جبل صخري بأعالي الأطلس التلي

تيكجدة.. بانوراما طبيعية تسحر كل من زارها

تيكجدة.. بانوراما طبيعية تسحر كل من زارها

تتواجد تيكجدة المحسوبة على المحمية الطبيعية للحظيرة الوطنية لجرجرة، على بعد 20 كلم عن مدينة البويرة، وتقع شمال بلدية الأسنام بدائرة بشلول، تحيط بها عدة قرى كالسماش والتل الأحمر جنوبا، سحاريج شرقا وحيزر غربا، في حين تحدها من الشمال تيزي وزو وسلسلة جبال جرجرة الممتدة على طول 50 كلم من تراب الولاية والمحتضنة لقمة “لالا خديجة”، القمة التي تعد الأعلى في الشمال الجزائري بارتفاع يزيد عن 2308 أمتار.

تعتبر تيكجدة مقصد الزوار والسياح من مختلف مناطق العالم، خاصة هواة الرياضات الجبلية خلال فصل الشتاء كالتزحلق على الثلج وتسلق الجبال، بالإضافة إلى هوايات أخرى.


تصنيف وطني وعالمي

صنفت “تيكجدة” منذ عام 1935 ضمن الحظائر الوطنية وعام 1998 ضمن التراث العالمي البيئي، وتحتوي هذه المنطقة على مناظر سياحية خلابة تستقطب المئات من الزوار والسياح الذين يقطعون مسافات طويلة لاستكشاف المنطقة والتمتع بمناظرها الخلابة وطبيعتها الساحرة، كما تمنح تيكجدة فرصة للراغبين في التأمل في ملكوت الله وروعة ما صوَر من مناظر خلابة وجبال وكهوف ووديان يمتد فيها البصر بعيدا، خاصة تلك الينابيع المائية المنحدرة من جبل جرجرة التي يتوقف فيها الزائر لتذوق عذوبتها، لاسيما إذا تعلق الأمر بمنطقة الفنادق التي تستقطب أعدادا كبيرة من السياح الأجانب الباحثين عن إقامة هادئة ومريحة تسمح باكتشاف المواقع السياحية الموجودة بالمنطقة.

 

 

آسول.. أيقونة تيكجدة وموطن سحرها

تتسم آسول بجبالها السمراء المتشبعة بأشعة الشمس الدافئة صيفا، التي ترتدي الرداء الأبيض شتاء، ويقال إن من لم يزر ”آسول” فكأنه لم يزر تيكجدة، لما لهذا المكان من أسرار وخبايا كامنة في عمق المغارات التي تثير فضول الزوار وتدفعهم للانبهار، كمغارة الجليد التي يزيد انخفاضها عن 230 مترا، وهي عبارة عن مغارات عمودية تحتفظ بكميات من الثلوج حتى في فصل الصيف، ما يبعث هواء منعشا بالمكان، وغير بعيد منها تقع مغارة ”فهوة النمر” التي يصل عمقها إلى 1007 أمتار، وتعتبر الأعمق في إفريقيا، ورغم أن الطريق إلى آسول ضيق إلا أن ذلك لم يمنع السياح من الوصول إليها والمسارعة لالتقاط صور تذكارية تخلد ذكرى المكان، وما زاد في جمالية هذه المنطقة هو وجود بحيرة رائعة تدعى بحيرة ”ثيقولمين” التي تبدو للوهلة الأولى أنها معلقة بين السماء والأرض في حضن جبلين.

 

ولعشاق المغامرة نصيب في تيكجدة

تعتبر تيكجدة المنطقة الأكثر ملاءمة لممارسة الرياضات الجبلية، حيث يجد الزوار أمامهم اختيارات متعددة بدءًا بتسلق الجبال على مستوى موقع ميمونة وصولا إلى القفز بالمظلات وذلك بحثا عن المتعة والإثارة، كما تمنح تيكجدة الفرصة لزوارها للشعور بالحرية والانطلاق خاصة بالنسبة لأولئك الذين لا يخشون الارتفاعات ويعشقون مغامرة الطيران الشراعي، ويلاحظ الزائر لتيكجدة التدفق الهائل للمركبات القادمة من كل جهات الوطن وهي تصطف عبر منعرجات جبال تيكجدة لتخرج عتادها وتباشر في خوض أجمل مغامرة، وهو ما جعل تيكجدة المرشحة الأولى لأن تكون أول منطقة بالجزائر لممارسة رياضة القفز بالمظلات بموقع ”ثيغزرث” المتواجد على مسافة 2 كلم عن المركز الوطني للرياضة والتسلية، هذا إضافة إلى رياضة التزحلق على الثلج في مسلك “اعكوكر” المرتفع عن سطح البحر بـ 2000 متر وكذا سباق الدراجات

وألعاب القوى. أما عن الرياضة المائية، فإن سد ثيلسديث الواقع بأسفل منحدرات تيكجدة يخلق فضاء جميلا لزواره الذين تجدهم يجدفون هنا وهناك على امتداد البحيرة مستمتعين بروعة المياه وسحر المغامرة.

