواب يوميا للتعرق والتبول من أجل طرد الفيروس والاستشارة الطبية تبقى ضرورية، حيث لا يمكن الاعتماد على هذا المشروب الساخن فقط، لأجل معالجة أمراض كالزكام والأنفلونزا، سيما إن كان المرض في مراحل متقدمة، تستدعي الاستشارة الطبية وتناول بعض المضادات الحيوية.
ومن فوائد هذه العشبة أيضا، أو التيزانة مثلما هي معروفة محليا، تهدئة الأعصاب، ولذلك فلا ضرر من شربها يوميا وهي مهمة للأشخاص الذين يعانون من قلق أو ضغوط نفسية، كما أنها تعتبر مهدئا بصفة عامة ومفيدة كمضاد للتقلصات المصاحِبة للتهيج العصبي، ومغلى الأوراق مفيد في علاج الاضطرابات الهضمية وطارد للرياح، أما الزيت المستخلَص منها فهو مفيد لعلاج الاضطرابات النفسية وخاصة الاكتئاب والتوتر والقلق.
عودة ملحوظة لكل ما هو طبيعي
بعد أن تراجع الإقبال على المنتجات الطبيعية في العلاج في فترة ما، بسبب التطور التكنولوجي وبروز أدوية كيماوية لغالبية الأمراض، إلا أنه في الآونة الأخيرة، تراجع من جديد الإقبال على تلك المواد الكيماوية، بعدما انتشر وعي صحي بالأعراض الجانبية على المدى البعيد لهذه الحبوب العلاجية، مما حوّل اهتمام الأغلبية نحو كل ما هو طبيعي، من أجل إعادة الاعتبار للمنافع “المعجزة” لكل ما خلقه الله في صيغتها الطبيعية.
150 عشبة مرخصة للتجارة
يقول المختصون في مجال الأعشاب الطبيعية بوجود حوالي ما يزيد عن 150 عشبة مرخصة للتجارة، تشتهر بمنافعها العديدة على الصحة، منها التي لها خصائص المضادات الحيوية الطبيعية، وأخرى مضادة للأكسدة، فلكل عشبة مميزاتها، منها التي تعمل على إزالة السموم، وأخرى منعشة، ومنها ما تعمل على تهدئة الأعصاب.
هذا، ويؤكد المختصون في المجال أن الإقبال على هذه الأعشاب خلال فصل الشتاء، يعرف الذروة، لاعتماد الكثيرين عليها في علاج الأنفلونزا المصاحبة لفصل البرد، حيث يتعرض العديد من الأشخاص للإصابة بالأنفلونزا، باعتبارها من الأمراض الأكثر شيوعا، نتيجة إصابة الجهاز التنفسي، كالأنف والرئتين والحنجرة بالعدوى الفيروسية، يرافق الأنفلونزا العديد من الأعراض التي تشبه أعراض نزلات البرد، مثل السعال الجاف، فقدان الشهية، سيلان الأنف، صداع وارتفاع في درجة حرارة الجسم، مضيفا أنه يمكن علاج الأنفلونزا باستخدام الأدوية المضادة للفيروسات، من خلال استشارة الطبيب الأخصائي، كما يمكن علاجها في المنزل باستخدام الأعشاب الطبيعية التي تساهم في علاج هذا المرض.
الطريقة التقليدية الأنجع
ويتم استهلاك هذه المنتجات على الطريقة التقليدية التي تعتمد على غلي الماء ووضع كمية من عشبة معينة مجففة فيه، تترك حتى تتحلل منافعها في الماء وترفق عادة بالليمون الذي يعتبر مضادا بكتيريا، وتحلى بالقليل من العسل الطبيعي الذي يعتبر مضادا حيويا طبيعيا، مشيرا إلى أن فردا من معدل اثنين، يتناول منقوع الأعشاب خلال فصل الشتاء لمجابهة الأنفلونزا طبيعيا، وغالبا ما تقبل النساء أكثر على تلك الطريقة.
وتجدر الإشارة إلى أن منقوع الأعشاب ليس فعالا مثل الأدوية الكيماوية، التي تعد خصيصا لمحاربة الأنفلونزا مباشرة، إنما تساعد على تخفيف حدة المرض وتكافح بعض الأعراض المصاحبة للمرض، كما تقلص من فترة المرض وتساعد على الشفاء.
كما يعتبر النعناع البري المعروف بـ”الفليو”، جذع الزنجبيل، الزعتر، عود القرفة، جذع الكركم، والقرنفل، منقوع الأعشاب أكثر شهرة واستعمالا في الجزائر؛ في حين يفضّل البعض الآخر الوقاية من تلك الأمراض عن طريق تناول منقوع الأعشاب المضاف إليه شرائح الليمون والمحلى بالعسل باستمرار.