وجدت مهنة “جليسات الأطفال” كحل بديل للروضة، بالنسبة للمرأة العاملة والتي لم تجد في رياض الأطفال ما يناسبها سواء ما تعلق ببعدها عن منزلها أو السعر الباهض، وفي بعض الأحيان ولظرف ما تفضل الأمهات جلب الجليسات إلى المنزل بدل أخذ الأطفال عندهن. خاصة إذا لم يكن للعاملة أم أو حماة قادرة على تحمل مسؤولية هذا الصغير، رغم استياء الأم وتذمرها لأن ابنها سينشأ على طريقة مغايرة لتربية أهله، خصوصا أن من تمتهن تربية الأطفال في البيت لا تكتفين بصغير واحد فمنهن من تتحمل مسؤولية ثلاث أو أربع أطفال.
الأمهات يتخوفن من انعدام الضمير
تفضل معظم الأمهات العاملات، ترك الصغير عند إحدى قريبات الطفل سواء كانت الجدة العمة أو الخالة، هذا ما أكدته “نوال” وهي أم لطفلين تقطن ببرج البحري والتي روت لنا ما عانته في السابق بسبب المربيات وقالت “كنت أترك ابني طارق وهو دون العامين من عمره عند إحدى الجارات، ويبدو أنها كانت تخوفه باستعمال أصوات غريبة، حيث فهمت ذلك من كلام ابنها، وفي اليوم الموالي وكالمعتاد قصدت المربية وتركت ابنها عندها، إلا أنهاعادت قبل موعدها المعتاد لاستعادته، ففاجأها ما رأت، حيث وجدت ابنها نائما لوحده في البيت وبابه مفتوح، كما كان على المائدة بقايا الطعام ومنها صحن فلفل حار، فوجدت أن ابنها محيط بالكثير من المخاطر، فبكت طويلا على ذلك المنظر، وانتظرت المربية حتى عادت فصدمت برؤيتها وبررت موقفها بأنها ذهبت لاستخراج بعض الوثائق من البلدية المجاورة للبيت، ولكن السيدة نوال سحبت منها رعاية ابنها. فيما أكدت “آسيا ” وهي أم لأربعة أطفال صعوبة المرحلة الأولى لتربية الأطفال قائلة “ظل كابوس مفارقة صغيري يراودني طول فترة النفاس، وأظن أنه ليس هناك أسوأ من شعوري وأنا أترك رضيعي الذي لم يبلغ شهره الرابع عند المربية، وبالرغم من أنها جارتي منذ سنوات، إلا أن تحملها مسؤولية أربع أطفال في نفس الوقت بغض النظر عن طفلها البالغ من العمر سبع سنوات، يجعلني قلقة طوال اليوم على ولدي، فمن المستحيل أن تقدر لوحدها على الاهتمام بهم جميعا، إلا أنه لا خيار أمامي ولا أفضل تركه عند مربية أخرى تقطن بعيدا خوفا عليه من تقلبات الجو، خصوصا أنني لا أملك سيارة خاصة، وقد كنت سابقا أترك أخوته في نفس البيت، ولكن بمجرد بلوغهما ثلاث سنوات سجلتهما في حضانة، لوجود العديد من المربيات فيها وأيضا لقيامهم بمختلف النشاطات عبر ساعات اليوم فيتعلمون الرسم والكتابة ويلعبون في أمان، وانتظر بفارغ الصبر أن يكبر صغيري ويلتحق بها أيضا”.
جليسات الأطفال: ما نتلقاه لا يضاهي حجم أتعابنا
تتواجد جليسات الأطفال، عند أبواب المدارس، فليس كل مرافقة للطفل هي أمه وهو سهل علينا لقاءهن، وعند حديثنا إليهن أجمعن على صعوبة مهنتهن وعدم تلقيهن أجورا تتناسب مع تعبهن، ربيعة قالت إن الأطفال الذين ترعاهم يرهقونها وفكّرت في كثير من الأحيان، التوقف عن هذه الممارسة، التي تعتبرها فعل خير أكثر منها مهنة، مشيرة أنها تخسر وقتها مقابل بعض المال الذي لا يضاهي ما تحصل عليه الأم خلال عملها، وفي الصدد ذاته قالت إحدى الجليسات، أن مهمتها متعبة للغاية فهي تتولى رعاية خمسة أطفال وتضطر إلى اصطحابهم للمدرسة كما تشرف على أكلهم ومشربهم، وهو أمر جدّ متعب ولا بد من مكافأة معتبرة على حدّ تعبيرها.
بين مؤيدة ومغلوبة على أمرها
اختلفت آراء ربات البيوت بخصوص إقبالهن على جليسات غير مختصات في عالم الطفل بعضهن لجأن إلى نساء من معارفهن حتى يرافقن أطفالهن، رغم أنهن يدركن جيّدا أن الظروف لن تكون مريحة للطفل، الذي قد يشكّل مصدر إزعاج يجعل الجليسة، إلا أن النظرة كانت مختلفة بناء على تجربة بعض النسوة، خديجة إحداهن تقول أنها تترك أطفالها الثلاثة عند إمرأة في الخمسينات من العمر، وهي جدّ مطمئنة عليهم لأنها تعرفها جيّدا وتعرف مدى إحساسها بالمسؤولية، كما تعتبر أن النساء الكبيرات في السن مؤهلات أكثر من غيرهن لأداء هذه المهنة، وهناك من تعتبر أن هذه المهنة وسيلة من أجل تحقيق بعض الربح، فيما لا يزال الأمر مرفوضا لمن تخاف تحمل مسؤولية الآخرين، حيث عبّرت بعض النسوة عن خطورة مرافقة أطفال الآخرين، معتبرات أنها مسؤولية كبيرة ومن تفتح منزلا لاستقبال أطفال متمدرسين تحتاج إلى رخصة قد تنقذها في حال تعرض الطفل لمكروه.
ل.ب