 

“ميمونة” الأسطورة التي اهتم بها خبراء التاريخ الأجانب

نال الموقع التاريخي لأسطورة “ميمونة” اهتماما واسعا من طرف أساتذة ومختصين بالتاريخ بالجامعات الفرنسية، والذين أصدروا كتبا تتحدث عن هذه الأسطورة “العجوز ميمونة”، وهناك مذكرات تخرّج جامعية لطلبة بفرنسا حول العجوز الأسطورة التي أثارت اهتمام الأكاديميين الفرنسيين ممن زاروا مغارتها، أين كانت تعبد الله على طريقتها حسب ما يروي أهل المنطقة على الرغم من محاولات العديد من الرحالة تعليمها الطريقة الصحيحة للصلاة، وقد دونت قصتها بمؤلفات نالت الاهتمام، كما زارتها مؤخرا جمعية فرنسية حملت اسم العجوز الأسطورة “ميمونة” لما لها من إيحاء ومعاني لامرأة عابدة لله كانت تجيب في كل مرة أن “ميمونة تعرف ربي وربي يعرف ميمونة” لتبقى مغارة ميمونة إلى يومنا هذا قبلة للزوار والمهتمين، وتضاف المغارة إلى مغارات أخرى لا تقل شأنا وجمالا أبهر الخالق في سحرها، ولكل منها حكاية ترويها قد تختلف من زائر إلى آخر، وكلها تعاني من الإهمال على الرغم من وعود تتجدد كلما تجددت زيارات المسؤولين لها.

 

منطقة الفنادق… راحة السياح وتعارف العائلات

تستقطب منطقة الفنادق وعلى مدار أيام السنة، أعدادا متواصلة من السياح الأجانب والمحليين، طلبا لإقامة هادئة تبعث السكينة وتفتح المجال للخروج لاكتشاف عدة مواقع سياحية، يستلزم الوقوف عندها زيارات متكررة، ويعتبر كل من زار تيكجدة من الأجانب أن مناظرها قد لا تتكرر ببلدان أوروبية أخرى، وهو ما تحسد عليه الجزائر بصفة عامة والبويرة بصفة خاصة، في انتظار بعث مشاريع تزيد من جمال وإنعاش المنطقة، والجميل أيضا أن عائلات من ولاية البليدة صاحبة جبال الشريعة الشامخة، يأتون إلى تيكجدة ربما للتنويع أو لمقارنة بين مزايا الموقعين،
خاصة و أن الموقع الخلاب له ميزة التكتم عن سحره لزائره للوهلة الأولى، وهو ما تؤكده الزيارات المتكررة لأهل المنطقة القاطنين بها، الذين يحبذون تناول وجبة الغذاء أيام الصحو بين أحضان تيكجدة، حيث تنتقل النسوة إلى هناك ويقطعن المسافة راجلات محملات بالزاد وأصبحن يستغلن الفرصة للعمل كدليل سياحي للغرباء الذين يقصدون المنطقة، كما أن منطقة الفنادق وباعتبارها بوابة تيكجدة، قد تفتح لك المجال للتمتع بجمال وسحر أعالي الجبال المتاخمة للمنطقة ومفترق طرق لاكتشاف المواقع السياحية التي لا تظهر للعيان، إلى جانب إتاحة تيكجدة فرصة لقاءات تعارف بين العائلات التي تقصد المكان من كل حدب وصوب وحتى تبادل المأكولات، والملاحظ أيضا أن حركة السياح المتواصلة ساهمت في إنعاش حرفة بيع الأواني التقليدية الخاصة بالمنطقة، التي يكون اقتناءها إما اهتماما بالتقاليد أو مجرد الاحتفال بها كذكرى حملت أسماء وأحرفا للإناث والذكور قد تثير فضول شريحة أخرى من الزوار.

بعد الوجهة السياحية.. تيكجدة وجهة ثقافية وتراثية بامتياز

يعتزم القائمون على ولاية البويرة ليس بجعل منطقة تيكجدة موقعا ليس سياحيا فحسب، بل أثريا، ثقافيا وترفيهيا، بتنظيم الطبعة الأولى لمهرجان تيكجدة، ويرغبون في ترسيمه كمهرجان سنوي مثل مهرجان تيمقاد وجميلة، وذلك استغلالا للمؤهلات التاريخية والأثرية التي تزخر بها المنطقة، وكذلك استقطابا لأكبر عدد ممكن من السياح، كما كسر هذا القرار جدار الصمت والتهميش الذي طال هذه المنطقة، ولتكذيب من كان يشك في أمنها، فكانت الطبعة الأولى وحتى التجريبية منها التي افتتحها العديد من كبار الفنانين في مختلف الطبوع الغنائية الذين انبهروا بهذا الموقع ووعدوا بزيارات انفرادية، كما أن هذا المهرجان سينفض الغبار ويغير نظرة أن تيكجدة مقصد للمنحرفين والسكارى.

لمياء. ب